رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الحيرة النبيلة للمصريين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يوضع الشعب المصري في حيرة قدر ما وضع اليوم.. هل يذهب المصريون بالتصويت بـ“,”لا“,” أم يقاطعون أم يصوتون بـ“,”نعم“,”، الحقيقة ولعدم توافر استطلاعات رأي دقيقة.. فهذه الحيرة المرتبطة باستخدام العنف اللفظي والفكري والبدني من قبل جماعة الإخوان المسلمين وتيارات الإسلام السياسي تجعل الخيارات المطروحة واضحة تمامًا، ولكن كل تلك الحيرة وراءها حسب موازين القوى لكل من التيارين الأساسيين المتصاعدين، فالتيار الإسلامي بقيادة جماعة الإخوان المسلمين فشل في الجولة الأولى من استخدام القوة، واستطاع الشباب الثوري وظهيرهم صناع الضمير في الوطن والعالم جعل الجماعة تعيد حساباتها في آلية استخدام العنف، وتحاول استخدام الآليات السلمية بأساليب عنيفة مثل حصار المحكمة الدستورية، ومدينة الإنتاج الإعلامي، والهجوم الإعلامي المصحوب بتهديدات معلنة، ولكن هذه الجولة فشلت وتداعت حجج فضيلة المرشد، فلجأت الجماعة وحلفاؤها إلى مسرحية (مرسي يحاور مرسي) أي إليه الحوار الذي رفضته كل المؤسسات المعنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، ولم يتحاور سوى مع جمع من الإسلاميين، وبعض من الشخصيات التي تريد أن تلعب دورًا في المرحلة القادمة وليست لها أي رصيد شعبي.
ومع كامل احترامي للشخصيات غير الإسلامية التي دخلت الحوار من باب “,”النوايا الحسنة والمصالح المتبادلة“,” أعلنت أنها لا تمثل إلا نفسها، وبذلك فشلت تلك الجولة، لتبدأ الجولة الرابعة من الجماعة وحلفائها وهي الذهاب إلى صناديق الانتخابات حتى لو كلف ذلك الشعب المصري المزيد من صناديق الشهداء.
وهنا تطل المعركة الفاضلة برأسها؛ حيث يرى البعض أن التصويت بـ“,”لا“,” مشاركة في إضفاء شرعية على دستور لم تشارك فيه، وتأكيد على شرعية النظام المتأسلم، وعلى كل الصفقات التي أبرمها مع الأمريكان سواء بشأن سيناء أو غيرها، ثم إن معظم القضاة سوف يقاطعون الإشراف على الانتخابات والشرطة في حالة يرثى لها، والقوات المسلحة أعلنت في بيانها أنها لن تكون ضد الشعب، وحتى حينما أكد حزب الحرية والعدالة أن مرسي أعطى حق الضبطية القضائية للقوات المسلحة، فإن القوات المسلحة بتاريخها الطويل الوطني لن تقف في مواجهة الشعب، وإن دل ذلك على شيء فهو يدل على أن آلية استخدام القوة من الجماعة وتنظيمها الخاص قد باءت بالفشل.
ويرى أنصار المقاطعة أن الحل هو إسقاط الدستور، ولكن ذلك سوف يجعلنا نسأل هل أصحاب وجهة نظر المقاطعة يدركون أن ذلك الرأي يحتاج إلى تحديد رؤيتنا من النظام وشرعيته، وهل إذا اتفق أصحاب هذا الرأي على المضي قدمًا فيه، فهل هناك موازين قوى شعبية لتواصل المد الشعبي وصولاً للإضراب والاعتصام المدني العام مثلما حدث في ثورة 25 يناير؟ ومن ثم هناك رهانان، رهان النظام المتأسلم والذي يرتكن على الدعم الأمريكي الواضح، واستخدام القوة، وتزوير الاستفتاء للوصول للشرعية بشتى الطرق.
ورهان القوى الوطنية لا يقوم سوى على الشعب الثائر، ولكن هل تستطيع القوى الوطنية والثورية أن تنظم الأنفاس في مسيرة طويلة وقد تكون دموية؟.