السبت 15 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

إسطنبول خارج نشرات اﻷخبار.. أردوغان أنفق الملايين على المسلسلات التركى لتدعيم نظامه

أردوغان
أردوغان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أردوغان يوهم شعبه أنه محبوب في العالم العربى، ويحاول فرض هذه الصورة من خلال التضليل الإعلامي.. وحاول النظام التركى أن يغير الرأى العام الشعبى ضد مصر عقب قيام ثورة 30 يونيو 
الرئيس التركى نشأ في حى شعبى يشبه الحسين واعتمد على الصفقات مع رجال اﻷعمال وتصفية اﻹعلام المعارض لتثبيت حكمه يحارب النزعة الغربية عند الأتراك بالالتفاف على القوانين التركية لأنه لا يملك الشجاعة لاتخاذ القرارات 
بين الواقع الذي تعيشه أي دولة وما يتردد عنها من أخبار عالمية مساحة كبيرة فليس كل ما يقال هو عين الواقع فبالرغم من الفضول المتكرر الذي كان يلازمنى كلما ذكرت الدولة التركية بثقافتها المتفردة إلا أننى لم أكن من أصحاب الهوس بكل ما هو تركى، والأهم أننى تأكدت أن هذه الحالة لن تتمكن منى ما حييت ليس تصغيرًا من الشعب التركى، ولكن لأن الفوارق بين تركيا ومصر قليلة نعم قليلة فالدولة العثمانية التي نالت من مصر قديما وابتلعت كل ثرواتنا وأصبغت علينا الكثير من تراثها الثقافى والشعبى لم تخرج من مصر سالمة فقد حملت معها كل آثار لن تتمكن محاولات التغريب التي شهدتها على مدى قرن أن تمحوها. 
فالشعبان لا يختلفان كثيرًا في أغلب صفاتهما بعيدًا عما يتردد عن النعرات العرقية وغطرسة الأتراك لأن التركى يحمل كل صفات المصرى فالشخصيتان متشابهتان إلى حد كبير. 
وقد كشفت الأيام الستة التي قضيتها في العاصمة التركية عن واقع آخر بعيدًا عما يتردد عن بلاد الأناضول عن فطرة شعب اعتاد على ازدواجية في كل حياته وعن أردوغان الذي يجتهد لينصب نفسه على رأس السلطنة البائدة
حاول أردوغان خلال العام الماضى الالتفاف حول الشعب التركى لتمرير قرارات ظاهرها الرحمة وباطنها خطوات للتخلص من الطابع الأوربي الذي يصر الأتراك على العيش فيه كان أول هذه القرارات هو عودة تعليم اللغة العثمانية وإدخال الكتابة العثمانية التي تكتب بحروف عربية في المدارس قائلًا إن تعليم العثمانية ضرورة لحفظ تراث الدولة. 
أيضا قام الرئيس التركى بالتعاقد مع شبكة محطات trt التركية المعروفة بانحيازها للحزب الحاكم وللدولة لإنتاج عدد من المسلسلات التركية التي تروج للخلافة العثمانية أولها مسلسل عن تأسيس الإمبراطورية العثمانية ويروى قصة حياة أرطغل أبو عثمان الأول مؤسس الدولة العثمانية وتجميعه القبائل التركية وانتصاره على المغول، ومن ثم إقامة الدولة العثمانية فيما بعد. 
يقول أحد منفذى الإنتاج في المسلسل إن تكلفة الإنتاج تجاوزت أي تكاليف سابقة في أي مسلسل تركى، وأن هناك مسلسلات أخرى في طريقها لبدء التصوير تدور كلها حول الدولة العثمانية في تركيا. 
أحد المشاركين في التنسيق للعمل قال إن هناك توجيهات شخصية من أردوغان نفسه للاهتمام بهذه النوعية من المسلسلات لإحياء التاريخ الإسلامى في تركيا. 
