الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإرهاب ليس وقفًا على مصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قُتِلَ ٢٤ قبطيا وجُرِحَ ٤٩ آخرون وهم يصلون داخل كاتدرائية فى القاهرة بعد أن فجر إرهابى نفسه وهو يحمل ١٢ كيلوجراماً من مادة «تى إن تى» الشديدة الانفجار. الرئيس عبدالفتاح السيسى أدان التفجير والحكومة أعلنت ثلاثة أيام حداداً على الضحايا. هذا جيد إلا أنه لا يعيد الموتى إلى الحياة، فالمطلوب مضاعفة الجهود لاستئصال الإرهاب. فى الوقت نفسه، قُتِل عشرات الأتراك فى إرهاب بجوار ملعبى كرة قدم. وقبل أيام قتل إرهابيون ستة من رجال الشرطة المصريين، لا بد أنهم كانوا جميعاً من المسلمين السنّة. الإرهاب لا دين له ولا عقل ولا رحمة، فهو يقتل فى سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها، وعادة ما يكون الضحايا من المسلمين. سكان حلب، فى غالبيتهم العظمى، من المسلمين، والإيزيديون فى العراق قوم مستأمنون، وواجب الدولة المسلمة حمايتهم، والأقباط فى مصر لم يحاربوا النظام يوماً، بل رحبوا بقدوم الرئيس السيسى، فقد شهدوا فى سنة ٢٠١٣ اعتداءات على الأفراد والكنائس، وأقام الرئيس السيسى علاقة صداقة مع البطريرك تواضروس ما يفسر أن أقباطاً كثيرين بعد التفجير الإرهابى أعلنوا أنهم لا يزالون يؤيدون الرئيس والحكومة.
بعض المصلين من الجرحى شكا من عدم وجود حراسة كافية، فمع اقتراب الأعياد كان عدد الحاضرين عالياً وجماهير من الناس تدخل الكاتدرائية وتخرج منها من دون تفتيش. يفترض أن يكون النصارى فى أمان فى بلاد المسلمين، فالنص القرآنى لا يوجد مثله فى العهد الجديد الذى يتبعه المسيحيون من كل الطوائف. القرآن الكريم يقول عن مريم «والتى أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين»، وأيضاً «إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين»، ثم هناك «ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى». كل هذه الأقوال وغيرها غير موجودة فى كتب المسيحيين فأزيد عليه عهدة رسول الله إلى نصارى نجران والعهدة العمرية لنصارى القدس. الرئيس السيسى دعا المصريين المسلمين والمسيحيين إلى التكاتف والتعاضد لهزم الإرهاب. هذا ضرورى ولكن المطلوب أيضاً جهد أمنى أكبر فى مكافحة الإرهابيين، فما فائدة أن تبنى الدولة ألف مشروع فى محافظة الوادى الجديد، والمصريون يُقتَلون سواء كانوا رجال شرطة أو مصلين فى كنيسة. الناطق باسم الكنيسة القبطية الأب بولص حليم قال إن الإرهاب جرح المصريين جميعاً، فهو تجاوز الأقباط ليصيب كل أهل مصر. الإرهاب ليس وقفاً على مصر، فالإرهابيون من داعش وغيره يعملون فى سوريا والعراق، وقد وصلوا إلى ليبيا وغيرها. هم دُحِروا فى حلب وأسمع أنهم عادوا لدخول تدمر، وهى من الإرث الحضارى العالمى. متى يُهزَمون فى الرقة وغيرها وتخرج سوريا من مأساة لم يتوقعها أحد؟ السورى اليوم ضحية بطش النظام وإرهاب المعارضة، ولا أعرف متى تنتهى المأساة، إلا أننى أعرف أن هناك مثلها فى بلدان عربية كثيرة، والإرهاب لن يُهزم بمجرد الكلام، وإنما بالتخطيط الذكى مع قوة السلاح. القيادة أو البداية يجب أن تكون من مصر، فهى تعرضت لموجات من الإرهاب فى العقود الأخيرة، واستطاع النظام القضاء على المخططين والمنفذين مرة بعد مرة. الرئيس السيسى يحظى بتأييد غالبية عظمى من الشعب بعد كارثة السنة التى أدار فيها الإخوان المسلمون الحكم، وحاولوا الانفراد بالسلطات الثلاث. كل محاولات البناء ستنتهى إلى لا شيء إذا استمر الإرهاب. أعتقد أن النظام فى مصر قادر على إنقاذ البلد من خطر محدق إذا ضاعف الجهود لحماية المصريين جميعاً من إرهاب يخدم إسرائيل وحدها. هى وهم وجهان لعملة واحدة.
نقلاً عن «الحياة» اللندنية