الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإرهاب والتنمية بين الاحتفال والاغتيال

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليست مصادفة أن يسبق أحدهما الآخر، ذكرى افتتاح قناة السويس ومحاولة اغتيال الدكتور علي جمعة وزير الأوقاف السابق، فاليد التي تقتل لا يمكن لها أن تُعمر ولا تعرف لذلك سبيلًا، تحاول مع أول خلاف قتل صاحبة والتخلص من أفكاره، فإذا كان تفكير هؤلاء بهذه الصورة فهم يعتدون على بناء الله في أرضة وزرعه، ويعتدون على الإنسان أشرف مخلوق على وجه الأرض، فما بالكم فهؤلاء غير مؤهلين لحمل فأس ولا قادرين على وضع حجر في بناء.
سبق ذكرى الاحتفال محاولة الاغتيال، وكأن الرسالة مهما حاولتم قتل الإنسان فإننا مصرون على البناء في الأرض والتعمير، والحديث الشريف يقول،: إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها "، كما جاء في حديث آخر،: '' لا تقوم الساعة على مؤمن'' ، أو: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق"، فهؤلاء يصرون على القتل والهدم بينما يقف آخرون على الضفة الأخرى مصرون على البناء والتعمير يدافعون عن حياة الإنسان التي وهبها الله إياه.
المفارقة تبدو واضحة وقيمة المشروعات التنموية تبدو أكثر بهاءً عندما تعصف الحوادث فتظهر هذه المشروعات في وجه من أراد التخريب بعدما امتلأ قلبه حقدًا وغضبًا لو وزع على أهل الأرض لكفاهم، يعمل مصداقًا لقوله تعالى،: "إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يُفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نُسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون"، فالحكمة من خلق الإنسان تكمن في بناءة ومن يعتدي علية وهو صناعة الله في الأرض مصيره جهنم وبئس المهاد، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم موجهًا خطابة لبناء الله في الأرض كعبتة المشرفة والإنسان،: "لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من قتل المسلم".
اليد التي تقتل لا يمكنها أن تبني وما خلقها الله إلا لحكمة، فهي يد الشيطان في الدنيا تعيث فسادًا في الأرض، مهمتها القتل وبث الكراهية، ولا يمكن أن تقوم مجتمعات على الكراهية وإن بدا لها كيان، فلابد أن نعلم أن هذا الكيان إلى زوال لأنه بُني على القتل والدماء وما من ممالك قامت وتهدمت رغم أنها بقت عامرة فترة طويلة من الزمان.
تاهت النّاس بين الإرهاب والمتآمرين والمتربصين والمتشككين، فالإرهاب ليس مجرد سكينة تخترق خصر رجل ولا متفجر يحمله ذلك الخصر لمن ناصبهم العداء، الإرهاب الحقيقي في إهدار قيمة الإنسان والعبث بأدواره الحقيقية في البناء وعدم تقديره حق التقدير، وقد لا يكون مبعث الإرهاب دينيًا، فكل إنسان يعتدي على الإنسان بمكوناته أين كان هذا الاعتداء فهو يمارس الإرهاب بغض النظر عن مرجعيته.
وفي المقابل يمكن أن نقول، إن أي شخص يرفع فسيلة في يده ويصر على زراعتها كي يستفيد منها الإنسان أو يستظل تحتها من حر الشمس، فهذا الشخص سوف يقيه الله من حر جنهم، وهنا تبدو أهمية المجتمع في مواجهة الإرهاب، فالتنمية من أهم صور مواجهته، والإنسان مولود بطبيعته الذكية مميزًا بين البناء والهدم، قد يتأثر بأفكاره ولكنه سرعان ما يعود مرة ثانية وعودته مرهونة بالتنمية التي تقتل هذه الفيروسات الناشئة في مهدها قبل أن تتكون فتُشكل خطورة أكبر.
الحديث في رمزيته ودلالاته أهم عند العقلاء الذين يُدركون أهمية الإنسان فيسعون لتعزيز قيمة هذا الإنسان، لأنهم فهموا هذه الحياة بشكل صحيح ولا أكون مبالغًا إذا قلت إنهم فهم الإسلام بشكل صحيح، فأولى أولويات الدين هي الحفاظ على الإنسان ونسله والتعزيز من قيمته على وجه الأرض، ولذلك لا يمكن أن نصف هؤلاء الذين يعتدون على بناء الإنسان إلا بالمهاويس والمجانين الذين وصلت الرسالة لهم خطاءً فعاثوا فسادًا في الأرض يقتلون ويصلبون ويقطعون الأرجل والأقدام من خلاف وكأن هذه هي رسالة الإسلام والسلام من رب العاملين!
أمس كانت محاولة اغتيال وزير الأوقاف الدينية السابق د. علي جمعة، وكأن رسالة هؤلاء أننا نحن الدين وليست الأوقاف رغم اعتبارها أهم المؤسسات الدينية، نقتلكم دفاعًا عنه، وهم أبعد ما يكونون عنه فهمًا وتطبيقًا، واليوم احتفالًا بذكرى البناء لمحور قناة السويس، رسالة وصلت ملايين المصريين ووصلت العالم، مهما كان إرهابكم سوف يخرج النور من جديد يُشع أملًا في البناء والتعمير عملًا برسالة الإسلام الحقيقية.