أردوغان يحارب أيضا النزعة الغربية عند الأتراك من خلال الالتفاف حول القوانين التركية لأنه لا يملك الشجاعة لاتخاذ قرارات تهدف إلى تقييد حرية الشعب التركى أو النسل من حريته فقد واجه صدامًا عنيفًا عندما حاول تمرير قانون لمعاقبة المرأة التي يثبت عليها واقعة الخيانة الزوجية فقد استقبل هذا القرار برفض شديد من الرأى العام ومن جموع الشعب التي رفضت القرار وأعلنت اعتراضها عليه حيث وقف أردوغان عاجزًا أمام موجة الرفض التي أعلنها الأتراك فلجأ بعد ذلك إلى طرق أخرى لتنفيذ قراراته دون صدام كان أهمها ما فعله لتقنين الدعارة بعد أن اعترضت جمعيات حقوق الإنسان على تقنين الدعارة وقالوا إنها تمثل دخلًا مهمًا للبلاد حيث تساعد على تنشيط السياحة في إسطنبول فقام أردوغان بالاتفاق مع عدد من رجال الأعمال الموالين لنظامه لشراء الأراضى التي يعيش عليها قطاع كبير من المشتغلات بالدعارة من مالكيها واتفق مع المستثمرين أن يعيدوا بناء هذه المنطقة التي تقع بالقرب من المتحف العسكري على أن يكون المقابل الذي سيحصل عليه رجال الأعمال الحصول على تسهيلات بنكية من الدولة وتراخيص بناء بأدوار زائدة عما يحدده القانون على أن تقوم الدولة بتعويض المشتغلات بالدعارة ماليا بتوفير معاشات ضمان اجتماعية لهم شهريا لإبعادهم عن الاشتغال بالدعارة. 
لأردوغان أيضا طريقة أخرى في التعامل مع الصحافة والإعلام فبالرغم من سياسته العنيفة مع معارضيه إلا أنه يستخدم التحايل أيضًا مع الصحف في تركيا ويقوم بإصدار عدد من الصحف وهى صباح وجريدة زمان وجريدة مليات وعدد من الصحف الأخرى، وكانت جريدة صباح المتحدثة بلسان حزب الشعب الجمهورى والمعارضة لأردوغان وحزبه فقام بتصفية الجريدة وشرائها وتطويع سياستها لأغراضه إلا أن كل هذه المحاولات لم تؤد إلى الإطاحة بتركيا فالشعب التركى يعلم كل مساوئ أردوغان، وهناك من يراه محتالًا وفاسدًا إلا أن الجميع ترضيه السياسة الاقتصادية لحزب العدالة ويدعم الطفرة الاقتصادية عندما فاز أردوغان في انتخابات الرئاسة أجريت في تركيا يوم ١٠ أغسطس ٢٠١٤ لاختيار الرئيس الثانى عشر لتركيا، وكانت أول مرة يتم فيها اختيار رئيس جمهورية تركيا بالانتخاب المباشر حسمت النتيجة بانتصار رئيس الوزراء التركى الحالى رجب طيب أردوغان من الجولة الأولى الذي حصل على أغلبية خالصة من الأصوات إذا لم يكن هناك مرشح حاصل على أكثر من ٥٠٪ من الأصوات في الجولة الأولى، وهذا الاكتساح لم يكن تأييدًا لحزب العدالة إلا أنه كان بسبب سياسة أردوغان الاقتصادية والطفرة الاقتصادية الكبيرة التي حققها للبلاد. 
عندما سألنا الأتراك عن تأييدهم للرئيس التركى الحالى قال الجميع انهم لا يؤيدون توجهات أردوغان وحزبه وأن أغلب الأتراك لا يدعمون الحكم الدينى لكن التحقق الاقتصادى الذي وصل إليه أردوغان ساعد على وصوله إلى رئاسة الدولة. 
