الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

تمرير الموت في "شربة مياه"

تحجز العناصر المفيدة لجسم الإنسان ولا تعالج الملوثات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«الفلاتر» تقلل نسبة الأملاح في المياه عن المعدل المطلوب وتصيب بـ«بكتيريا سامة»
مليار ونصف المليار سنويًا حجم «بيزنس الفلاتر».. و«التايواني» الأعلى سعرًا و«المصري» و«الصينى» الأسوأ
«مياه الشرب لديك طعمها غريب، سارع بشراء فلتر إذن، للحفاظ على صحتك وصحة أولادك، ليزيل الرواسب والصدأ، والعديد من الشوائب المائية الأخرى، إذا كنت تبحث عن المياه النظيفة، اتصل بشركتنا نصل لك فورا لتركيب الفلتر بالمجان».. هكذا تبدأ أغلب شركات فلاتر المياه إعلاناتها الوهمية عن الفلاتر «المضروبة»، التي لم تخضع للرقابة من قبل جهات الدولة، خلال مراحل التصنيع، أو تم تهريبها بطرق غير رسمية، فلم تراع معايير المواصفات والجودة التي وضعتها هيئة المواصفات والجودة بوزارة الصناعة.
ونجد أن الدعاية للفلاتر تتضمن مغريات هائلة مفادها الحفاظ على الصحة، باعتبار أن استخدامها أمر ضرورى، كما تتضمن في الوقت ذاته مخاوف من استخدام مياه الحنفيات دون استخدام «الفلاتر».
الصحة تحذر
رغم تزايد تحذيرات وزارة الصحة من خطورة استخدام الفلاتر على الصحة العامة، إلا أن ذلك لم يمنع من ارتفاع معدلات الواردات لأنواع مختلفة من الفلاتر، معظمها يأتى من الصين.
وتؤكد الصحة أن استخدامها يقلل نسبة الأملاح في المياه عن المعدل المطلوب الذي يحتاجه الإنسان، لكن تلك التحذيرات لم تجد صدى لدى المواطنين الذين صموا آذانهم، الأمر الذي ساهم في رواج تجارة الفلاتر، فموزعوها يقنعون المواطنين بالشراء بعمل اختبارات لمياه الشرب في المقاهي، وتأتى النتائج دائما في صالح الفلاتر نتيجة للسوء الواضح لمياه الشرب، ويسيطر على سوق الفلاتر مجموعة من العلامات التجارية أو الماركات المختلفة، وهى ٦ أنواع، وكلها لموزع واحد وهو «ع. النعماني»، الذي يحتكر تلك المهنة، وأهم منافسيه الشركات الأشهر في السوق، والسعر الأعلى للتايواني، فيما يأتى الصينى والمصرى الأردأ والأقل سعرا، كما لا يوجد الأمريكى والإيطالى كما يدعى بعض التجار والبائعين، بجانب بعض الماركات المجهولة المصدر.
خداع للمواطن
في إطار دفاعه عن هيئة مياه الشرب، شدد العميد محيى الصيرفى، المُتحدث الرسمى للشركة القابضة لمياه الشرب، على أن سوق فلاتر المياه مبنية على خداع المواطن لإقناعه باستخدام «الفلتر»، وأن به عدة مراحل لمعالجة المياه، وكله غش تجارى على المواطن، لزيادة المبيعات، لأن جميع الفلاتر بداية من الفلتر ذات الثلاث مراحل إلى السبع مراحل غير قادرة على معالجة المياه بل خطورته أكثر من نفعه، لأنه يحجز الأملاح وجميع العناصر المفيدة للجسم، وتحولها لسائل مضر لجسم الإنسان، وأن وجود المياه بالفلتر لفترة طويلة قد تصيب المستهلك بتلوثات البكتيريا والطحالب، التي تحجزها شمعات الفلتر، كما أن الشركة القابضة تعالج المياه جيدا، وعلى استعداد تام لتلقى أي شكوى على الخط الساخن «١٢٥»، بالنسبة للمياه، والقيام على حلها فور ظهورها.
