السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أكذوبة لافتات الأزهر الدعائية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سألني البعض عن إصرارى على ما أكتبه عن الأزهر الشريف وعلمائه، وهل تم تكليفى من قبل المشيخة لتولى الرد على الاتهامات الموجَّهة لهم بحكم عملى كصحفى متابع لكل ما يكتب عن الأزهر وعلمائه لينطق قلبى قبل لسانى بأنه لوسام على صدرى، وشرف لي أن أكتب عن الأزهر الشريف وعلمائه الأجلاء.
لعل البعض من الزملاء والأصدقاء والعامة يستغرب لأجابتي وقناعتى بما أكتب فأقول له: ألا ترى أن الأمر جد عظيم؟!
ثم دعونى أصدقائى الأعزاء أطرح عليكم سؤالا: ما الذى تعرفونه عن الأزهر الشريف وعلمائه حتى تتطاولوا عليهم وتشككوا فيهم ليل نهار؟ 
ليصمت الجميع برهة ويردون فى آنٍ واحد بحماقة، وما الذى قدمه الأزهر تجاه التطرف والإرهاب وتجديد الخطاب؟ وماذا عن اللافتات التى تهدر ملايين الجنيهات؟ وما...؟
فأقول لهم جميعًا: أصدقائى الأعزاء، هل تقبلون أن نجرى مقارنة سريعة وعاجلة بين أزهرنا الشريف وعلمائه الأفاضل ودورهم الوطنى وبين أى مؤسسة من مؤسسات مصرنا الحبيبة أو الوطن العربى بأكمله، ثم نترك للقارئ الحكم بيننا؟
وقبل أن نجرى المقارنة هذا أود التأكيد على أننى لا أشكك فى أى مؤسسة من مؤسسات الدولة المصرية، فجميع مؤسسات الدولة والعاملين عليها يجل لهم الاحترام والتقدير.
ولكن ما أقصده ما تلك المقارنة أن يعرف الزملاء الأفاضل أن تاريخ الأزهر الشريف هو تاريخ الثقافة الإسلامية منذ القرن الرابع الهجرى إلى اليوم حيث وضع أساس الجامع الأزهر فى 14 من رمضان سنة (359هـ-971م) تحت إشراف جوهر الصقلى قائد المعز لدين الله الفاطمى وتم بناؤه فى سنتين وفتح الجامع الأزهر للصلاة لأول مرة فى 7 من رمضان 361هـ، فلم يلبس أن تحول الأزهر إلى جامعة تدرس فيها العلوم الدينية يجتمع فيها طلاب العلوم والفنون من كافة الأقطار.
وظل الأزهر الشريف عبر تاريخه الذى يزيد على ألف عام منارة تعليمية وثقافية أسهمت فى تنوير الأمة بدور كبير من علمائه الإجلاء فى إذكاء الحركات القومية فى مصر فى العصور القديمة والحديثة،  ولا يخفى على من يتتبع تاريخ الأزهر أن علماءه قد أسهموا فى جميع المعارف والعلوم وظل دور ورسالة الأزهر الشريف ومنهجه الوسطى القويم عامل رئيسى عمل على نشر ثقافة الوسطية والسلام والتعايش المشترك على مدار مئات السنوات.
وبجانب هذا الدور التثقيفى هناك دور اجتماعى فمنذ تسعينيات القرن الماضى تم إنشاء صندوق خاص بتلقى أموال الزكاة من المواطنين،  ويقوم الأزهر بتوزيعها كاملة على المرضى والفقراء والمحتاجين فى المناسبات الدينية مثل (شهر رمضان – عيد الأضحى – المولد النبوى) والعديد من المناسبات الدينية.
