الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

استفتاء بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي يضعها في مفترق طرق

الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتجه أنظار المجتمع الدولي اليوم، 23 يونيو، إلى المملكة المتحدة التي تجري استفتاء مصيري وتاريخي سيحدد إذا ما كانت بريطانيا ستستمر في الانضواء تحت مظلة الاتحاد الأوروبي الذي أسس سنة 1957 وانضمت المملكة له في 1973 أم ستنفصل عنه، ويشارك في الاستفتاء كل بريطاني مسجل في القوائم الانتخابية وله حق التصويت ممن تجاوزت أعمارهم الـ 18 عامًا، كذلك يحق للبريطانيين المقيمين في الخارج منذ أقل من 15 عامًا الإدلاء بأصواتهم، فيما رفضت المحكمة العليا في مايو الماضي طعنًا قضائيًا للسماح بمشاركة المغتربين منذ أكثر من تلك الفترة في الاستفتاء.
ويأتي هذا الاستفتاء على خلفية وعد من رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في خطاب ألقاه في 23 يناير 2013، بشأن تنظيم استفتاء في حال أعيد انتخابه لرئاسة الوزراء مرة أخرى في الانتخابات التشريعية التي شهدتها بريطانيا في 2015. وفي 20 فبراير 2016 توصل كاميرون إلى اتفاق مع نظرائه الأوروبيين حول الإصلاحات التي طلبها ليتمكن من إقناع البريطانيين بالبقاء في الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء التاريخي المقبل. وتتمثل هذه الإصلاحات في أربعة أمور أساسية، أولها عدم تمكين المهاجرين الأوروبيين القادمين إلى المملكة المتحدة من المطالبة باستحقاقات الرعاية الاجتماعية ومساعدات السكن وغيرها، إلا بعد مرور أربع سنوات على بقائهم داخل بريطانيا.
أما ثاني الإصلاحات فيتمثل في عدم التمييز الاقتصادي بين دول منظومة اليورو والدول التي لم تعتمد اليورو كعملة بديلة عن عملتها الوطنية، وهو ما يعني جعل كل القرارات المتخذة من قبل أعضاء منطقة اليورو اختيارية وغير ملزمة بالنسبة لبقية الأعضاء خارج منطقة اليورو.
ويأتي المطلب الثالث لبريطانيا في التركيز على تمديد السوق الموحدة، وتعزيز القدرة التنافسية للدول الأعضاء، من خلال تسهيل حركة رءوس الأموال وتخفيف القوانين الأوروبية الخاصة بالشركات.
أما المطلب الأخير فيتعلق بمنح البرلمانات الوطنية حق تعطيل قرارات اتخذتها المؤسسات الرسمية للاتحاد الأوروبي وذلك تعزيزا للسيادة الوطنية للدولة.
وقبل انطلاق الاستفتاء الرسمي بيوم واحد، أعلن رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، أن الاتحاد الأوروبي لا يعتزم إجراء أي مفاوضات جديدة بعد الآن بشأن الإصلاحات التي تطلبها بريطانيا لضمان بقائها ضمن المجموعة الأوروبية.
وأضاف يونكر خلال مؤتمر صحفي: "يجب أن يكون الناخبين البريطانين على علم بأنه لن يكون هناك أي مفاوضات أخرى، وأن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، حصل على أقصى ما يمكننا تقديمه ولا يمكننا تقديم أكثر من ذلك. لذلك، فلن يكون هناك مفاوضات جديدة. ورفض رئيس المفوضية الأوروبية التعليق على نتيجة الاستفتاء الذي سيجري في المملكة المتحدة.
وقبل البدء الفعلي للاستفتاء انطلقت العديد من الحملات والمناظرات من كلا المعسكرين والهدف الواضح هو إقناع واستمالة نحوعشرة بالمئة من المترددين الذين يمكنهم ترجيح الكفة لمصلحة أحدهما.
وأشارت استطلاعات الرأي المختلفة أن واحد من كل عشرة من المصوتين ما زال لم يحسم أمره بشأن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو خروجها.
وقال البروفيسور جون كورتيس، رئيس مجلس الاقتراع البريطاني، إن استطلاعات الرأي تظهر بشكل واضح أن الفجوة بين الفريقين ضئيلة جدًا، موضحًا أن كبار السن ممن تجاوزت أعمارهم الـ65 سنة سيكونوا الأكثر دعمًا وذهابًا لصناديق الاقتراع لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وسيمثلوا ضعف عدد من هم تحت سن 35 الذين يؤيدون خروج بريطانيا من الاتحاد.
وفي مقال نشر في صحيفة "الجارديان" البريطانية أوضح ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني والذي يتصدر حملة البقاء داخل الاتحاد، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيسبب أضرارًا وخيمة على الاقتصاد البريطاني، مناشدًا الشعب البريطاني للتصويت من أجل البقاء داخل الاتحاد الأوروبي قائلًا: " إن بريطانيا ستكون أسوأ حالًا إذا ما غادرت؛ ولن يكون ثمّة مكاسب حقيقية من وراء الخروج، سوى التكلفة والخسارة، وركود محتمل، وحالة مدمرة من عدم اليقين قد تخيم على البلاد زهاء عقد من الزمان ريثما تتضح الأمور. فضلا عن ارتفاع في الأسعار وانخفاض في الأجور وقلة في الوظائف وفرص العمل أمام الشباب الصغير. ستفتقر بريطانيا بكل ما في الكلمة من معنى.. كيف يمكننا أن نصوت لصالح هذا المصير التعس ونحن نعلم؟.. أقول لك أيها الناخب لا تغامر".
وقد ودعا قرابة 1300 مسئول في شركات نصفها من المجموعات الكبيرة المسجلة في بورصة لندن، بالأمس، إلى بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي مضيفين أنهم يدعمون وبقوة بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي، تعني لشركاتنا تجارة أقل مع أوروبا وعددا أقل من الوظائف، بينما الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي يشجع النشاط ويشجع الوظائف. وموقعو الرسالة هم رؤساء ومدراء عامون وإداريون ومؤسسو شركات متفاوتة في الحجم، معظمها بريطانية، ويعمل فيها 1، 75 مليون شخص، ومن بين الموقعين مسئولو 51 من الشركات المئة المدرجة في "فوتسي 100" مؤشر بورصة لندن.
على الجانب الآخر، يحاول بوريس جونسون زعيم "معسكر المغادرة"، وعمدة لندن السابق، التهوين من آثار المغادرة اقتصاديًا، وأن الاتحاد الأوروبي لن يستطيع وضع حواجز أمام التجارة مع بريطانيا في حالة الخروج، مؤكدًا أن مبدأ "حرية" التجارة سيستمر. كما وصف جونسون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأنه سيكون بمثابة "يوم استقلال" جديد لبريطانيا وفي مقال نشر له في صحيفة "التليجراف" البريطانية قال فيه "إذا ما صوتنا لصالح البقاء، سنظل مقيدين في مؤخرة عربة يقودها شخص لا يجيد الإنجليزية ويسير في اتجاه لا نريد السير فيه. وتابع قائلًا: "إذا ما صوتت بريطانيا لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، عندئذ سنستمر في كوننا موضوعًا لنظام يتزايد ابتعادًا عن الديمقراطية هو الآن مسئول عن نسبة 60 بالمائة من تشريعات البرلمان البريطانى، وهى ظاهرة تسهم بشكل كبير في تعزيز وجهة نظر الناخبين البريطانيين القائلة بعدم جدوى عمليات التصويت وسيادة الشعور بأننا نحن البريطانيين لم نعد نمتلك تقرير مصيرنا بأيدينا."