الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل بدأت معركة الرئيس ورجال الأعمال؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الرئيس غضب. يبدو أنه سيغضب كثيراً فى الأيام المقبلة. هل كانت سبعة عشر شهراً سبقت عاصفة؟. أتمنى، وإن كنت أشاطر الجميع تمنياتهم بأن تجتاح العاصفة كل رموز الفساد وأوكاره، وكل من يتجاسر على هيبة الدولة المصرية أو يشمت فى مصائبها. هل أدرك الرئيس أخيراً أن كل الذين هادنهم أو راهن عليهم أو أخذهم تحت جناحه قد تحولوا، أو على وشك أن يتحولوا إلى كلاب سعرانة.. على الأقل لم يرتقوا إلى مستوى طموحه وثقته فيهم؟.
الرئيس هبّ فى الإعلام، والإعلام رد له الصاع: أخذت العاطل بالباطل»، وضاق صدرك بالنقد، وقرّبت من لا يستحق، وهمّشت شرفاء كان ممكناً أن يكونوا سنداً لك وليس خَصماً من شعبيتك. وقبل ذلك لم تسأل حكومتك: لماذا تصر على تعطيل التشريعات التى تكبح فوضى وانفلات هذا الإعلام؟!.
كانت المعركة ستشتعل أكثر، لولا حادث الطائرة الروسية، فعاد الإعلام إلى قواعده، واستنهض حساً وطنياً كان قد غاب عن الكثير من العاملين فيه. ولم يكن التغنى بقدرة الدولة المصرية -شعباً وقيادة- على الصمود فى وجه المؤامرة قد انتهى، حتى هجمت الدولة على إحدى أعتى قلاع البيزنس، المهندس صلاح دياب. وهكذا أُقحم الرئيس من جديد فى أتون معركة.. كان ينبغى عليه أن يحسمها من البداية، لكنه كالعادة تأخر.
بصرف النظر عما جرى للمهندس صلاح دياب، وعما يقال فى أسباب ما جرى: هل هو تربح.. أم حيازة سلاح غير مرخص.. أم توجهات «المصرى اليوم»، فإن الرئيس تساهل كثيراً مع رجال الأعمال، بل بدا لبعض المتابعين أنه انحاز إليهم على حساب المواطن العادى، الغلبان. المواطن الذى يتكئ عليه ويحتمى فيه و«يشكو إليه». ترك الرئيس الحبل على الغارب لرجال الأعمال، ومكّن لهم، حتى داسوا على رقاب العباد وأصبحوا فوق الدولة والقانون والرئيس. لم يكن الرئيس «شديداً» عليهم بما فيه الكفاية. لم ينزل إلى مستوى جشعهم وألاعيبهم القذرة.. تأدُّباً منه واطمئناناً لنواياهم. لم «يلاعبهم» بالسلاح الوحيد الذى يكسر شوكتهم: «قوة القانون»، مع أنه يعرف تماماً أن معظم رجال الأعمال مكروهون. وأن المواطن العادى ينظر إلى رجل الأعمال باعتباره لصاً وفاسداً ومتآمراً عليه، ومن ثم كان ممكناً أن تكون المعركة أسهل مما هى الآن.
تساهل الرئيس مع رجال الأعمال حين رفضوا فى البداية تلبية دعوته للتبرع لصندوق «تحيا مصر»، وتركهم يطبّلون له فى فضائياتهم، أو يستبقونه فى رحلاته الخارجية ليفرشوا له أرصفة أوروبا وأمريكا بالورود والأهازيج (قيل لى إن أحدهم وعد بوضع 150 مليون جنيه فى الصندوق ولم يدفع مليماً واحداً حتى الآن!). تساهل الرئيس حين تركهم يعبثون فى اقتصاد البلد ويغرقون عملته المحلية ويتلاعبون بالبورصة، والأكثر من ذلك أنه كافأهم بحصة الأسد فى مشروعاته الكبرى!. لقد سلّم الرئيس -فى المحصلة النهائية- رقبة المواطن لرجال الأعمال، والنتيجة أن «الزغلول الكبير»، أسطورة الهواء (محمولاً ومرئياً) هجم على كعكة الانتخابات البرلمانية، وعقد العزم على شراء برلمان «30 يونيو» بكل الطرق، وأياً كانت التكلفة، وسلط إعلامه الخاص على الرئيس شخصياً، وعلى كل مؤسسات الدولة (وهى فى الحقيقة خربة، وبعضها يستحق الحرق)!. أثبت الزغلول الكبير للجميع أنه أقوى من الدولة، واعترف أكثر من مرة أنه يطمح إلى تشكيل أول حكومة برلمانية. وأن هذه الحكومة (التى أسال من أجلها نهراً من الفلوس) ستبدأ عملها بإلغاء قانون الإرهاب والإفراج عن الشباب «الكيوت» المحبوسين على ذمة قضايا منظورة أمام السلطات المختصة. وأنا لا أستعبد أن تطالب حكومة هذا الزغلول الداهية بخصخصة مياه النيل، وتحويل المعابد الفرعونية إلى «فنادق سبع نجوم»، وقد تدفعه لوثة غرور إلى المطالبة بسحب الثقة من الرئيس نفسه.
كنت أتمنى أن تكون الضربة الأولى من نصيب هذا الرجل، لأن الدولة بشكلها الحالى، وباعترافه أيضاً، لا تعجبه ويسعى إلى هدمها بكل الطرق. هو يريدها دولة رجال أعمال، وليذهب الغلابة، ممن يستنجدون بالسيسى منذ 30 يونيو، ويرون فيه منقذاً وملهماً، إلى الجحيم. هذا الرجل -وكثيرون مثله- لا يُخفِى عداءه الفج لكل ما تركه عبدالناصر لهؤلاء الغلابة، وإذا مددتَ الخط على استقامته ستدرك أنه يخفى عداءً مفرطاً للمؤسسة العسكرية، فهل سأعيش حتى أراه كما أتمنى؟!. افعلها يا سيادة الرئيس.

* نقلاً عن جريدة الوطن