الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ممكن؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فن الممكن فى الحياة ومنها السياسة هو فن كسر القيود والتحرر لخلق حياة أفضل.
وهو فن خلق الفرصة لا انتظارها.. واستثمار ما هو متاح لنا من موارد وليس ما ينبغى أن يتاح من موارد.
كل هذا يخلق حياة أفضل للبشر والدول..
ومن هنا سنبدأ معكم فى سلسلة «الممكن»
***
تشكل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف، وبغض النظر عن الجدل الذى دار حول بعض الأسماء من أعضائه، وتحفظ البعض عليهم، إلا أن الفيصل فى الموضوع هو أداء المجلس والاستراتيجية التى يضعها، والإيقاع الذى يسير عليه فى ظل إرهاب يداهمنا من كل جهة، وخط إنتاج للتطرف لا يتوقف، والذى ينتج فى النهاية إرهابا على كل شكل ولون. ولعل تكون هذه المساحة هى بمثابة عصف ذهنى، أدعوكم فيها إلى طرح أفكار قد تخدم هذا المجلس، سواء بقبول الفكرة أو تعديلها أو لعلها تكون مفتاحًا لأفكار أخرى.
بادئ ذى بدء من حيث الشكل، فمن المؤكد أن رئاسة الرئيس السيسى لهذا المجلس ستعطى له ضمانة الجدية والتفعيل، جدية باقى الأعضاء وتفعيل قرارات المجلس. 
أما عن السادة الأعضاء فمن المؤكد أن كل وزير أو شخصية عامة سيكون له فريق عمل معاون يستطيع الإسهام بورقة عمل تساهم فى تقديم رؤية خاصة بوزارته - الحديث هنا عن الوزراء الأعضاء تحديدًا - لمكافحة التطرف والإرهاب، ومن ثم فلا بد من اختيار دقيق لهذا الفريق بعناية شديدة، وأن يكون كل فرد فيه بعيدا عن الفكر الوظيفى العقيم، ولديه قناعة شديدة ووعى أشد بما تمر به البلاد من حرب حقيقية فكرية قبل أن تكون أمنية!
ولا بد أن يكون دارسًا لجذور هذا التطرف الذى يؤدى إلى الإرهاب ولديه ثقافة كافية تجعله يطرح حلولًا ابتكارية لإيجاد أفضل الحلول فى أسرع وقت، فالانتصار فى الحروب لا يأتى إلا من خلال أفضل القرارات من أفضل الأفكار فى أنسب وأسرع الأوقات، وقد تكون الحلول صادمة فى طرحها ولكنها ضرورية، ألم يكن على سبيل المثال حزمة قرارات الإصلاح الاقتصادى من رفع الدعم أو تحرير سعر الصرف قرارات صادمة ولكنها ضرورية وحاسمة؟
هكذا ينبغى أن تؤخذ القرارات فى هذا المجلس، ولهذا الملف، وسأبدأ هنا بأولى الأفكار التى أدعوكم أن تفكروا معى فيها والتى ستكون صادمة للبعض، كما سأبدأ بوزير التربية والتعليم كأحد الأعضاء بالمجلس الذى يقع على كاهله - بلا شك - عبء شديد فى هذا الملف (التطرف)، دعونا نعترف بمقولتنا الشهيرة بأننا شعب متدين بطبعه! وهذا حقيقى من حيث الشكل فقط، بمعنى أن هناك فارقا كبيرا بين التدين والإيمان، فالتدين هو أن نمارس ما هو شكلى من طقوس، ولكن أفعالنا بعيدة كل البعد عن المبادئ السامية للأديان، أما الإيمان فهو أن أفعالنا تتسم بتلك المبادئ حتى لو لم تر الناس طقوسنا. 
وأكبر دليل على هذا أننا ندرّس التربية الدينية لشبابنا وأطفالنا، ومع ذلك تتصدر مصر أعلى نسب التحرش ومشاهدة مواقع «البورنو» والإدمان فى عمر الشباب! 
بل إن الشغب وعدم احترام التلميذ لأساتذته واستخدام الأسلحة البيضاء داخل المدارس لنا فيهم الصدارة أيضًا، والأهم من ذلك - أو قل الأمرّ من ذلك - أن حصة الدين قد تكون البذرة الأولى فى التطرف!
طبعا اتصدمت، لكن قبل أن ترفض أو تلعن أو تسب تعال نعمل العقل ونفكر معا.
عندما تعزل طفلا صغيرا منذ نعومة أظافره عن زميله فى الفصل، فأنت قد بدأت فى وضع قواعد أساسية لعدم قبول الآخر، وستبدأ أسئلة لا نهاية لها عند كل طفل. 
ثانيًا من الذى يقوم بتدريس الدين؟ هل تعرف توجهاتهم؟ هل تضمن فهمهم الصحيح للدين؟ ناهيك عن انتشار جماعات الإخوان داخل التربية والتعليم بشكل يفوق المؤسسات الأخرى. وهذا معلوم للجهات الأمنية ومعلوم لوزير التعليم نفسه. 
كل هذا يدعونا إلى أن نعيد التفكير فى تدريس التربية الدينية. 
ستسألنى بغضب: يعنى مانعلمش أولادنا الدين ولا إيه؟ 
بلى... نعلمهم.
إزاى؟ 
أقول لك إزاى علشان كمان نفكر مع الوزير الشجاع فى هذا الشأن، أولا نجعل مادة الدين - التى لا تحتسب درجاتها من الأساس - تابعة للمساجد والكنائس، ويتم التنسيق بين الوزارة والمؤسسات الدينية على المنهج، ويتم اختيار من يقوم بالتدريس من قبل هذه المؤسسات. 
أما المدرسة فنكتفى بتدريس مادة «الأخلاق» لكل التلاميذ دون عزلهم، وهى تجربة تتبعها اليابان فى أول ثمانى سنوات دراسة. وكان الوزير الأسبق حسين كامل بهاء الدين قد فعلها لعام واحد ولا أعلم لماذا ألغيت؟ 
أنت فى نهاية الأمر عايز تربية مش ترضية للمجتمع والأهالى!
وإذا نظرت للأدب الجم الذى عليه الشعب اليابانى فستعلم أن هذه التجربة أحد أهم عوامل أدبهم وتقدمهم، وأعتقد أنها أفضل من تجارب شعوب أخرى تقوم بتدريس كل الأديان لجميع الطلبة من متخصصين، وتترك الإنسان يعلم عن دينه وعن أديان الآخرين، وهذه مرحلة صعبة علينا الآن.
فكل الدراسات تؤكد أن الجهل بدين الآخر يؤدى إلى التعصب والتعصب يؤدى إلى التطرف، وهو نهاية خط الإنتاج الذى يفرز لنا الإرهاب. 
ولأن المجلس يضم شيخ الأزهر والبابا ووزير التعليم، فقد تدخل الفكرة فى حيز الممكن.
ateftv@gmail.com