الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إلغاء وزارة التعليم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استوقفنى الأسبوع الماضى تصريح للدكتور الهلالى الشربينى «وزير التربية والتعليم» أكد فيه أن حوالى ٨٨٨ مدرسة تمثل خطورة داهمة على الطلاب لأنها باختصار آيلة للسقوط!! وبحسبة بسيطة ومن خلال تأكيدات السيد الوزير أيضًا أن الفصل الدراسى بهذه المدارس به ١٢٠ طالبًا!! فإذا تخيلنا مجازًا أن لكل مرحلة دراسية خمسة فصول.. نصل إلى نتيجة صادمة مفادها.. أن هناك أكثر من سبعة ملايين طالب حياتهم فى خطر!!
هل تتخيلون حجم المأساة أن تبعث أسرة أبناءها للدراسة يرجع أحدهم مصابًا أو متوفيا نتيجة إهمال الحكومة بالسماح للطلبة بالتواجد فى مثل هذه الأبنية الآيلة للسقوط التى من المؤكد يخشى المسئولون من زيارتها خوفًا على أرواحهم.
والسؤال الذى يدق الرءوس بعنف.... إلى متى ستظل أرواح أبنائنا رخيصة لهذا الحد؟ وماذا كان يفعل الوزراء السابقون؟! فإذا كان الشعب قد ارتضى بمستوى تعليمى هابط وساقط، ولا يمكن مقارنته بأى دولة حضارية.. لكنه أبدًا لن يرضى ولن يسامح فى حق أبنائه!!
لا ينكر أحد أننا دولة لها حضارة عريقة واستمرت على مدى أعوام تضع التعليم نصب عينيها.. لن ننسى أبدًا الأجيال القديمة التى كانت تتباهى بأن لديها «الابتدائية القديمة».. لأنها كانت تعنى أنها اكتسبت من العلم الكثير.. فيبدو أن التعليم فى هذه المرحلة كان يؤسس الفرد كما ينبغى أن يكون. بما يعنى أننا كنا نهتم بالتعليم، ولكن بدلًا من التجويد والتطوير كان السقوط والانهيار.. للأسف نحن بالفعل أمام منظومة تعليمية ساقطة..تعتمد على الكم وليس الكيف، ولم يستطع أحد على مدى الأعوام الماضية أن يطوره بل للأسف كان الحشو والتعقيد هما السمة الغالبة على المناهج حتى وصلنا للهاوية...!! ولا أدرى لماذا لم يكلف أى مسئول نفسه فى البحث والتنقيب عن نظام تعليمى محترم ومتقدم نسير على نهجه.. فالتعليم أساس تقدم الدول.. فبنظرة إلى بعض الأنظمة التعليمية سنجد أنه على قدر تقدم الدول على قدر بساطة التعليم وقدرته على صقل مواهب وقدرات الطالب.. وقد يتخيل البعض أن أمريكا وإنجلترا هى أقوى الأنظمة التعليمية!!.. ولكن هذا ليس صحيحًا فتتصدر فنلندا أولى الدول فى نظام التعليم وفقًا للدراسات التى يجريها البرنامج الدولى للتقييم الطلابى «بيسا» الممول من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من حيث التعليم وبخاصة تدريس مادة الرياضيات والقراءة والعلوم..الحكومة الفنلندية أوضحت أن الهدف الأساسى لديها أن يصبح كل مواطنيها يملكون أسس المعرفة والعلم، ويواكبون العصر، وأن تكون لديهم مهارات تمكنهم من تحقيق معدلات نمو اقتصادى كبيرة..وتهتم فنلندا بإجراء دراسات دورية حول المستوى التعليمى لها وللدول الأخرى، لتحتفظ دائما بالصدارة.. ويبقى الأهم أنها من خلال الدراسات وصلت إلى وجود مشكلة فى العديد من الدول لاسيما المتقدمة تتعلق بعدم وجود دافع لدى الطلبة للدراسة والمنافسة للتجويد، وهو خلل حديث وضعت الدولة على عاتقها محاولة علاجه. سنغافورة أيضًا من الدول التى تحظى بنظام تعليمى لافت للنظر يعتمد على إعطاء فرصة للمتعلمين من تطوير قدراتهم وكفاءاتهم وشخصيتهم وقيمهم. ودائمًا يحظى الطلاب السنغافوريون بمراكز متقدمة فى مسابقات الرياضيات العالمية. وهناك من الأنظمة المتقدمة تعليميًا على مستوى العالم كوريا واليابان وكندا نيوزيلندا وأستراليا وهولندا وسويسرا وألمانيا.. وكل هذه الدول اعتمدت على تنمية قدرات الطالب أولًا والاهتمام بمواد ثلاث هى الرياضيات والعلوم والقراءة.
أما مصر فللأسف لديها نظام تعليمى قائم على الكم وليس الكيف، ومن خلال أطروحات لخبراء التعليم، وبنظرة تحليلية للأنظمة التعليمية العالمية نجد أننا نحتاج إلى خُطة سريعة لإصلاح التعليم، تقوم على أساس الاعتماد على تطوير مواد القراءة سواء العربية أو الإنجليزية وأى لغة أخرى لأنها ثقافة ومعرفة مطلوبة لكل فرد، ومادتى الرياضيات والعلوم. وهنا تتبقى المواد الأخرى التى ما هى إلا حشو ليس له معنى، فمن الممكن تبسيط المادة بحيث تكون عبارة عن عدد من الأسئلة التى تعتمد على بحث الطالب من خلال استخدام الكمبيوتر والنت، والذى يجيده الجميع الآن، وبالتالى صقل قدرات الطالب وجعله فى حالة يقظة مستمرة وشغف للتعليم.. ومن الممكن تشكيل مجلس علماء يتبع الرئاسة مباشرة لضمان الإنجاز، وتكون مهمته تطوير التعليم ليصل للمستوى العالمى، ومن الممكن الاستعانة بنظام تعليمى عالمى متقدم لاسيما أن فنلندا عرضت تصدير نموذجها التعليمى لمصر. لا شك أننا بتطوير التعليم ستكون لدينا «مصر جديدة» نفتخر بها داخليًا وخارجيًا.. يكفى أننا سنحمى ملايين العقول النظيفة من الضياع.. والحقيقة بعد أن ساهمت وزارة التعليم فى تفاقم مشاكل التعليم عامًا بعد الآخر دون الوصول إلى أى نتيجة إيجابية أصبح من الواضح أن استمرارها.. لن يكون سوى إهدار للمال والجهد والوقت.. وهو مانحن فى غنى عنه الآن.. لأننا فى أمس الحاجة للتركيز.