رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الفيلسوف المريض والكاتب المغرض!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سقطت جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية بعد أن فشلت سياسيا فى إدارة شئون البلاد، وبعد أن سقطت كما سقطت تاريخيا كل جماعات الإسلام السياسى.
قد تفهم ظاهرة الفشل لأن هذه الجماعة لم تمتلك طوال تاريخها مشروعا فكريا متكاملاً يبرز وجهات نظر قادتها فى الاقتصاد والاجتماع والثقافة، ولكنها قامت على أساس تبنى مشروع سياسي يتمثل فى الانقلاب ولو بالعنف المسلح على الدول العربية المدنية، لكى تؤسس لدولة دينية تحكم بشرع الله -كما تفسره هى- تمهيدا لاسترداد نظام الخلافة الإسلامية التى –فى زعمهم- سيرأسها خليفة واحد يحكم كل الدول الإسلامية فى مشارق الأرض ومغاربها.
ورغم الفشل السياسى الذريع لجماعة الإخوان المسلمين وسقوطها التاريخي بعد أن ثار عليها الشعب فى ٣٠ يونيو، وقام بإسقاطها فى مشهد تاريخي مهيب، إلا أنها –بعد هروب بعض قادتها إلى قطر وتركيا- تركت فى مصر ممثلين بارزين لفكرها المتخلف. وهؤلاء ينقسمون إلى فئات شتى من أبرزهم بعض الكتاب الصحفيين الذين تنشر بعض الصحف الخاصة مثل «المصري اليوم» و«الشرق» مقالات أسبوعية لهم، وهم لم يتوقفوا مرة واحدة عن محاولاتهم الخائبة لتشويه إنجازات القيادة السياسية التى يقف فى صدارتها الرئيس «السيسي» رئيس الجمهورية.
وحين أطالع مقالات هؤلاء الكتاب الإخوانيين أشعر حقا بالرثاء لهم، لأنهم ينتمون إلى صنف بليد من البشر ممن ينكرون الوقائع البارزة ويشوهون الإيجابيات وينعتونها بأنها سلبيات.
وهم فى كتاباتهم يمارسون فنون المراوغة الخطابية، ويتذرعون بموضوعية مزعومة، مع أنهم خبراء أفذاذ فى تزوير الوقائع، والكذب الصريح، وتشويه الحقائق، من بين هؤلاء فيلسوف مريض بدأ التذبذب الفكري والتناقض المعرفى.
فى مرحلة من حياته كان يقدس الشيخ «حسن البنا» وتعاليمه، وفى مرحلة أخرى أهمل هذا التراث وتبنى منظورا يساريا أطلق عليه اسما مراوغا هو «اليسار الإسلامى»، وأصبح «جيفارا وكاسترو» من أمثلته العليا.
ثم عاد مرة أخرى إلى التراث المتخلف لجماعة الإخوان المسلمين بعد صعودهم إلى السلطة فى مصر. ولكنه بعد سقوطهم المدوي يبدو أنه أصيب بصدمة عصبية كبرى، جعلته يحاول بكل ما يملكه من فنون المراوغة الخطابية أن يسّب ويلغى الموجة الثورية فى ٣٠ يونيو، لأنها فى نظره انقلاب عسكري على النظام الشرعي الذى كان يرأسه الدكتور «مرسى»، والذى يخضع الآن للمحاكمة القانونية العادلة.
وأنا بحكم تخصصي فى العلم الاجتماعي، أتابع كل أنواع الكتابات عن ٣٠ يونيو، سواء صدرت من أنصارها أم من أعدائها، لكى أتعرف على أجواء المناخ السياسى والفكرى فى مصر المحروسة!
وقد قرأت للفيلسوف المريض مقالا مؤخرا صاغه فى شكل حلم على أساس أنه دعي مع مجموعة من المثقفين لمقابلة الرئيس، «ويبتدع» هذا الكاتب المريض -ليس بأمراض الشيخوخة المعتادة- ولكن بأمراض التطرف والكذب والدفاع غير المباشر عن شرعية الإرهاب صورا خيالية، لأنه –كما يزعم- تم اصطحابه مع غيره من المثقفين فى دورة لا نهائية فى أماكن متعددة، أبرزها –فى رأيه- الأماكن التي يتم فيها تعذيب المتهمين أو أماكن الاختفاء القسري لهؤلاء الضحايا الذين اختطفتهم أجهزة الأمن!
ومعنى ذلك أن هذا الفيلسوف المريض يتهم أجهزة الدولة جهارا نهارا وفى جريدة «المصرى اليوم» أنها تمارس تعذيب المتهمين، وأنها أيضا تخطف المواطنين وتخفيهم فى أماكن مجهولة!
وفى تقديرنا، أن ما كتبه هذا المدعىّ ونشرته له «المصرى اليوم» ليس من قبيل حرية الرأي، ولكنه فى الواقع اتهامات محددة موجهة لأجهزة الدولة. وهذه الاتهامات المرسلة يعاقب عليها القانون الجنائى، لأن من شأنها تشويه صورة الدولة والتنديد غير الموضوعى بأداء أجهزتها.
وأنا فى الواقع لا أفهم لماذا تحاول بعض الصحف الخاصة فتح الباب أمام عملاء جماعة الإخوان المسلمين للهجوم المنهجي على الدولة وسياساتها وعلى رئيس الجمهورية؟ وهل يعتبر المشرفون على تحريرها أن هذا حقا من باب حرية الرأى أم أنه يعد فى الواقع إتاحة لفرصة غير مشروعة لتزييف وعى المواطنين؟!
أما الكاتب الصحفى الثاني فهو فى الواقع -بغض النظر عن كونه كاتبا مغرضا- من أشد المدافعين عن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية. ولكنه لأنه كاتب مراوغ فهو لا يعبر عن الوقائع مباشرة، ولكنه يفتش كل يوم فى قمامة التفاهات السياسية لكى ينتقى منها ما يركز عليه فى نقده المتحيز.
وقد قرأت له مقالا يناقش فيه «مشكلة الإعلام» فى مصر. وهو عكس كل الكتابات الموضوعية التى أدانت تردى أحوال الإعلام وتحول عديد من مقدمي برامج التوك شو على وجه الخصوص إلى خبراء فى تزييف وعى الجماهير، لدرجة أن جماهير الشعب نفسها –كما اعترف الكاتب المغرض بنفسه- قد انصرفت عنها.
ولكنه استخدم كل فنون المراوغة التى يملكها لكى يزعم أن الأزمة ليست «أزمة إعلام» ولكنها «أزمة مجتمع».
ولكنه لم يفصح فى الواقع عما يقصد بالأزمة الاجتماعية، لأنه يريد أن يوحى أن تردى الإعلام قد ساد وانتشر بالذات بعد الموجة الثورية فى ٣٠ يونيو، والتى يعتبرها هو وأتباع جماعة الإخوان المسلمين انقلابا على الشرعية وعلى رئيس منتخب! ونحن نتساءل لماذا هذا الكاتب بالذات لم ينتقد فى الواقع أي حادث إرهابي قام به بعض أتباع جماعة الإخوان وتحاشى تماما إدانة الجرائم التى يرتكبها أعضاؤها كل يوم؟
وعليه أن يسأل نفسه هل الإعلان الدستوري الديكتاتوري الذى أصدره «محمد مرسى» كان يمثل الشرعية أم كان يمثل الديكتاتورية فى أقبح صورها؟