مسقط رأس أردوغان 
أردوغان الذي نشأ في شرشمبا المنطقة الأكثر شبها بحى الحسين في مصر والتي تعتبر معقل التدين في تركيا ذلك التدين التقليدى الشعبى البعيد عن السياسة والتي لا تبتعد قليلًا عن منطقة الفاتح التي يوجد بها مسجد السلطان محمد الفاتح تلك المنطقة الأكثر تدينًا حيث يظهر فيها النقاب في الوقت الذي يندر فيه محجبات في بقية أحياء وشوارع إسطنبول أقامت شرشمبا احتفالات كثيرة عقب فوز أردوغان في انتخابات الرئاسة ونحرت الذبائح واعتبرت ذلك نصرًا للإسلام، فبعيدًا عن حزب العدالة ينقسم الشعب التركى إلى جزأين جزء علمانى رافض لوجود حكم دينى وآخر يدعم أردوغان وبينهما حالة من التنافر والشقاق لكن يتفق الأتارك في النهاية على الاعتزاز بالإسلام الحنيف فنجد أن أغلبهم يقر بمذهب الإمام أبو حنيفة يعيش الشعب التركى أيضا حالة من الازدواجية الدينية يؤمن بأبى حنيفة ولا يجد عيبًا في التمسك بكل مظاهر التحرر الأوربي بل إنه يفخر بها في أوقات كثيرة. 
إلا أن أردوغان لا يخطط الآن لإحياء شرقية الأتراك وتهذيبهم فهو مشغول حاليًا بعمل تعديلات دستوريه لإضفاء مزيد من الصلاحيات لمنصب رئيس الجمهورية لتكون المعركة القادمة تحويل نظام الحكم التركى وتركيبة نظام الحكم بحد ذاته، والتي أدخلت عليها تعديلات دستورية جوهرية، لكنه يرى أنها لا تزال تؤثر في توجهات العدالة والتنمية وقدرته على تحقيق الاستقرار في منظومة الحكومة الداخلية في الجمهورية التركية، وستكون هذه هي معركة أردوغان القادمة التي ستنتهى بتحويل نظام الحكم التركى إلى نظام رئاسى كامل. 
ورغم أن أردوغان لا يخشى أحدًا في معاركه السياسية ولا يقيم حسابًا لخصومه إلا أنه يقف أمام الشيخ محمود أفندى شيخ الطريقة النقشبندية -وهو من الشخصيات الدينية الصوفية في تركيا-، أمام الشيخ ويكن له احترامًا ليس معهودًا عليه خاصة أن محمود أفندى قام بدعم الحزب في انتخابات الرئاسة، وكان له دور في صعود أردوغان، وكان دعم محمود أفندى الشخصية الدينية الأكثر ثقلًا في تركيا لما له من مكانة عظيمة في نفوس الأتراك جميعًا. 
الأمر الأكثر أهمية والذي لا يعرفه الخارج التركى وخاصة مصر هو أن أردوغان يوهم شعبه أنه محبوب في العالم العربى، ويحاول فرض هذه الصورة من خلال التضليل الإعلامي. 
مصر وتركيا 
حاول النظام التركى أن يغير الرأى العام الشعبى ضد مصر عقب قيام ثورة ٣٠ يونيو إلا أنه فشل في ذلك لأن هناك جزءًا كبيرًا من الأتراك يرحبون بالسيسى رئيسًا لمصر، وهؤلاء من معارضى أردوغان يؤيدون السيسى فقط لأنه يخالف أردوغان، وهناك جزء آخر لا يأخذ مآخذ حقيقية على نظام الحكم في مصر، لكنه يرفض تدخل الجيش في الحكم وحدهم أتباع أردوغان هم من يكرهون السيسى ويعادون نظام الحكم في مصر خاصة أن الشعب المصرى على الرغم من رفضه الشديد لتدخل الجيش التركى في شئون الحكم إلا أنه يتفاخر بالجندية التركية حتى أن الأسر التركية تقيم الافراح إذا تم اختيار أبنائها للالتحاق في صفوف الجيش ويعتبرون أنفسهم من الشعوب المحاربة في الأصل.
من النسخة الورقية