الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

قيثارة السماء محمود الطبلاوي في حواره لـ"البوابة": أصوات المؤذنين "مُنفرة".. ووزير الأوقاف يتحمل مسئولية تأخر "الأذان الموحد"

الشيخ محمد محمود
الشيخ محمد محمود الطبلاوى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمت بين الناس أن تحكموا بالعدل»، كانت تلك الآية التى تلاها قيثارة السماء، الشيخ محمد محمود الطبلاوى، داخل الكعبة المشرفة، أثناء غسلها، الطبلاوى الذى تجاوز العقد الثامن من 
عمره، والذى لطالما استمتع المصريون والعرب بصوته العذب فهو أحد أباطرة دولة التلاوة المصرية التى أنجبت عظماء القراء، قال الطبلاوى إن بداية حبه للقرآن الكريم جاءت من دراسته وحفظه للقرآن فى الكُتاب، مشددًا على ضرورة عودة 
الكُتاب من جديد من أجل تخريج أصوات جديدة للساحة فى مصر، وفتح الطبلاوى فى حواره مع «البوابة» سجل ذكرياته مع الرئيس الراحل أنور السادات والأسبق حسنى مبارك، وذكرياته مع شهر رمضان الكريم. 

■ فى البداية.. كيف بدأت مسيرتك مع القرآن الكريم والتلاوة؟ ثُم التحاقك بالإذاعة؟
- الأمر فى الأساس يعود للوالدين، حيث كان والدى حريصًا على تعلمى للقرآن الكريم، وإرسالى إلى الكُتاب فى طفولتى، على الرغم من صعوبة إجبار الطفل على التعليم فى تلك السن، حيث حفظت القرآن كاملًا وعمرى لم يتعد الحادية عشرة عامًا، رغم أن تلك الفترة من العمر تكون الأكثر ثراءً من حيث حب الأطفال للعب واللهو وبغضهم للحفظ، وعندما احترفت تلاوة القرآن ذهبت للإذاعة المصرية وتم رفضى لعدة مرات قبل أن ألتحق بالإذاعة، وكان المبرر فى كل مرة يتم رفضى فيها من قبل لجنة الاستماع، هو عدم قدرتى على «الانتقال النغمي» حتى تم قبولى بعد معاناة طويلة، وأصبحت نقيبًا للقراء، لذلك يجب أن نعلم أن البيت هو الأساس فى تربية الأطفال، وتنشئتهم تنشئة سليمة ترضى الله، على تعاليم الدين الإسلامى الصحيح، ليفيد نفسه ويفيد الأمة الإسلامية.
■ على ذكر الإذاعة.. ماذا عن حالة الإذاعة المصرية فى الوقت الحالي؟ 
- الإذاعة تقوم بدور كبير فى تخريج أصوات جديدة فى تلاوة القرآن الكريم، ولا سيما أن هناك العديد من المواهب والأصوات التى ما زالت لم تخرج للنور بعد، رغم أن مصر لديها وفرة فى الأصوات العذبة والجيدة، التى تستطيع قراءة القرآن بالشكل الذى يجذب المستمع، ولكن مسابقات القرآن الكريم فى الإذاعة لا تعتمد على الصوت الجيد فقط، ولكنها أيضًا تعتمد على القدرة على اختيار مخارج الألفاظ، وتناغم الكلمات والآيات والتجويد الجيد، ومن وجهة نظرى هناك ضرورة مُلحة لعودة الكُتاب من جديد، لا سيما أنه يُعد معمل تفريغ للعظماء وأصحاب الأصوات الجيدة، علاوة على الانتظام فى الحفظ والحضور، والإلمام الجيد بأصول المهنة والتلاوة، لا سيما أن أغلب القراء خرجوا من تحت أيدى المشايخ فى الكُتاب، وحفظوا القرآن الكريم فى سن صغيرة، فالكتاب من شأنه إعداد كوادر وقيادات قادرة على قيادة الأمة نحو الدين الصحيح.
