الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

معركة استرداد الأرض

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المعركة التى تدور رحاها الآن فى كل ركن بمصر المحروسة من أجل استرداد الأرض المنهوبة، أراها واحدة من أشرف المعارك التى يمكن الدفاع عنها بضمير مستريح، وقد سبق لى على مدار سنوات طوال من عملى بالصحافة أن كتبت عشرات التحقيقات عن أراضى الدولة التى ينهبها اللصوص فى وضح النهار وبمباركة من بعض مؤسسات الدولة التى كان العفن يضرب بجذوره فيها.
قضية استرداد أراضى الدولة إلى جانب رمزيتها كعنوان لاسترداد عافية الدولة وكرامتها، أرى أن هذه القضية من الممكن لها أن تكون مفتاحا جديدا لتحقيق العدالة الاجتماعية التى هى واحدة من أهم المطالب الجماهيرية فى السنوات الأخيرة، وذلك إذا ما نجحت الدولة فى إعادة تدوير تلك المساحات بما يحقق مصلحة الدولة ومصلحة المواطن متوسط الحال، وفى ظنى أن الدولة مُجبرة على النجاح فى هذا الاتجاه لتضع نهاية للارتفاع الجنونى فى أسعار الأرض بمصر، ذلك الارتفاع غير المبرر فنيًا والذى صنعه حفنة من الاحتكاريين اللصوص.
قضية استرداد أراضى الدولة لم تبرز فجأة فى تصريح رئيس الجمهورية بقرية المراشدة بالصعيد، ولكن لهذا الملف جذورا قديمة وكلنا يعرف أن المهندس إبراهيم محلب فور تركه رئاسة الوزراء تولى ذلك الملف الشائك، إذن نحن أمام حقائق موثقة لجرائم العدوان على الأراضى ولا مفر أمام ناهبيها إلا بواحد من طريقين إما دفع كامل الثمن بالسعر العادل، وهو ما يثرى خزينة الدولة أو تسليمها بهدوء للدولة لتعمل هى على تطويرها وإعادة طرحها من جديد.
السؤال الذى يلح على ذهن المتابع لهذا الملف هو هل اللصوص سارقو الأراضى استطاعوا سرقتها باعتبارهم سوبرمان أم ساعدهم على ذلك جيش من الموظفين بهيئة المساحة والشهر العقارى والجهات ذات الاختصاص؟ الإجابة بسيطة اللص ليس سوبرمان ولكن دناءة النفس والفساد الذى عشش فى العديد من أجهزة الدولة كان شريكًا فاعلًا ومؤثرًا فى تلك السرقات المتتالية والكبيرة، وعلى ذلك لا يمكن أن يكتمل تحرير تلك الأراضى دون محاسبة كل من سولت له نفسه التلاعب بمقتضيات وظيفته.
قضية الأرض بمصر قضية بالغة الحساسية فالتلاعب بالأراضى يقترب من التلاعب بالوطنية، أتذكر قبل أحداث يناير ٢٠١١ بسنوات كان لى لقاء مع شخصية تنفيذية مهمة بالإسماعيلية وشرحت له خطورة ما يتم من سرقة أراض بشرق القناة على يد أمين الفلاحين بالحزب الوطنى الذى كان عضوا بالبرلمان، وخطورة تصرفات ابن ذلك البرلمانى، يومها ضرب المسئول التنفيذى لخمة وأجاب فيما معناه «والنعمة ما أنا.. دى منى أختى»، وهناك واقعة ثانية فى لقاء لى مع محافظ الإسماعيلية وطلبت منه فقط أن يفتح شباك مكتبه لكى يرى منه الاعتداء على مساحات شاسعة سرقها ممول انتخابات الحزب الوطنى ليبنى عليها أبراجًا، وكالعادة المحافظ كانت له أذن من طين وأخرى من عجين، ليس هذا فقط بل عندما نشرت ما عندى متهما اللص بالسرقة، لم يجد أمامه إلا رفع دعوى قضائية ضدى يتهمنى بسبه وقذفه، حصلت على براءة فيما بعد، ولكن كان هذا هو واقع الحال بمصر، ومن هنا أكرر بأن استعادة أراضى الدولة هى استعادة لكرامتنا التى أهانها اللصوص على مدار عشرات السنوات.
لن أتجه فى مقالى هذا إلى رصد أرقام ومساحات، ولن أتداعى مع قوائم وهمية صدرت بأسماء بعض الناس فالأرقام والقوائم نعرف أن نصفهما أكاذيب لذلك سوف أتابع عن قرب النتائج التى سيعلن عنها نهاية هذا الشهر لنعرف ونتأكد أن مصرنا على الطريق السليم، لنعرف ونتأكد أننا نحارب وسننتصر.