لا توجد رقابة
ويرى دكتور «مغاورى شحاتة»، خبير المياه الدولي، ورئيس الجمعية العربية للمياه، أن فلاتر المياه الموجودة بالسوق لا توجد رقابة عليها، ولا تحكمها ضوابط، ونجد اليوم مسوقين ومندوبين بفلاتر من أنواع متعددة، منها الفلتر الكربون، ومنها مانع الأتربة، ومنها مانع للرائحة، ومنها فلتر مانع الحديد، والمنجنيز، وفلتر الفوسفات، وبالتالى عالم تجارة الفلاتر يحاول أن يقنع الناس بجدوى الفلاتر وبأكثر من حيلة، أن المياه ملوثة وتحتاج للمُعالجة عن طريق الفلتر، ومن الممكن أن تحتاج المياه التنقية في بعض القرى، ولكن تحتاج إلى فلاتر بمواصفات مُحددة، وليس بأى فلتر، كما يروج التاجر، ولا بد أن يكون الفلتر قادرا على تعويض بعض المعادن الثقيلة والأملاح الموجودة بالمياه، وهذا صعب، بجانب أن الفلاتر الموجودة ويروج لها عن طريق شهادة الأيزو والمواصفات العالمية، مصنوعة على تنقية مياه الدولة المصنوع بها، كما أنه لا بد من صيانة تلك الفلاتر باستمرار، وبفترات أقل من شهرين، لأن الشمع وأجهزة التنقية الداخلية تمثل خطورة قصوى، لأنه يتغير في دولة المنشأ كل ٦ أشهر، وهناك فرق كبير بين مياه دولة المنشأ، والدولة المستهلكة، كما أن الفلتر عمره الافتراضى لا يزيد على سنتين، مشددا على أهمية دور الرقابة في مواجهة هذه الظاهرة، ووضع ضوابط ومواصفات لها.
وأشار شحاتة، لـ«البوابة»، إلى أن الفلاتر تكون مطلوبة أحيانا لإزالة الرائحة والأتربة وعكارة المياه، ولكن تحت رقابة وتوصيف جيد، رافضًا بيع الفلاتر على أنها المنقذ الوحيد في حالة الأزمات، وقد لا تكون لها ضرورة، وهذه هي سوق الفلاتر التي تعتمد على الشائعات لغزو السوق، مؤكدا أن الاختبارات التي يقوم بها مروجو الفلاتر «خادعة»، لأنها عملية كيميائية، وعندما يحدث ترسيب أو تغيير في اللون من خلال مزج أملاح محددة مع بعضها، تتحول المياه إلى راسب، وهنا تكون عملية الخداع.
وتقول الدكتورة «نشوى شرف»، استشارى علاج السموم بجامعة عين شمس، إن تنقية المياه تعتمد على إضافة الكلور، عن طريق المحطات الأساسية في كل منطقة، وهذه الإضافة تكون بنسب معينة، حتى تكون المياه بلا لون أو طعم أو رائحة، ولا تستطيع فلاتر المياه مُعالجة مياه الشرب من الملوثات، إن وجدت، رغم رداءة أساليب المُعالجة في محطات المياه التابعة للدولة، الفلاتر تحجز فقط بعض الرواسب والكربون والأملاح والرائحة، وهذا بالنسبة للفلاتر عالية الجودة، وهى قليلة بالسوق المصرية، فأغلب الفلاتر العادية لا تقدر حتى على إزالة الرائحة والكربون، ولكنها تزيل الرواسب فقط، بالطرق البدائية، والتي من السهل إزالتها بدون فلتر، عن طريق الشاش والقطن الأبيض.
وعن أساليب تنقية مياه الشرب المُستخدمة في مصر، قالت استشارى علاج السموم، إنها تعتمد على سحب المياه من نهر النيل وفروعه، بطلمبات ضغط منخفض، لرفع المياه من منسوب البيارات إلى منسوب موزعات المياه للمروقات، ثم تضاف جرعة كلور مبدئية إلى المياه، وهى في طريقها إلى الموزعات، ويضاف إليها غاز الكلور بجرعات، ويتم تحديدها على أساس اختبارات معملية للقضاء على الكائنات الممرضة، بحيث لا تتجاوز نسبة الكلور المتبقية ٠.٦ – ٠.٢ جزء في المليون، ولا بد أن يترك الماء بعد إضافة الكلور لمدة ٣٠ دقيقة، حتى تتم المعالجة، مؤكدة أن المياه الملوثة يندرج تحتها ثلاثة أنواع من الأمراض، فهناك الملوثات البيولوجية، وهى حيوانات نافقة وخلافه تلقى في مياه النيل، وملوثات كيميائية ناتجة عن مخلفات المصانع، والتي غالبًا ما تحتوى على مركب «الهيدرو كربونيك شديد السمية»، ثم المعادن الثقيلة التي لا تذوب في المياه، وتظل محتفظة بمكوناتها «السيانيد والكادميوم»، وتتطلب معالجة من نوع متطور، حتى يتم فصلها، مشددة على ضرورة أن تتماشى محطات المياه مع التكنولوجيا، وتكون بها أجهزة معالجة عالية التقنية، حتى يتم تفادى أمراض كثيرة، من الممكن أن تكلف خزينة الدولة أموالا باهظة.
وقال الدكتور عادل بطرس، استشارى المسالك البولية، إن رواسب المياه تتسبب في وجود نوع من الحصوات، مؤيدا تركيب فلاتر ذات مواصفات وجودة جيدة، للتخلص من الرواسب الموجودة بالمياه، مؤكدا أنه من الممكن تعويض الأملاح بأشكال كثيرة عن طريق الطعام.
