السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ثرثرة الجهلاء تربك الحكومة والشعب!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عشت سنوات عمرى أكره الاقتصاد ومصطلحاته، ولا أحاول فهمه أو الخوض فيه، حتى درست بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، والتى فتحت آفاق العلوم الاستراتيجية بكل مجالاتها، وجاءتنى الفرصة لأنال شرف الجلوس أمام قامات اقتصادية من كبار العلماء والخبراء فى الجامعات المصرية والمؤسسات المالية والنقدية الكبرى، لأتعلم أبجديات الاقتصاد ثم أغوص فى دهاليزه.. ومن المواضيع التى استهوتنى المنظمات الاقتصادية الدولية وأبعادها السياسية.. وما لها من تأثيرات تزيد الهوة بين الدول الغنية والفقيرة، فتزيد الأغنياء غنى والفقراء فقرًا.. رغم أن أهدافها المعلنة تبدو مثالية!!.. ولكن الأهداف غير المعلنة ترتبط بمصالح الدول المهيمنة عليها، والتى تحاول استغلال ظروف الدول النامية والفقيرة لفرض سيطرتها عليها وإخضاعها، وخلق مزيد من التبعية، لتحقيق أهداف القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة التى ابتكرت النظام العالمى الجديد بمنظماته الأمنية والاقتصادية لبسط نفوذها على العالم.. وضاع الكثير من البلدان بدعوى الإصلاح الاقتصادى الذى تفرضه المنظمات الاقتصادية العالمية لمنح القروض، أو الإصلاح الدفاعى الذى تفرضه المنظمات الأمنية الدولية على الدول التى تخضع لها!!.. ولكن من المعلومات التى فاجأتنى أن مصر لم تخضع للكثير من الاشتراطات المجحفة التى تمليها بعض المنظمات المالية والنقدية فى كثير من الحالات لأنها من الدول المؤسسة لتلك المنظمات، بعكس دول تضررت كثيرًا من السياسات التى فرضت عليها للاندماج فى الكيانات والتكتلات الاقتصادية.. ولكن ما يلفت الأنظار هو تباين الآراء لدرجة كبيرة بين علماء السياسة والاقتصاد حول أهداف هذه المنظمات وتأثيرها على الأمن القومى، والذى يتطلب من أى شخص الدراسة المتأنية والمتعمقة لكل آراء وتحليلات الخبراء والمختصين للتوصل لرأى موضوعى وليس مجرد ثرثرة وإعادة نقل للأحاديث المرسلة لبرامج التوك شو.. ورغم ذلك نجد الكثيرين يتحدثون وكأنهم خبراء يملكون الحقيقة المطلقة، فيتخذون من القنوات التى تفتح لهم أبوابها منابر يبثون من خلالها جهلهم، أو من خلال مواقع التواصل التى تزيد البلبلة والتعصب المقيت.. وفى ظل الأزمات الاقتصادية الطاحنة التى تعيشها مصر منذ عام «٢٠١١» الأسود، نتيجة للحرق والتخريب والإرهاب الذى نال من مؤسسات الدولة ومرافقها وقضى على قطاع السياحة وأدى لهروب الاستثمارات، تحاول الدولة النهوض رغم محاولات أعدائنا المستميتة لإرباك الحكومة وإفشالها لتركيعنا فى النهاية.. وبالطبع فإن الكارت المضمون الذى يتلاعبون به هو الاقتصاد الذى يمكن أن يقود أى دولة للهاوية، ولأن بعضًا من أعدائنا بكل أسف يحملون فى عروقهم دماءً مصرية!!.. فهم يدركون جيدًا ما نعانيه من مشكلات مجتمعية ويحسنون استغلال كل الثغرات لمحاولة التحريض على الدولة وعرقلتها.. ولا يخفى دور الجماعة الإرهابية وأتباعها فى التأثير على الاقتصاد، سواء بعملياتهم الإرهابية التى تستنزف جهود الجيش والشرطة، أو حتى بمحاولاتهم تقليص إيرادات مصر من التحويلات المالية للعاملين فى الخارج، وأياديهم التى تتلاعب بسوق العملة وقيمة الدولار.. وهو ما انعكس على تدهور الاقتصاد بشكل كبير.. وقد أثار إعلان الحكومة عزمها الاقتراض من صندوق النقد الدولى وبدء المفاوضات الرسمية مع بعثة الصندوق مخاوف المصريين فى ظل ما هو معروف من تبعيات الاقتراض وما يفرضه من سياسات ترتبط بإلغاء الدعم وتحرير العملة وبالتالى انخفاضها بشكل أكبر أمام الدولار.. وغيرها من إجراءات تمس المواطن وتهدد الاستقرار الاجتماعى إذا لم توفر الضمانات الكافية.. ليتوه المواطن بين ثرثرة المؤيدين والمعارضين، واضعًا خوفه على البلد وثقته فى الرئيس فى كفة وخشيته مما قد يهدد رزقه فى الكفة الأخرى.. فالكثيرون يشككون فى تلك الإجراءات وخطورتها بكلام يبدو منطقيًا وموزونًا، وآخرون يؤكدون أنها خطوة ضرورية تساعد البلاد على النهوض من كبوتها ولن تمس المواطن.. وفى ظل غياب المعلومات الرسمية الكافية يكون المناخ مؤهلًا لتكاثر الشائعات والبلبلة والتحريض ضد الدولة.. وهو ما يتطلب إعلان الحقائق كاملة بالتأكيد أو النفى.. فليس هناك شك أن الاقتراض بوجه عام سواء على مستوى الفرد أم الدولة له سلبيات عديدة لا يمكن إنكارها، ولكن كما يقول المثل الشعبى «إيه إللى رماك على المر.. إلا إللى أمر منه».. ولكن رغم ذلك يمكن التغلب على السلبيات إذا أحسن استغلال القرض، بحيث يدعم الإنتاج وليس الاستهلاك، فعلى المستوى الفردى إذا اقترض الشخص من أجل سلع استهلاكية بالتأكيد ستزيد أعباؤه المالية التى ربما لا يستطيع سدادها، ولكن إذا استغله فى مشروع مربح بالتأكيد لن يشعر بقيمة الالتزامات المترتبة على القرض من أقساط وفوائد وهو ما ينطبق على الدولة أيضًا، فإذا استخدمته فى الاستثمار ودعم الصناعة المحلية وسد احتياجاتنا الهائلة بأيدينا يصبح ميزة وليس عيبًا.. وبالتالى فالعبرة فى كيفية وضع الخطط التى تضمن حسن استغلال القرض.. ولكن السؤال: هل المسئولون عن الاقتصاد فى مصر أهل لمواقعهم ولثقة الرئيس والحكومة؟!.. فما يثير المخاوف هو ما يشاع عن مؤهلات بعض من يقودون الاقتصاد فى مصر.. وأنهم من خريجى كليتى الآداب والحقوق وليس لديهم صلة بالاقتصاد!!.. لذلك نناشد الرئيس والمسئولين ألا يتركوا بابًا لعلماء الاقتصاد الوطنيين إلا ويطرقونه قبل قرار الحصول على القرض من عدمه، فليس لدينا رفاهية الخطأ.. وأن تتم مصارحة الشعب بجميع الحقائق حتى لا يتركونا فى أيدى العابثين الذين أسقطونا بالأمس ويحاولون إسقاطنا اليوم وغدًا!!