وكانت هذه الإعانات تصرف 3 مرات سنويًا، ثم زادت لأربع، ثم أصبح صرفها شهريا بفضل القائمين على تلك الصندوق من إبناء الأزهر الشريف وكان المستفيدون من الفقراء يتجمعون بمشيخة الأزهر (أكثر من 90 ألف شخص) خلال أيام الصرف وبما يحمل المرضى وكبار السن متاعب جمة حتى إن المبلغ المنصرف ماليًا عام 2010 كان (30 مليون جنيه) سنويًا تضاعف إلى (64 مليونا) عام 2015 ووصلت إلى 126 مليون جنيه فى مايو 2016. 
أذكر هذه المعلومات ليس من قبيل المظاهر والنفاق ولكن للربط بين قمة الانحدار الأخلاقى الذى ضرب عقول بعض المشككين فى أن أموال الأزهر الشريف تهدر وتضيع عبر لافتات وبرامج لا قيمة لها.
والحقيقة أننى لا أختلف مع هذه الفئة من الزملاء الأفاضل والذين دائمًا يشككون فى الأزهر وعلمائه، بل وأكد أن الانهيار الأخلاقى لمثل هؤلاء له راعٍ ومشجع يستفيد منه بمعنى أن الانهيار الأخلاقى يجد الآن من يرعاه ويشجعه ويدفع له ومن لا يصدقنى عليه أن يسأل نشطاء الثورة والمراهقين.
وجميعنا نعرف جيدًا أنه منذ ثورة الـ 25 من يناير وحتى وقتنا هذا نعى بأن كل من يتطاول على مسئول يصبح نجم فضائيات حيث أصبحت القنوات الفضائية تتصارع على الضيوف أصحاب اللسان الطويل، وكفى لنا جميعًا أن نعرف أن نجومية برامج "التوك شو" وغيرها جاءت بسبب طول اللسان، وكلما كنت شتاما أكثر كنت نجمًا فضائيًا وضيفًا دائمًا على كل برامج التوك شو.
ولا يخفى على أحد أيضًا بأن هناك عددًا من المفردات والكلمات التى تحولت إلى وظائف لبعض الصعاليك والمراهقين والمتنطعين ممن خربوا البلاد والعباد والمشككين للأزهر الشريف وعلمائه الإجلاء تحت مسمى «ناشط.. سواء سياسيا أو حقوقيا» مثل هذه الألقاب التى استخدمها مجموعة من المراهقين والمتنطعين والمتآمرين لحرق مصر بالشائعات تارة وبالظهور على الفضائيات تارة أخرى من أجل الحصول على آلاف الدولارات لم يعد من المقبول.
وباعتبارى صحفيًا اطلعت على الاستراتيجيةِ الجديدةِ للأزهر.. وردًا على مَا يُثَارُ حول لافتاتِ الرسائلِ التعريفيةِ الخاصةِ ببعضِ جهودِ التطويرِ بالأزهرِ الشريفِ والتى يُرَوِّجُ البعضُ لها بِخُبْثٍ ومكرٍ على أنِّها إعلاناتُ دعائية.. أَوَدُّ التأكيد على ما يلى:
أولاً:
إِنَّ الأزهرَ الشريفَ ليس بحاجةٍ إِلى إعلاناتٍ دعائيةٍ فهو فى قلبِ وعقلِ ليسَ فقط كُلُّ المصريينَ ولكنَّ المسلمينَ فى جميعِ أنحاءِ العالمِ بمنهجهِ الوسطى ورسالتِهِ السمحةِ التى تعكسُ سماحةَ الدينِ الإسلامى الحنيفِ، وبالملايين من خريجيِهِ المنتشرينَ فى مصرَ وجميعِ أنحاءِ العالمِ لنشرِ ثقافةِ الوسطيةِ والسلامِ والتعايشِ. 
ثانياً:
إِنَّ لافتاتِ الرسائلِ التعريفيةِ المشارُ إليها تَبَرَّعَ بها أحدُ محبى الأزهرِ الشريفِ دون أن يتكلفَ الأزهرُ مِلِّيمَاً واحداً فيها لا من أموالِ الزكاةِ ولا من ميزانيةِ الأزهرِ كما يُروِّجُ البعض كذباً وزوراً، وأنَّ هذا التبرعَ لم يتدخلْ فيه الأزهرُ من قريبٍ أو بعيدٍ لا فى الإدارةِ ولا التنفيذِ ولكن كان يَهْدُفُ من قام به إلى التأكيدِ على رسالةِ الأزهرِ . 
