رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الذئاب المنفردة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«الإرهاب المتجول..الذئاب المنفردة.. الخلايا المتيقظة.. ملاك العبيد..وغيرها من المترادفات والأوصاف التى يحاول تنظيم «داعش» بإطلاقها لفت الأنظار إلى عملياته الخسيسة وغزو وسائل الإعلام بها.
وقد وجد أحفاد التتار المعروفين بـ«داعش» فى إطلاق الشعارات والمسميات وآخرها «الذئاب المنفردة» متنفسًا جديدًا للادعاء بوجود انتصارات، ورفع الروح المعنوية بين أتباعه، وإلهام عناصر جديدة للانضمام للتنظيم.. بعد تزايد الضربات العسكرية والإخفاقات والهزائم التى يتعرض لها فى العراق وسوريا ومصر، وتنامى معدلات الإحباط داخل صفوف أعضائه، وانسحاب التنظيمات التى أعلنت الولاء له ولدولته. 
و«الذئاب المنفردة» هم مجموعة الأشخاص الذين يقومون بعمليات مسلحة بوسائل مختلفة بشكل منفرد بدوافع عقائدية أو اجتماعية أو نفسية أو حتى مرضية دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظيم ما، ومن دون أن يكون له ارتباط مباشر بشبكة على الأرض المستهدفة. لتنفيذ عمليات إرهابية داخل المنطقة وخارجها، وذلك ردًّا على الضربات العسكرية التى تقضى على «دولة الخلافة»، التى أعلنها التنظيم فى يونيو ٢٠١٤.
ولا ترتبط ظاهرة «الذئاب المنفردة» فقط بالتنظيمات الإرهابية،- وفقا لدراسة نشرها مركز دراسات المستقبل بالإمارات - وتذهب إليه معظم التحليلات والكتابات الغربية، ولكنها ظاهرة مارستها كل الحركات المتطرفة من جميع الانتماءات والمشارب للتعبير عن غضبها من ممارسات حكوماتهم. ويمثل منفذو الهجمات الإرهابية الفردية خطرًا أكبر يفوق ذلك الذى تُمثِّله التنظيمات الإرهابية المعروفة (مثل: تنظيم «داعش»، أو «القاعدة»)، لا سيما وأن الأجهزة الأمنية الغربية ذات الكفاءة (الفنية والبشرية) لا يمكنها التنبؤ بتلك الهجمات، مما جعل منع «الذئاب المنفردة» من تنفيذ عملياتها الإرهابية هو التحدى الأكبر أمام تلك الأجهزة فى الدول الغربية.
وتتزايد خطورة ظاهرة «الذئاب المنفرد» لأنها تقوم على التمويل الذاتى، فهى لا تحتاج إلى الحصول على التمويل من منظمات إرهابية معروفة يسهل إيقافها أو تتبعها، فضلا عن تجاوزها إشكالية التواصل والدعم اللوجيستى من التنظيمات الإرهابية الكبيرة. وتتعاظم خطورتها فى أنها تعتمد فى تنفيذ هجماتها على مواد متوافرة فى السوق يسهل الحصول عليها بدون إثارة الهواجس الأمنية حول مقتنيها.
وتدفع القوانين الغربية إلى تنامى ظاهرة «الذئاب المنفردة»، لا سيما وأن قوانين بعض الدول تبيح حمل السلاح وتسهِّل الحصول عليه، كما هو الحال فى الولايات المتحدة الأمريكية. بالإضافة إلى تأكيد قوانين الدول الغربية على ضرورة احترام خصوصية المواطنين، وعدم مراقبتهم إلا فى ظل ظروف استثنائية، وهو الأمر الذى يُشكِّل بيئة خصبة لتنامى مخاطر «الذئاب المنفردة»، واعتماد التنظيمات الإرهابية عليهم لتنفيذ هجمات إرهابية تثير ذعر المواطنين بعيدًا عن مراقبة الأجهزة الأمنية بتجنيد أشخاص ليس لهم سجل يؤشر إلى إمكانية تنفيذهم هجمات إرهابية، أو الانضمام إلى تنظيمات متطرفة.
وكشفت أمريكية عن أن العديد من الأشخاص المتعاونين أو المتعاطفين مع داعش والذين يعرفون إعلاميا بـ «الذئاب المنفردة» يتلقون تشجيعا وتوجيها عبر الإنترنت من التنظيم لتنفيذ هجمات يمكن له لاحقا تبنيها، وذلك بعد تراجع قدرة التنظيم على تنفيذ هجمات كبيرة. 
وجاء فى الدراسة -التى أصدرها ألكسندر هيتشنز وسيموس هيوز الباحثان فى «البرنامج حول التطرف» بجامعة جورج واشنطن- أن ثمانية مشاريع هجمات على الأقل من أصل ٣٨ خطّط لها أو نفذت فى الولايات المتحدة منذ ٢٠١٤، دبرها أو نفذها أشخاص أعدهم «مدربون افتراضيون» عبر الإنترنت تابعون لتنظيم الدولة.
وقال هيتشنز إن «المدربين الافتراضيين» يعملون بصورة مستقلة للتخطيط لهجمات دون إشراف من قادة تنظيم الدولة، مستخدمين شبكات التواصل الاجتماعى ومواقع الرسائل المشفرة.
وعلى الرغم من هذه الصعوبات، فإن المؤسسات الأمنية باتت تعتمد على آليات متعددة لمواجهة ظاهرة «الذئاب المنفردة»، تتراوح بين تبنى استراتيجية تقوم على عزل «الذئب المنفرد» وجعله وحيدًا بعيدًا عن الاتصال بالجماعات الإرهابية، وضرورة تتبع الأجهزة الأمنية للحسابات الإلكترونية للجماعات الإرهابية، ومراقبة مستخدميها بانتظام، وتعليق حساباتهم عند الضرورة، واستباق التهديدات من خلال رصد وتفكيك دوائر الاستقطاب والتدريب، ومنع المتطرفين من امتلاك أدوات تنفيذ الهجمات.
إن عودة تمدد استقطاب الخصوم فى منطقة الشرق الأوسط، فى الآونة الأخيرة، زاد من التدخلات الأجنبية والخارجية ،وتوسعت ميليشيات التطرف، ويرجع ذلك إلى اعتبارات رئيسية عديدة، يتمثل أبرزها فى الانتهاكات التى ترتكبها بعض الأنظمة السياسية الحاكمة، واستمرار السياسات التدخلية من جانب بعض القوى الدولية والإقليمية، وتصاعد الأدوار السياسية والعسكرية التى تقوم بها فى مناطق الصراع، والتأثيرات السلبية لسياساتها على حالة الاستقرار فى بعض الدول، واتساع نطاق الخلاف فيما بينها حول بعض القضايا الداخلية والإقليمية.. وكل هذا جعل من بلدان المنطقة مرتعا للذئاب «الداعشية «التى يجب اصطيادها فورا.