الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

محمد الباز يكتب.. صلى إمامًا في عمرو بن العاص على طريقة "ما يطلبه المصلون" هل يقبل الله دعاء "جبريل"؟ كيف سمحت له وزارة الأوقاف بإمامة آلاف المصلين وهو لا يكف عن الدعاء على كل من يعادي الإخوان بالهلاك

محمد الباز
محمد الباز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"محمد جبريل سيتولى إمامة الصلاة بناء على طلب المصلين، الذين قدموا طلبات كثيرة لديوان وزارة الأوقاف".. تصريح لم يكن عابرًا أبدًا من أحد مسئولي الوزارة، التى بنى وزيرها شرعيته على أنه محارب الإخوان الأول، ليس فى وزارته فقط ولكن فى مصر كلها، دعك من التعامل مع مقرئ للقرآن على أنه مطرب أفراح، يؤم المصلين بناء على طلبهم، ولكن توقف قليلا عند محمد جبريل نفسه، وتورط الوزارة فى إمامة ما يقرب من مليون مصل ليلة 27 رمضان بمسجد عمرو بن العاص، والرقم ليس من عندى، ولكنه تقديرات للوزارة، قبل أيام من دخول شهر رمضان- وعلى طريقة حريم النواصى- كتب جبريل بيانا على صفحته الشخصية بـ"فيس بوك" ما ألمح فيه إلى أنه ممنوع من إمامة الناس فى "عمرو بن العاص"، حيث قال: «الإخوة الكرام سلام عليكم ورحمته وبركاته، ورمضان كريم علينا وعليكم، كان بودى أن أجعل لبلدى مصر كل رمضان، ولكن ليس كل ما يسمع يقال، وكل لبيب بالإشارة يفهم، وعندما أكتفى بليلة واحدة يكون هناك شىء حدث رغما عنى، وكلما تسنح لى فرصة ويسمح لى تجدوننى فى صلاة الجمعة أكثر من مرة كل شهر فى مسجد عمرو بن العاص رضى الله عنه».
ويختم "جبريل" بيانه بقوله: «ولو قدر الله سبحانه وتعالى أن نكون معكم فلن نتأخر، وهذا يسعدنا وربنا يرفع الغمة عن بلادنا، وأسأل الله أن يصلح حال العباد والبلاد ويبارك فى العمر لنرى بلادنا مستقرة هادئة، وساعتها نعطى مصر شهر رمضان كله».
بيان جبريل يشير إلى أنه كان قد حصل على يوم واحد يصلى بالناس فيه إماما ويقدم دعاءه، كما اعتاد منذ سنوات طويلة، توقف لما يقرب من خمس سنوات لأسباب يعرفها هو جيدا، ملمحا إلى أن هناك من يرفض تواجده، أو يمنعه من الصلاة والدعاء.
يروج جبريل إلى أنه تعرض لمضايقات من النظام بسبب موقفه السياسى، وقبل أن تسأل: وهل لجبريل موقف سياسى؟ أقول لك الرجل لم يُخفِ إخوانيته، ولم يتأخر عن تقديم الدعم للجماعة، حاول أن يعمل ذلك فى الخفاء، فهو ممن يجيدون إمساك العصا من المنتصف، إلا أنه فضح نفسه فى دعاء له فى صلاة الفجر بمسجد نادى الصيد بعد حادثة الحرس الجمهورى (رمضان 2013).. حيث حول الدعاء إلى ما يشبه المنشور السياسى، المناصر للإخوان المسلمين، والمردد لكل مزاعمهم عما حدث فى المنصة، يمكن أن تسمع لما قاله محمد جبريل فى دعائه لتعرف أنه وضع الله على المحك السياسى، انحاز إلى جماعة الإخوان دون أن يعرف شيئا عن حقيقة ما يجرى، ثم طلب النصر لهم، والخزى لمن قتلهم، قاصدا- دون تأويل- رجال الداخلية والجيش الذين تصدوا لإرهاب الجماعة، ومحاولتها ترويع الناس وتوريط أجهزة الدولة فى صراع، حتى تضع يدها على مظلومية تجاهر بها بعد ذلك طالبة حقها. مواقف محمد جبريل معروفة ومعلنة إذن، لن أعدد لكم ما قاله فأنا لا أتعامل معه على أنه زعيم سياسى، لكنه تعامل مع ما حدث فى 30 يونيو على أنه انقلاب، وسخر من السيسى عندما قال إن التاريخ سيذكر أن الحاجة الوحيدة اللى صدرناها من يوم ما مسك السيسى هى الانقلابات، وسخر من موقف المصريين من شهداء الجيش، عندما قال: «لما الجنود ماتت أيام مرسى عملوا تمرد، ولما الجنود ماتت أيام السيسى عملوا وقفة تأييد»، ويبدو أن ما حدث فى رابعة كان بمثابة حبوب الشجاعة لجبريل الذى قال: «السيسى بيقول لك الإخوان استخدموا الديمقراطية للوصول للحكم، أنا أعرف واحد استخدم الدبابة وقتل 6000 عشان يوصل للحكم».. ولأنه مثل الببغاء الذى بل عقل، يقول: «نموت نموت ويحيا الوطن، يحيا لمن؟ هذا الوطن للعلمانيين والنصارى والصليبيين والمعاتيه والحمقى والأغبياء والراقصين والكذابين والمنافقين»، وعندما طلب السيسى تفويضا من الشعب المصرى ليحارب الإرهاب، كتب جبريل ما يعتبره هو شهادة لله وللتاريخ، ونشرتها له مواقع الإخوان والمواقع المتعاطفة معها، معتبرا أن دعوة السيسى بمثابة حرب أهلية بين المصريين بعضهم مع بعض، وقال: «أنا أحمله المسئولية كاملة عن كل دم مصرى سيسفك، حيث أخبرنى من أثق به أن بلطجية ومن لا يخافون الله كلهم سينزلون إلى المسالمين والمؤيدين للشرعية، لإرهاب الناس وقتلهم والدولة ستتفرج ويكفيهم حراسة التحرير والموالين للانقلاب». هل تريدون ما هو أكثر من ذلك، عندما وقف محمد جبريل إماما للمصلين أمس الأول فى مسجد عمرو بن العاص، وبدأ فى الدعاء، حوَّل ما يقوله إلى ما يشبه تحريض الله على كل من يقفون أمام الإخوان، لأكثر من ساعة وعشر دقائق وجبريل يدعو على الإعلاميين الفاسدين والسياسيين الفاسدين، وفى لحظة يعرف هو من يقصد بها وفيها، يقول «اللهم عليك بمن ظلمنا وسفك دماءنا، اللهم عليك بمن طغى وتجبر علينا، اللهم عليك بشيوخ السلطان، فك أسرانا، ارحم شهداءنا». وقبل أن تعتقد أنه يطلب الرحمة لشهداء الجيش الذين يسقطون كل يوم دفاعا وحماية لهذا الوطن، سأقول لك لا تحلم، فأمثال محمد جبريل لا يدعون لشهداء الجيش، بل يدعون لمن قتلوا من الإخوان، يمنحهم صفة شهيد، ثم يطلب الرحمة لهم، عن نفسى لا ألوم محمد جبريل على شىء، فهو حر فيما يراه صحيحا، حر فيما يعتقده، وأعرف أن هناك مثله كثيرين، لكن العيب كل العيب فيمن يعرف موقفه، ثم يمكنه من أن يكون إماما لعدة آلاف صلوا خلفه فى مسجد عمرو بن العاص،