اللواء مدحت عبدالله، مدير الإدارة العامة لمباحث التموين السابق، أكد أن فلاتر المياه مُطابقة للمواصفات، وللموافقات الاستيرادية، سواء كان مستوردا أو محليا، ومطابقة للصادرات والواردات المسموح بتداولها، لكن إذا لم تخضع لكل هذه الطرق، تكون مُخالفة وغير مصرح بتداولها، مشيرا إلى أن دور الأجهزة الرقابية يتمثل في ضبط السوق، من خلال مراقبة التجار والمحال التي تتعامل مع المنتج، والاطلاع على الأوراق والمستندات والشهادات الخاصة بكل سلعة، وإن كان مشكوكا في أوراقه يتم أخذ عينات من المنتج، وترسل للمواصفات والجودة والعلامات التجارية، للتأكد من صحتها، وإن كانت النتيجة سلبية تتم إعادة التصدير أو إعدام السلعة، مع مُعاقبة التاجر، ومُحاسبته قانونيًا.
حملات رقابية
فيما أكد عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، أن الجهاز شنّ عدة حملات على شركات بيع الفلاتر مجهولة المصدر، وحرر عدة محاضر، ووجهت لهذه الشركات تهم عرض وبيع منتجات مجهولة المصدر وتضليل المستهلكين، بادعاء أن الفلاتر صناعة أمريكية على خلاف الحقيقة، مشيرا إلى أن الجهاز يتابع باستمرار كل وسائل الإعلان التي يتم الترويج من خلالها لمنتجات مجهولة المصدر. ويشير يعقوب، إلى أن جهاز حماية المستهلك يتعاون مع مباحث التموين في شن حملات لضبط الأسواق، ومنع تداول أي سلع مقلدة أو مجهولة المصدر، أو غير مطابقة للمواصفات، أو فاسدة، للحفاظ على سلامة السلع وصحة المصريين.
استيرادها قانوني
ويقول أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين، إن كل الشحنات التي تدخل من الخارج، ولها إجراءات قانونية، سليمة بالنسبة لشعبة المستوردين، ولا يوجد بها أي مخالفات، لاشتراطات الاستيراد، وكلها مطابقة صحيًا وبيئيًا وهندسيًا، مؤكدا أن فلاتر المياه من الصعب تهريبها، لأن المهرب يعتمد على الأشياء الصغيرة غالية الثمن.
كما أكد رمضان عبدالفضيل، عضو اللجنة العام لشعبة المستوردين، أن حجم سوق فلاتر تنقية المياه ومستلزماتها يتخطى حاجز المليار ونصف المليار سنويا، وأن السوق المصرية، بها أكثر من ٣٠ نوعًا من الفلاتر، أغلبها من الصين وتايوان.
أسعار الفلاتر
ويقول سعيد الشيمي، مستورد فلاتر، إن السوق المصرية بها أكثر من نوع من فلاتر تنقية المياه، منها ما هو بدائي، الثلاثى والخماسى والأحادى المراحل، وهى عبارة عن مدخل ومخرج مياه، وهى نوع من النصب على المواطنين، لأنها تضر المواطنين، حيث تعمل على خلق بيئة مهيأة لتكاثر البكتيريا والطحالب، لعدم احتوائه على مخرج لتصريف المياه الملوثة، فعندما انتشرت الفلاتر في مصر، كانت مرتفعة الأثمان، خاصة الست والسبع والخمس مراحل بالموت، مما قلل الإقبال عليها، وهو ما جعل الشركات المصنعة تستغنى عن القطع الغالية في الفلتر، وتزيد التسويق من خلال الإعلانات، حيث تحسب الشركة للعميل نقاطا ومكافآت، إذا ما جاء بمشترين جدد، وللتأكد من جودة الفلتر، لا بد أن يكون له وحدة صرف خارجي، ومخرج لتصريف الشوائب والطحالب والصدأ، ويغسل نفسه بنفسه، وإلا أصبح بيئة مهيأة لتكاثر البكتيريا.
ويضيف: «هناك فلاتر في مصر صينية عمرها الافتراضى وجودتها قليلة، وأخرى تايوانية، وتستعين وزارة الصحة بشركات الفلاتر في وحدات غسيل الكلى، لعمل محطات مياه تخرج نسبة الأملاح زيرو، وأى مركز غسيل كلى به فلاتر، وأسعارها تبدأ من ١٥٠ إلى ٥ آلاف جنيه، وأفضل أنواع الفلاتر، يكون سعرها ١٤٥٠ جنيها، ولكن بعض الشركات تبيعه بأسعار أعلى، بزيادة وحدة تنقية بالأشعة تحت الحمراء، وهى تقنية للتأكد من سلامة المياه، وفي شارع الجمهورية توجد فلاتر «مضروبة» ومنتشرة جدا في السوق المصرية، وهى تعمل كمصد خلال أولى مراحل الفلتر بلا عمر افترضي، لكنه يتغير تدريجيا.