■ وماذا عن أداء إذاعة القرآن الكريم؟
- لا شك أن الإذاعة فى الأساس لها رسالة وقيمة كبيرة، وإذاعة القرآن الكريم بالتحديد فى الوقت الحالى دورها محورى فى تنمية العقول من الناحيتين الدينية والتثقيفية، وفى الفترة الحالية تقوم بدور جيد فى هذا الإطار، وإن كانت بحاجة للمزيد من التطوير والتثقيف والدعم من قبل الدولة، حتى تكون قادرة على تقديم صورة الإسلام السمح للمستمع، الذى يعتمد على الراديو فى استسقاء معلوماته عن الدين فى ظل انتشار الجهل والأمية بين أبناء الوطن.
■ بماذا تنصح شباب القراء بحكم مسيرتك وخبرتك الطويلة؟
- الشباب عليهم أن يتقوا الله، ولا سيما أن تقوى الله هى أساس كل عمل سليم، وبها يستطيع الإنسان تحقيق أهدافه وطموحاته، فقارئ القرآن إن لم يكن على تقوى من الله فلن يفلح أو ينجح، وعليه ألا يقلد أحدًا، ويضع نصب عينيه تفوقه فحسب، وأن يقتصر فقط فى عمله على تمييز نفسه عن باقى القراء، حتى يكون له مكان منفصل عن زملاء المهنة، وتبقى تقوى الله الأهم، لأن قارئ القرآن يقوم بمهمة سامية وجليلة، ومقدسة، عليه احترامها وتقديرها، وأن يقدم صورة جيدة للقارئ، تنم عن صحيح الدين الإسلامى وتلك المهنة التى تُعد موهبة من الله سبحانه وتعالى يصطفى بها من يحبهم ويرضى عنهم من خلقه.
■ هل لك طقوس معينة قبل التلاوة؟ 
- ليست لى أى عادات تذكر قبل الذهاب لتلاوة القرآن، حيث كنت دائمًا أطبق حكمة تعلمتها قديمًا وهى «خير العادات ألا تكون لك عادة»، حيث كنت أتعمد ألا أمارس عادة بعينها قبل القراءة والتلاوة، وأمارس حياتى اليومية بشكل طبيعى، سواء من حيث الطعام أو الشراب والنوم.
■ هل تحقق المهنة مكاسب مادية؟
- كل مهنة ولها مكاسبها وقوتها، وأذكر أن أول أجر حصلت عليه كان ٥ قروش فقط، فالمهنة تحتاج وقتا طويلا حتى تستطيع تحقيق أرباح من ورائها والتكسب والعيش منها، وكل قارئ على حسب كفاءته وقدرته على التلاوة والتجويد، ولم أندم يومًا على العمل بالمهنة لأننى أعمل من أجل القرآن فقط دون أطماع أو شيء آخر.
■ بعد مسيرتك الطويلة فى القراءة.. كيف يمكن تقييم تلك المسيرة وهل أعطتك الدولة حقك؟
- لا شك، أنها مسيرة ناجحة، وتحقق لى فخرًا وشرفًا لم أكن أحلم به، مسيرتى بدأت منذ أن درست وحفظت القرآن فى كتاب القرية، حتى أصبحت نقيبًا للقراء فى كل ربوع مصر، ولا أنتظر بعد مسيرتى تكريمًا من أحد، لا سيما أن الدولة كان الله فى عونها على العقبات والأزمات التى تواجهها، وأدعو الله دائمًا أن يلطف بالبلاد من كل شر، ويحميها من شياطين الأنس والجن الذين يحيطون بها، ويكفينى شرفًا تقدير الناس وحبهم للشيخ الطبلاوى، الذى يعد وسامًا على صدرى أفتخر به، ودائمًا أطلب من الدولة معونات لنقابة القراء، حيث إن معاش النقابة للمقرئ لا يتعدى أربعين جنيهًا فقط وهو مبلغ زهيد، والنقابة لها مصاريف عديدة من أجل الاهتمام بالقراء الذين تخطوا سن المعاش، من أجل توفير حياة كريمة لهم، لذلك على الدولة أن تولى الاهتمام بالقراء.
