الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الكاتب المسرحي العراقي علاء الجابر في حواره لـ"البوابة نيوز": ليس للمسرح العربي وجود في خريطة العالم.. ومصر من الدول الرائدة فنيًا بين شقيقاتها

الكاتب المسرحي الكويتي
الكاتب المسرحي الكويتي علاء الجابر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مسرح مصر أقل من أن يقارن بتجربة التليفزيون المصري في الستينات
قليلون هم المسرحيون الذين يهتمون بمنح خبراتهم للآخرين، وبالتحديد الفنانون الصغار، الذين يخطون أولى خطواتهم فى المسرح. الكاتب المسرحى العراقي، علاء الجابر، واحد من هؤلاء، فرغم باعه الطويل فى الكتابة المسرحية التى أثرى بها المسرح العربى، إلا أنه لم يكف عن توريث خبرته للفنانين الشباب، حيث إنه دائم تدشين سلاسل فى ورش الكتابة المسرحية فى مختلف أنحاء الوطن العربى.
الجابر، عقد سلسلة ورش فى مصر، وشارك فى العديد من الفعاليات، حول هذه الفعاليات التقت «البوابة» به، وإلى نص الحوار: 
يبقى المسرح المصرى، الرائد فى المنطقة، لا أقصد هنا الريادة التاريخية، بقدر ما أعنى سطوة التأثير، فهو بمثابة الأب الذى أثر فى معظم المسارح العربية، حتى وإن تنكر له البعض
■ أنت تحمل تشكيلة ثقافية فريدة جدا.. مولود بالعراق، درست فى القاهرة وهولندا وتعيش فى الكويت، كما أنك تكتب مسرح أطفال، وأغانى، ورواية وقصة، وتلفزيون، فهل هذا ما خلق بداخلك هذه الحالة من الثراء الفكرى، أم توجد أسباب أخرى؟.
- برأيى أن الحياة بما فيها من تفاصيل مدهشة أعمق من أية معلومات، يمكن للمرء أن يحصل عليها، فبين بيوت أزقة البصرة، المدينة العريقة القديمة تعلمت أولى أبجديات الحياة، وفى شوارع الكويت الحديثة تعرفت على ذاتى، وتفتحت براعم الحب والشعر، وبين حوارى مصر العبقة بالتاريخ عرفت أبناء البلد على سجيتهم، وتعلمت منهم كيف تعاقر الزمن وتغلبه رغم قساوته، وفى قاعاتها الدراسية ومكتباتها اكتسبت المعرفة، القاهرة طبعت تضاريسها الفنية والأدبية والعلمية على جلدى، حتى متابعتى اليومية للإذاعة المصرية فى ذلك الوقت وبرامجها مثل «قل ولا تقل» و«زيارة لمكتبة فلان» وبرامج عديدة شكلت ذائقتى، المسارح التى كنت أقف على بواباتها، أتحين الفرصة لالتقاط مشهد مسرحى، يظل عالقا فى ذهنى لسنوات، ولقاء مع فنان أتذكر تفاصيله حتى الآن.
أما هولندا الساحرة، فأعادت ترتيب إنسانيتى وتعاملى مع البشر، وهذبت سلوكياتى، وأتاحت لذائقتى مسارات جديدة فى فضاء الفن العالمى، وكان لأمريكا الحداثة، دورها فى حقنى بالدهشة والمفاجآت والاكتشاف اليومى، وكل ما هو غرائبى، وغير مألوف، وحفرت بقية المدن التى تجولت بها عوالم من المعرفة، الاكتشاف، المتعة، والخبرات.
■ بما أنك قد احتككت مع المسرح الغربى والمسارح العربية فى آن واحد، هل المسرح العربى له وجود على الخريطة المسرحية الدولية؟ أم نستطيع أن نقول إنه حتى الآن فى مرحلة إرهاصات؟.
- لاشك أن هنالك محاولات فردية قام بها بعض العرب المغتربون فى تلك البلدان، لكنها لم تشكل ظاهرة تُرصد أو تُؤثر على مسار الناقد أو المتفرج الغربى، حتى المهرجانات التى نقيمها وتشارك فيها العروض الأجنبية، غالبًا ما تنتهى بانتهاء المهرجان، لأننا ليس لنا مكان فى الغالب فى مهرجاناتهم، وإن وجد فهو مكان قصى لا يلتفت إليه أحد، دعنى أقول دون تردد، إننا ومع كل ما قدمنا فى المسرح نظل غير مؤثرين دوليًا، حتى مع دخولنا فى عضويات دولية عديدة، فرحنا لها من باب المحبة للشخوص العربية التى وصلت إليها، لكن مكانتنا لم تتغير أبدا فى خارطة المسرح العالمى.
■ هل أنت مع وجهة النظر التى تدعم فكرة تأصيل المسارح العربية من خلال الأشكال القديمة مثل «الراوى والسامر وخيال الظل»؟ أم أن المسرح غربى وسيظل غربيًا؟
- أعتقد أن الأمر لم يتجاوز كثيرا حدود الإرهاصات المسرحية، لا شك أن هناك محاولات عربية جادة لتأصيل المسرح لا يمكن نكرانها، لكنها لم تستمر، كما أن معظمها ظل يقدم ضمن أطر غربية. 
لا بأس من أن نوثق تلك الإرهاصات والتجارب تاريخيا ونقدمها فى جامعاتنا ومعاهدنا كنوع من إقناع الذات بأننا أنجبنا أيضا مولودًا مسرحيًا مثل بقية الأمم، لكن على الجانب الآخر لا بد ألا نغيب الحقائق، ودعنا نتساءل بكل وضوح: لو أن العرب عرفوا المسرح منذ القدم، فأين هى مسارحنا؟.
حتى المدرجات المسرحية التى نجدها اليوم فى تونس وسوريا والأردن هى مدرجات بناها اليونانيون والرومان، ولم تكن عربية يوما ما، المسرح غربى وغريب عنا، ولا أعتقد أنه من العيب ألا يكون لنا تاريخ فى مجال المسرح.
■ وماذا عن المسرح المصرى، أين هو على الخريطة المسرحية العربية؟ 
- رغم النكسات التى تمر به بين حين وآخر، إلا أن دأبه دأب كل مسارح الوطن العربى، يبقى المسرح المصرى، المسرح الرائد فى المنطقة، لا أقصد هنا الريادة التاريخية، بقدر ما أعنى سطوة التأثير، فهو بمثابة الأب الذى أثر فى معظم المسارح العربية، حتى وإن تنكر له البعض، وأعتقد بأن الرهان الحقيقى فى المسرح المصرى اليوم، على جيل الشباب، الذى لا بد أن يقوم بخلق توليفة بينه وبين جيل الكبار.
■ ما رأيك فى عودة مسرح التلفزيون التجارى مثل مسرح مصر وتياترو مصر؟
- إلا أننى أرى أن تلك التجربة اختزلت المسرح فى الجانب الكوميدى فقط، باعتباره التوجه الوحيد فى كل العروض دون النظر إلى قيمة أو أهمية ما يقدم، كما أن هذه التجربة باتت توجه عروضها للجمهور البسيط الذى لا يهمه المسرح من الأساس بقدر ما يهمه أن يضحك.