الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

أولترخ زوينكلي والكتاب المقدس

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قصة المصلح الإنجيلي أولترخ زوينكلي مع الكتاب المقدس
500 عام على الإصلاح الإنجيلي
يعتبر المصلح الإنجيلي "أولترخ زوينكلي" (1484-1531)، أبّ الإصلاح في سويسرا، والرجل الثالث في الإصلاح من حيث الأهمية بعد مارتن لوثر وجان كلفن.
بعد أقلّ من شهرين من ولادة المصلح مارتن لوثر، ولد زوينكلي في 1 كانون الثاني 1484 درس في جامعة فيينا، الفيزياء والفلسفة والآداب الكلاسيكية القديمة.ومن ثم درس العلوم الانسانية في جامعة بازل. وأيضا درس اللغة اليونانية واللاهوت. رسم زوينكلي كاهنًا. في العام 1516، اشترى نسخة من العهد الجديد للكتاب المقدس، وإنكبّ على دراسته، وتعلّق كثيرًا فيه. وقد حفظ غيبًا، كل رسائل الرسول بولس. أكدّ المصلح "زوينكلي"، بأنه لم يتعلّم من مارتن لوثر، عن أهميّة الكتاب المقدس، بل اكتشف أهميته بنفسه. كتب قائلا، "قبل أن يسمع أحد في المنطقة، بالمصلح مارتن لوثر، أبتدأت بالوعظ بإنجيل المسيح. وعندما ابتدأت، لم أعرف باسم مارتن لوثر، للسنتين المقبلتين. وبالتالي، لوثر حتمًا لم يعلّمني، بل فقط تبعت الكتاب المقدس". اشترك زوينكلي، مع باقي المصلحين الانجيليين، في إعادة الكتاب المقدس إلى المركز، ورفض عقيدة الخلاص بالأعمال، مناديًا أن الإنسان، انما يتبرر بإيمانه بعمل المسيح الفدائي على الصليب. آمن باستقامة كلمة الله وفساد وكذب الانسان، مؤمنًا أن الله وحده هو الحق. وهكذا صار يعظ من الكتاب المقدس، مستخدمًا أسلوب "الوعظ التفسيري" المباشر، الذي يعتمد على تفسير نصوص الكتاب المقدس، وشرح الحقائق الروحية التي تعلّمها النصوص الكتابية، قائلا: "أريد أن أفسّر الكتاب المقدس، وليس آراء الناس". كان يعظ في الأسواق أيام الجمعة، حتى تسمع الناس الآتية من القرى، كلمة الله. وعظ عن التوبة وغفران الخطايا، واعترف بخطاياه علنًا أمام الشعب. وعظ عن المحبة الأخوية التي تبني جماعة الايمان. وعظ كل أسفار العهد الجديد بالتسلسل، مبتدئًًا من بداية إنجيل متى، وحتى نهاية رؤيا يوحنا اللاهوتي، الأمر الذي استغرق 6 سنوات، لجعل رسالة الكتاب المقدس، تعلن مجد الله وابنه يسوع المسيح، وتؤدي الى خلاص النفوس.
إن دراسة ومعرفة "زوينكلي" للكتاب المقدس، فتحت عينيه لتمييز كل الخرافات والممارسات والعقائد التي لا تنسجم مع تعليم الكتاب المقدس. وقبل أن يهاجم، مارتن لوثر ممارسة بيع الكنيسة لصكوك الغفران، في بنوده الـ 95 في ألمانيا، أدان وانتقد "زوينكلي" بشدة تلك الممارسة، في سويسرا. قال لبائعي صكوك الغفران، "الذي يغفر أية خطية من أجل المال، هو رفيق لسيمون الساحر، وبلعام. فالنعمة لا تشترى ولا تباع". بسبب انجذاب الناس لوعظه، منحه الناس لقب "كاهن الشعب". لكن لم ينضج لاهوت "زوينكلي" المصلح، إلا بعد قراءاته لكتابات المصلح مارتن لوثر في العام 1518.
انتقل زوينكلي الى مدينة زوريخ عام 1519. لخّص رؤيته للاصلاح، بكتابته 67 بندًا إصلاحيًا. أثناء خدمته زوريخ، أصيب سكان المدينة بمرض الطاعون، إذ مات ثلث السكان. فاتخذ موقفا رعويا مميزا، اذ اختار ألاّ يترك المدينة، بل بقي الكاهن الأمين لها، يعتني بمرضاها والذين يموتون فيها. وقد انتقلت عدوى المرض إليه، فأصيب بالطاعون، وكان على وشك الموت. إلاّ أنه استعاد صحته بعد ثلاثة أشهر، وقد أثّر اختباره هذا في تقوية ثقته بالهه ليكرس حياته له بشكل أكبر. إن تضحية "زوينكلي"، ببقاءه في المدينة، وسط المرض والموت، لقيت تقديرًا وإحسانًا كبيرًا من قبل سكان مدينة زوريخ.
من المحطات المميّزة في إصلاح "زوينكلي"، تقديمه لمفاهيمه الاصلاحية، في قاعة مدينة زوريخ العامة، بحضور 600 شخص. فبعد انتقاد بعض سكان المدينة، لوعظ "زوينكلي"، الذي ينتقد فيها الممارسات والتقاليد والعقائد، التي لا تنسجم مع الكتاب المقدس، دعا مجلس المدينة عام 1523 زوينكلي، ليقدّم مفاهيمه الاصلاحية في مناظرة عملية، حضر فيها: قادة المدينة، وممثلون عن الكنيسة، وعامة الشعب. في تلك المناظرة، قدّم وجهات نظره، المتضمنة في بنوده الاصلاحية. وبعد انتهاء النقاش والمناظرة. ونظرًا للانطباعات الجيدة التي تلقاها من حكام المدينة، قرّر مجلس المدينة، الطلب من "زوينكلي"، الاستمرار في الوعظ بكلمة الله. وقد أصبح رئيس بلدية المدينة، من الداعمين الأساسيين لإصلاح "زوينكلي". في العام 1525، أقيمت خدمات العبادة الانجيلية المصلحة في المدينة زوريخ. ركّز "زوينكلي" في اصلاحه، على مسائل روحية وعملية وقضائية، شكّل المؤسسة الاجتماعية التي تميزت فيها زوريخ. والتي هي "محكمة الزواج"، التي كانت من الأمور الجيدة آنذاك، إذ سمحت لحكام المدينة والقسوس، بتحمّل مسؤولياتهم معا، بالاشراف على الحياة الاخلاقية في المدينة. وبسرعة انتقل الاصلاح، من زوريخ الى المناطق القريبة التي تُحكَم من قبل زوريخ، والى بعض الكونتونات التي تتكلم اللغة السويسرية-الألمانية، مثل برن، وبازل. 
مات زوينكلي عام 1531، وخلفه المصلح "هينريخ بولينغر"، من عام 1531 وحتى العام 1575. فجمع تراث "زوينكلي" الروحي، الذي كان أساسًا صلبًا بني عليه، لاستمرار الإصلاح في مناطق أخرى. وضع "بولينغر أفكار ولاهوت زوينكلي، في اعتراف الايمان الذي كتبه عام،1561 والذي يسمى "اعتراف الإيمان الهلفيتي الثاني". وقد تبنّي هذا الاعتراف من قبل الكونتونات السويسرية التي تتكلم اللغة السويسرية-الألمانية. وله السلطة العليا حتى اليوم في الكنائس الإنجيلية المصلحة، بسبب القبول الواسع له.