■ من أقرب القراء إليك من زملاء المهنة ممن كنت تستمتع بسماعهم؟
- العديد من القراء، وعلى رأسهم الشيخ محمد رفعت، والشيخ منصور الدمنهورى، والشيخ محمد صديق المنشاوى، والشيخ عبدالباسط عبدالصمد، رحمهم الله، فهم قراء أفاضل ولهم مكانة عالية بين أوساط القراء، وكنت دائم الاستماع إليهم بعيدًا عن المنافسة والصراعات، ولا سيما أننا نمارس مهنة عظيمة، ولها رسالة جليلة لا تليق بالصراعات والأحقاد.
■ هل كانت المنافسة تشهد صراعًا بين القراء من أبناء المهنة الواحدة؟
- بالفعل، المنافسة كانت شديدة للغاية، وبالتحديد بين أبناء المهنة الواحدة، وأذكر أننى تعرضت لمحاولة اغتيال فى فترة الأربعينيات، حيث كنت أقرأ القرآن فى سرادق عزاء، وحينها سألنى العاملون على تقديم الطلبات داخل السرادق حول المشروب الذى أريده، ولكنى لم أطلب شيئًا، حتى أحضروا لى «فنجان قهوة» من تلقاء نفسهم، وحينما كنت أقترب من الفنجان لتناول القهوة، كان يمنعنى شيء ما عنه، أو يشغلنى شيء، سواء بالسلام على شخص أو غيره، حتى برد الفنجان ولم أرغب فى تناوله، وحينها قام أحد العاملين داخل السرادق بتناول القهوة، وفوجئ الحضور بسقوطه على الأرض مغشيًا عليه، واكتشفنا حينها أن القهوة كانت تحتوى على سم قاتل، وكان من المفترض أن أتناولها، ولكن قدر الله لطف بى وحمانى من الموت بالسم، وحتى اللحظة لم أستطع تحديد من حاول قتلى ولم أتوقع يومًا أن أكون هدفًا لتلك المحاولة.
■ وماذا عن ذكريات مع شهر رمضان؟
- ذكرياتى مع شهر رمضان عديدة، حيث كنت أحرص يوميًا على تلاوة خمسة أجزاء من القرآن الكريم، حتى أختم القرآن أكثر من مرة قبل نهاية الشهر، وهى عادة أمارسها طيلة أشهر العام، حتى أظل متذكرًا للقرآن الكريم وآياته، بالإضافة إلى إطعام الفقراء والمساكين، حيث كُنت أقيم موائد يومية لإطعام المساكين على الإفطار، ولا سيما أن رمضان شهر الخير، وكذلك كُنت أحرص على بر الوالدين والإحسان إليهما، وفى يوم ليلة القدر أذهب إلى المسجد الذى أنشأته من أجل 
إحياء ليلة القدر، كما أننى كنت كثير السفر إلى الدول العربية مثل السعودية والإمارات وقطر، وعدد من الدول الأجنبية لإحياء ليالى رمضان طيلة الشهر الكريم، رغم أننى كنت أواجه صعوبة بالغة فى السفر بسبب عدم إجادتى للغات الأجنبية، سواء الإنجليزية أو الفرنسية، ما كان يسبب لى مواقف غاية فى الإحراج فى التعامل مع الجنسيات الأجنبية من مختلف دول العالم.
■ هل طقوس قراءة القرآن فى رمضان تختلف عن غيره من الشهور؟
- لا شك، القراءة فى رمضان تختلف عن باقى الشهور، من حيث الروحانيات والخشوع، علاوة على أن جلسات الذكر والقراءة، تزيد فى رمضان عن باقى أشهر العام، والمساجد فى كل أنحاء الجمهورية تكون مكتظة بالمصلين، الذين يريدون سماع القرآن وتلاوة آياته، وشهر رمضان فرصة عظيمة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، والحصول على نفحات إيمانية وروحانية، لا تتوافر فى غيره من الشهور.
