الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كلهم يعملون لصالح لبنان!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما الذى تغير فى لبنان؟ ومَنْ الذى تغير؟ 
الواقع أنه لا تغيرات كبيرة على الساحة الداخلية حتى بعد انتخاب رئيس. صحيح انتخاب الرئيس خطوة للأمام طال انتظارها، لكن الأسئلة الساخنة ما زالت مطروحة، والمخاوف ما زالت قائمة. 
الرئيس ميشال عون، حليف أكبر وأساسى لحزب الله. سمير جعجع، زعيم حزب القوات، انتهى به المطاف إلى تأييد عون، فى صفقة تحالف كان مضطرًا إليها. قبل سنتين، وصف جعجع عون بحليف حزب الله السفاح، مع أن سمير جعجع نفسه سفاح. 
اليوم، يقول جعجع أنه على أتم استعاد للتعاون مع عون، مع أن لا عون غيّر سياسته مع حزب الله، ولا جعجع غيّر توجهاته ضد حزب الله. 
سعد الحريرى سيشكل الوزارة، فى رئاسة عون وفى تعاون ظاهر. الحريرى الحليف الأكبر للمملكة السعودية، بينما وحتى أقل من عام مضى، لم تكن المملكة مستعدة لمجرد طرح اسم ميشال عون رئيسًا، حتى لو امتدت الأزمة، وطالت التمنيات. 
فى ذلك الوقت، كان جعجع يحضّر نفسه للرئاسة. طرح جعجع نفسه باعتباره الرئيس المارونى «المعتدل». أشار جعجع إلى المملكة السعودية، عدو حزب الله الأول، معتبرًا أنه حتمًا البديل الأفضل على الأرض من عون حليف حزب الله. 
ناور الحريرى، وأعلن دعمه جعجع فى البداية رافضًا عون، لكنه فجأة تحول عن دعم جعجع، بدعم فرنجيه، ثم بسرعة ألقى الكرة فى حجر عون نهاية الأمر.
كان المعنى أن الرياض، التى حاولت إبعاد عون عن كرسى الرئاسة، رغبة فى كسر إرادة حزب الله فى احتكار المتقدم لكرسى الرئاسة، دارت بها الأيام، ولم تجد إلا أن تستجيب لإرادة حزب الله، ودعم عون فى صفقة، قيل إنها للصالح العام. 
أغلب المحللين يرون أن صفقة عون الحريرى، ليست إلا محاولة لحفظ ماء وجه الرياض. المعنى أيضًا، أن حزب الله كان أكثر قدرة على الانتظار، وأكثر قدرة على الاستمرار، وهو الذى انتصر فى النهاية. 
حزب الله لم يتغير، لكن الذى تغير كان الآخرون، من أول الرياض، مرورًا بجعجع، والكتائب، والموارنة وباقى أقطاب السنة وحلفائهم. 
خرج حزب الله أكثر صلابة من موقعة الرئاسة اللبنانية. حزب الله كان أقوى من الرياض، ومن الولايات المتحدة، وفرنسا، وأقوى من تحالفات دول أوروبا فى الداخل اللبنانى. 
إذا كان لبنان قد أنهى معضلة الشغور الرئاسى، بما أحاطه من مخاوف من انفجار الوضع السياسى قبل انتخاب رئيس، فهذا لا يعنى أن المخاوف من الوضع الحالى قد انتهت. 
تحول عون، عن دعم حزب الله، وسلاح حزب الله، والتوقف عن إرسال مئات الشباب اللبنانين إلى سوريا للقتال إلى جانب حزب الله فى سوريا أشبه بمعجزة تتمناها الفصائل اللبنانية. لكن زمن المعجزات انتهى. الجنرال عون لن يتغير. وسياسة حزب الله لن تتغير أيضا. 
حتى الآن تطورات المسألة اللبنانية يعاد حسابها فى الخليج، بينما القلق يتزايد فى الولايات المتحدة وأوروبا. 
فى لبنان، طالبوا عون بأن يكون رئيسًا لكل اللبنانيين. المطلب بروتوكولى ذو صياغة متعارف عليها فى مثل تلك الظروف. أى رئيس يُطلب منه أن يكون رئيسًا للجميع. الجنرال عون، فى خطابه الأول بعد اعتلاء كرسى الرئاسة ألمح إلى أنه سوف يكون ملكًا للجميع، لا مع تيار ضد آخر. 
كلهم يقولون هذا، لكن الواقع مختلف. حزب الله مثلًا لا يكف عن التأكيد دائمًا على أنه يعمل لصالح لبنان، بينما الحقيقة، أن الحزب أسر لبنان، وحصرها فى دوائر ضيقة، مع سفاحين آخرين.