ثالثاً:
تقوم الاستراتيجية الجديدةُ للأزهرِ الشَّريفِ على نشرِ الفكرِ الوسطى فى مصرَ وكافةِ ربوعِ العالمِ والتواصلِ مَع الشبابِ وكافةِ فئاتِ المجتمعِ والوصولِ إليهم فى كُلِّ مكانٍ، سواءَ عبرَ برامجَ تليفزيونيةٍ جديدةٍ، أو بعضِ المقالاتِ الدعويةِ والتوعويةِ فى عددٍ من الصُّحُفِ ، أوْ عبرَ الفضاءِ الإلكترونى مِنْ خلالِ صفحاتِ التواصلِ الاجتماعى وبوابةِ الأزهرِ الإلكترونيةِ وقناةِ الأزهرِ على اليوتيوب تعد النواة الحقيقية لإطلاق قناة الأزهر الشريف.
رابعاً:
إنَّ هذه اللافتاتِ ترتكزُ على ترسيخِ الفكرِ الوسطى الأزهرى وربطِ الشبابِ بهذا الفكرِ بعيداً عما تُرَوِّجُ له جماعاتُ التطرفِ والإرهابِ التى تستغلُّ كافَّةَ الميادينِ لنشرِ فكرِهَا المتطرفِ وتستخدمُ كافَّةَ الوسائلِ لاستقطابِ الشبابِ، وعلى سبيلِ المثالِ، فَإِنَّ إحدى هذه اللافتاتِ تُوجِّهُ الشبابَ للتواصلِ مع مرصدِ الأزهرِالشريفِ وتشيرُ إلى الموقعِ الإلكترونى الخاص به وصفحاتِهِ على مواقعِ التواصلِ الاجتماعى كى يتمكنَ الشبابُ من التواصلِ معَهُ والتَّعَرُّفِ على صحيحِ الدّينِ وتصحيحِ المفاهيمِ المغلوطةِ لديهم والتعرفِ على فلسفاتِ الجماعاتِ الإرهابيةِ وردودِ المتخصصينَ عليها، وكذلك رسالةُ أخرى تتحدثُ عن أنَّ الأزهرَ هو المرجعيةُ الأولى للمسلمين حول العالمِ ومنارة الوسطية والاعتدال، وذلك للتأكيدِ على زيفِ ما تُروِّجُ له بعضُ الجماعاتِ من أنها تُمثِّل المرجعيةَ الحقيقيةَ للإسلامِ الصحيحِ.
خامساً: 
إنَّ الأزهرَ الشريفَ الذى استمرَ على مدارِ قرونٍ عديدةٍ يُعلِّم الناسَ صحيحَ الدينِ وينشرُ الوسطيةَ والسلامَ لن يُضِيَرَهُ كيدُ كائدٍ أو حقدُ حاقدٍ أو مكرُ ماكرٍ. "وَيَمْكُرونَ َويَمكْرْ اللَّه والله خَيْرُ اَلْمَاكِرينَ" (الأنفال - الأية 31). هذا ردُ على البعضِ ممن ساءهم ويسوءهم استعادةُ الأزهرِ لدورهِ الريادى داخلياً، وخارجياً، فسعوا إلى التشويشِ على جهودِ الأزهرِ ورجالهِ الأوفياءِ فى نشرِ الوسطيةِ والاعتدالِ.
وأخيرًا: أطالبُ الأزهر الشريفَ كأزهرى بتعقبِ مَنْ يُرَوِّجونَ لهذهِ الأكاذيبِ والأباطيلِ قانوناً.. حفظَ الله مصرَ وشعبَها وجيشَها والأزهرَ الشَّريفَ والقائمين عليه مِنْ كُّلِ مكروهٍ وسوءٍ.