■ لماذا تراجعت الدولة عن فكرة الأذان الموحد؟
- وزير الأوقاف محمد مختار جمعة المسئول الأول عن تأخر المشروع وعدم ظهوره للنور حتى اللحظة، ويجب أن يُسئل فى ذلك، رغم أهمية المشروع وضرورة تطبيقه بشكل سريع، حتى تتخلص المساجد من الأصوات المنفرة والمزعجة التى تصيب الناس بالضجر، وحتى لا يصبح من حق أى شخص الدخول إلى المسجد وإقامة الأذان بصوت منفر، ويقتصر فقط رفع الأذان على أصحاب الأصوات الجيدة، التى تزيد من حب الناس للصلاة وللدين الإسلامى والتواجد فى المسجد.
■ كنت صاحب الحظ فى قراءة القرآن داخل الكعبة.. ما ذكرياتك عن الحدث؟
- لا شك، أنها من أسعد لحظات حياتى، حينما تلقيت دعوة من الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، وخادم الحرمين الشريفين لحضور غسل الكعبة، وكان واحدًا من آل شيبة هم من معهم مفتاح الكعبة، وتعرف علىّ حينها، والكعبة فى ذلك الحين لم تكن تفتح إلا من خلال آل شيبة، بالوراثة، وطُلب منى الدخول إلى داخل الكعبة، لأقرأ الآية ٥٨ من سورة النساء، «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمت بين الناس أن تحكموا بالعدل»، وحينها كنت أشعر بروحانيات إيمانية لم أشعر بها من قبل، وكنت فى غاية السعادة وأنا أرى الكعبة المشرفة من الداخل، وأصلى بداخلها، وأقرأ بعضًا من آيات الكتاب الكريم، حتى لو كانت قليلة، وحصلت على قطعة من كسوة الكعبة، للذكرى الطيبة، أحتفظ بها حتى وقتنا هذا لما لها من قيمة كبيرة لا يضاهيها شيء.
■ ما ذكرياتك مع رؤساء مصر؟
- أذكر أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات كان محبًا لسماع القرآن الكريم، ولديه شغف شديد لحضور جلسات استماع، وكان شخصًا دمث الخلق وشديد الذكاء، وكان يدعونى للحضور فى قريته ميت أبوالكوم بمحافظة المنوفية للقراءة وإحياء ليال للتلاوة برفقة شقيقه عصمت السادات، وكذلك الأمر مع الرئيس محمد حسنى مبارك، حيث لم يكن شخصًا سيئًا كما يصفه البعض، وتمت دعوتى للإقامة فى دار الدفاع الجوى لمدة سبعة أيام برفقة عدد من المشايخ بعد وفاة حفيده محمد علاء مبارك، علاوة على أن مبارك أيضًا كان يحب الاستماع للقرآن الكريم، كما أن علاقاتى لم تقتصر على رؤساء مصر، بل قرأت القرآن أمام كل الملوك والرؤساء العرب، وعلى رأسهم الشيخ زايد ملك الإمارات، وكان رجلًا يحب عمل الخير، وكان دائما ما يدعونى لإحياء ليالى قراءة القرآن الكريم، وكان شغوفًا للاستماع للقرآن الكريم.
■ هل كانت لك ذكريات مع فنانين أو لاعبين كرة قدم من النجوم القدامى؟
- لم تكن لى علاقات مع أهل الفن بشكل كبير، ولكننى أعشق نادى الزمالك منذ طفولتى أبًا عن جد، وما زلت حتى اللحظة، أتابع مباريات الكرة بشغف كبير، وبحكم أننى تربيت فى ميت عقبة، بالقرب من مقر نادى الزمالك، وحصلت على عضوية مجانية مدى الحياة فى النادى منحها لى الراحل محمد حسن حلمى، رئيس النادى الأسبق، أشفق على حال النادى فى الفترة الحالية وأدعو الله أن ينفخ فى صورته، ومن وجهة نظرى أن مرتضى منصور، رئيس النادى الحالى، والغرور الذى تملك من اللاعبين السبب الرئيسى لتدهور نتائج الفريق، عكس النادى الأهلى الذى يشبه القطار الذى لا يتوقف ويجب أن يقتدى به باقى الفرق واللاعبون.