الثلاثاء 11 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

البُعبُع الذي أكل الكراريس والتلاميذ والدولة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تقدم في مصر بدون إصلاح للتعليم أولا، ولا تعليم محترم طالما لدينا ثانوية عامة بهذا الشكل البشع الذي عليه، فالدنيا حولنا تتغير وتتطور، بينما نحن ما زلنا نربى في مدارسنا بعبعا اسمه الثانوية العامة، يرهق الآباء، ويرعب الأبناء، ويلتهم أموالهم، ويروع أمنهم، كل هذا وليت الطلاب يخرجون من هذه المرحلة التعليمية وفى رءوسهم علم ينتفع به، بل على العكس، ينسون كل ما يدرسون على أعتاب الجامعة، ليدخلوا مدرجات التعليم العالى على فيض الكريم، ويا مولايا كما خلقتنى.
تلك الأزمة الكبرى لا بد أن تنتهى، لا بد من الخلاص من التعليم المصرى العقيم، لا بد من أن ننظر إلى التعليم ومشكلاته نظرة شاملة لإعادة تصحيح كل الأوضاع المقلوبة.
فلا يوجد بيت في مصر لا يشكو مُر الشكوى من حال التعليم، وما وصل إليه مستوى أبناؤنا الطلاب، فمنذ دخول التلميذ مرحلة الحضانة وحتى تخرجه في الجامعة، لا تتوقف شكوى أولياء الأمور من تدنى مستوى الدراسة، وتراجع أخلاقيات التعليم، وصعوبة الامتحانات، وعشوائية المناهج، وارتفاع المصروفات، وسطوة الدروس الخصوصية، والكثافة الكبيرة داخل الفصول، خاصة في المدارس الحكومية، وانتشار العنف بين الطلاب، وغيرها من المشكلات التي يعانى منها التعليم في مصر، وهى مشكلات نتاج سنوات طويلة أهملنا خلالها التعليم، رغم أنه أهم ملف في الدولة، ويجب أن ينظر إليها بعين الاعتبار، بحيث لا نكتفى بالتصريحات الوردية التي يطلقها كل مسئول أو وزير عند توليه المنصب، ثم تتبخر وعوده بعد ذلك، ولا نجد منها شيئا على أرض الواقع!
فهناك تقارير مفزعة عن حال التعليم في مصر، أهمها تقرير صدر من الهيئة العامة للأبنية التعليمية، يؤكد أن مصر تحتاج إلى 35 ألف فصل لتغطية الاحتياجات الحقيقية للتعليم الأساسى، مضيفًا أن المناطق المحرومة تصل إلى 2367 قرية، وأشار التقرير إلى أن هناك 537 وحدة محلية في مصر بلا مدرسة ثانوية!
وعن التعليم الفنى كشف التقرير أنه يوجد 66 قسمًا ومركزًا بلا مدرسة فنية، مبينًا أن الوصول إلى كثافة متدنية داخل المدارس تتراوح ما بين 40 و45 طالبًا وهو ما يحتاج توفير 52 ألف فصل.
أما معايير الجودة الحقيقية قال التقرير إننا نحتاج إلى 240 ألف فصل وهناك 18 ألف مدرسة تحتاج إلى صيانة، وهو ما يعنى احتياجنا إلى مليارات الدولارات.
وإذا أردنا أن نتعرف عن قرب عن حالة التعليم في مصر فإن الأرقام تؤكد أننا وصلنا لدرجة لا يمكن السكوت عليها بأى شكل من الأشكال، فوفقًا لتقرير الائتلاف المصرى لحقوق الطفل فقد بلغ عدد إصابات الأطفال جراء العنف المدرسى (عام 2015 فقط) نحو 204 طلاب أصيبوا داخل المدارس، منهم 27 حالة قتل مدرسى! و33 حالة استغلال جنسى!. والتسيب داخل المدارس والكرامة المهدرة سواء للمدرس أو للطالب لا تتوقف عند حالة العنف لدى المدرس والطالب بل تصل إلى أولياء الأمور في حالات كثيرة.
المشكلة الكبرى هو ما تتكبده الأسرة المصرية من متاعب نتيجة التخبط في منظومة التعليم، سواء عن طريق دفع أموال باهظة في الدروس الخصوصية التي تستنزف ميزانيات البيوت المنهكة، وخاصة في المرحلة الثانوية، أو بسبب سوء المناهج التي صارت شبه عقيمة، فهى لم تتغيير منذ 30 عامًا، في الوقت الذي تطور فيه الدول الغربية مناهجها مرة كل خمسة أعوام على الأكثر.
إن التعليم في مصر يحتاج إلى ثورة حقيقية، يطال تغييرها جذوره، وقد دعا إلى ذلك الرئيس عبدالفتاح السيسى، مطالبا بإعادة تقييم مناهج تعليمنا حتى تنتهى عقد الأسر المصرية، التي تصيب جيوب المواطنين بوعكة اقتصادية تستنزفها ماليا، وتصيب أرواحهم بعقدة نفسية تستنزف طاقتهم الروحية، خاصة الأسرة التي لديها أبناء في الثانوية العامة كابوس التعليم المصرى!
لا بد أن تكون هناك استراتيجية واضحة لدى الدولة لتطوير التعليم، في فترة محدودة يعلمها الجميع، حتى تعود مصر لريادتها في التعليم كما كانت في الماضى عند قادة حركة التنوير والتثقيف والتعليم في المنطقة العربية بأكملها.
وعلينا جميعًا (حكومة ومجتمعا مدنيا) أن نتكاتف لإصلاح حال التعليم في مصر؛ لأن الدولة وحدها لن تستطيع حل مشاكلنا بمفردها.