هل من الطبيعى أن يقف مقرئ هزيل مثله بلا قيمة على الإطلاق، يدعو على الشعب المصرى قادة وشعبا بسبب ما حدث للإخوان، لمجرد أن صوته حلو، أو أنه يجيد التمثيل وهو يؤدى الدعاء، بما يجعله يؤثر فى مستمعيه، فترى الجميع يبكى فى هستيريا لا تفسير لها إلا أن الجميع فى حالة غيبوبة حقيقية وانعزال عن الواقع. هل يعرف وزير الأوقاف والذين معه ما الذى قاله وكتبه ودعا به محمد جبريل قبل ذلك، حتى يمنحوه مسجد عمرو وساحته ليكون نجما، يردد الجميع، خلف دعائه علينا، آمين وهم غارقون فى البكاء. المسألة لا علاقة لها بالدين، لها علاقة وثيقة بتوظيف سياسى للدين، فالدعاء يتحول إلى منشور سياسى، لأن جبريل الذى يقوم به ليس إلا جاهلا، منحازا إلى جماعة إرهابية، المناسب له أن يجلس فى بيته، أو يذهب إلى من يوافقونه الرأى وهؤلاء الذين يمنحونه الكثير، لست منزعجا على الإطلاق مما فعله ويفعله محمد جبريل، ولدىّ أسبابى الكثيرة، فما أعرفه عنه جيدا، يجعلنى أتأكد أنه ليس بالرجل الصالح، الذى يمكن أن يستجيب الله لدعائه، وليس هو بالرجل المخلص، لتتلقف السماء ما يقوله وتسارع بتنفيذه له، ثم إنه دعاء سياسى ملوث بالانحياز إلى قتلة، وإذا كان بعض البشر يسهل خداعهم ببكاء ونحيب من الشيخ الممثل، فإن الله يصعب خداعه. ولكن انزعاجى من وزير الأوقاف وكل من وقفوا وراء هذه المهزلة التى حدثت فى مسجد عمرو بن العاص، هل أدعو إلى محاسبة هؤلاء بداية من الوزير إلى أصغر مسئول، هل أطالب بأن يقالوا جميعا من مناصبهم؟ الأمر موضوع أمام من بأيديهم الأمر.