الخميس 23 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ماذا عن مستقبل العلاقة بين أنصار الدولة الوطنية والقوى الديمقراطية ؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يكاد يكون من المستقر الآن أن إسقاط نظام مبارك تم فى حقيقة الأمر من خلال تحالق ضمنى وغير معلن وغير واضح المعالم و الاهداف أيضاً بين ثلاث تيارات : الاول جناح من أنصار الدولة الوطنية ، و الثاني القوى الديمقراطية، و الثالث جناح من قوى الإسلام السياسى، وكان أبرز ممثل لتيار انصار الدولة الوطنية هو الجيش، بينما كان الجناح الذى شارك من الإسلام السياسى هو الإخوان، و اخيرا فقد شاركت كل القوى الديمقراطية بكل مكوناتها الليبرالية واليسارية والناصرية و الديموقراطية . أنصار الدولة الوطنية الذين شاركوا فى إسقاط مبارك كانوا أساساً يرفضون سيناريو التوريث لا اكثر ، وكانوا أيضاً يحاولون إحياء مشروع الدولة الوطنية بعد أن ترهل كثيراً وبدا عاجزاً وفاشلاً فى العقد الأخير من سنوات حكم مبارك الطويلة، أما الإخوان ، الذين انضم إليهم السلفيين فى مرحلة لاحقة ، فقد شاركوا فى إسقاط مبارك أملاً فى الانفراد بالسلطة وبناء دولة دينية، وأخيراً فإن القوى الديمقراطية شاركت فى إسقاط مبارك أملاً فى بناء دولة ديمقراطية حديثة تتجاوز كل طبعات مشروعات الدولة الوطنية التي عرفتها مصر في تاريخها الحديث .
فى المرحلة الأولى من المرحلة الانتقالية ، التى أعقبت إسقاط مبارك ، حاول المجلس العسكرى احتواء الإخوان والقوى الديمقراطية و وضعهما تحت سيطرته والدفع فى اتجاه تقديم طبعة جديدة من الدولة الوطنية التى تكررت فى التاريخ الحديث عبر طبعات عديدة بدءاً بـ “,”محمد على“,” وانتهاءً بـ “,”مبارك“,” مروراً بـ “,”عبد الناصر“,” و “,”السادات“,”، لكن المجلس العسكرى لم يستطع إنجاز ما كان يأمل فيه لانه لم يستطيع أن يفرض هذا المشروع بنفس القدر الذى فشل فيه فى إدارة تعايش فيما بين الاتجاهات الثلاث استناداً على توافق حول قواعد اللعبة السياسية.
فى المرحلة الثانية من المرحلة الانتقالية حاول الإخوان احتواء الجيش والأجهزة الأمنية مؤقتا من خلال الحفاظ على أوضاع متميزة لهما، على ان يصطدما بهما بعد ذلك عندما يتمكنوا من اخونة الدولة بالكامل ، وبشكل موازى حاول الاخوان إقصاء القوى الديمقراطية مبكرا لكى يتمكنوا، وقد حيدوا الجيش باعتباره القوى الأهم والأكبر داخل تيار أنصار الدولة الوطنية، وأقصوا القوى الديمقراطية ، من البدء فى بناء دولة دينية استبدادية ينفردوا فيها بحكم البلاد تدريجياً وينطلقوا بعد ذلك في تصدير نموذج الدولة الدينية الإخواني .
بدأت المرحلة الثالثة من المرحلة الانتقالية قُبيل 30/6 عندما بدا فى الأفق بدايات تحالف ضمنى غير مُعلن وغير واضخ الاهداف و المعالم بين عدة تيارات من أنصار الدولة الوطنية وبين القوى الديمقراطية بغرض إسقاط مشروع الإخوان الرامى إلى بناء دولة دينية استبدادية موالية للولايات المتحدة الأمريكية.
الأمر المؤكد أن هذا التحالف ، الذى تشى بعض المؤشرات بأنه تم بمعرفة البعض ومشاركتهم من هذا الطرف او ذاك ، قد نجح فى تنفيذ أهدافه وأسقط بالفعل الرئيس مرسى وأزاح الإخوان عن سدة الحكم .
والأسئلة المطروحة الآن هى : هل سيستمر التحالف بين أنصار الدولة الوطنية والقوى الديمقراطية ؟، هل سيذبل هذا التحالف أم سيزداد قوة ؟ و ما هي الاسباب التي يمكن ان تعزز من هذا التحالف او تضعفه ؟ و ما هى خطة هذا التحالف إذا استمر ؟ وما هى أهدافه السياسية الواضحة والمحددة ؟، هل يرتبط هذا التحالف مثلا بمواجهة الإخوان فحسب أم سيكون له أسباب ودوافع أخرى ؟، هل موقف هذا التحالف من الإخوان هو إقصاءهم من المجال السياسي ؟ ام استيعابهم ؟ أم استيعاب بعض تياراتهم ؟، هلى يساوى هذا التحالف بين اتجاهات الإسلام السياسى المختلفة ؟ بصياغة أخرى : هل تتساوى الجماعات الجهادية فى سيناء مع الإخوان وهل يتساوى الاثنان مع التيارات السلفية أو مصر القوية أو التيار المصرى ... الخ ؟، هل من المقدر أن يقوم هذا التحالف بإقصاء تيار الإسلام السياسى من المشهد ؟ و إذا نجح هذا التحالف فى إقصاء تيار الإسلام السياسى فهل سيكون ذلك مقدمة لأن يقوم انصار الدولة الوطنية بإقصاء القوى الديمقراطية ؟، هل صحيح أن هذا التحالف تُمثل فيه القوى الديمقراطية دور ثانوى وهامشى وغير فاعل، ومن ثم يمكن الاستغناء عنه فى أى لحظة بدون أى عواقب وخيمة ؟، هل صحيح أن تيارات لا يستهان بها من أنصار و رجال الدولة الوطنية يحاولون الآن دفع السيسى دفعاً لكى يُدير البلاد بمفرده رغم أن الرجل أعلن مراراً وتكراراً أنه يرفض ذلك ؟، هل صحيح أن أنصار الدولة الوطنية فى تحالفهم مع القوى الديمقراطية لا يريدون من هذا التحالف إلا التجمل أمام جماهير 25 يناير، وكذا أمام الرأى العام العالمى ؟، هل صحيح أن القوى الديمقراطية لم تحصل جراء هذا التحالف على أى مكاسب سياسية تتعلق بتحقيق بعضا من تطلعاتها وتوجهاتها ؟، هل تتطابق مواقف أنصار الدولة القوية مع مواقف القوى الديمقراطية بخصوص كيفية تنفيذ خريطة الطريق ؟
هذه الأسئلة وعشرات غيرها تتعلق كلها بالسؤال الذى عنونا به هذا المقال وهو : ماذا عن مستقبل العلاقة بين أنصار الدولة الوطنية والقوى الديمقراطية ؟
وقد حاولنا أن نُجيب عن هذا السؤال من خلال طرح كل التساؤلات السابقة ، فإذا كُنت عزيزى القارئ قد وصلت ، وانت تحاول الاجابة على هذه الاسئلة بينك وبن نفسك ، الى بعض الاجابات ، فلعلك تكون قد وصلت إلى ما حاولنا ان ندفع الاسئلة دفعا للوصول إليه ، او لعلنا لم ننجح في ذلك ، و من ثم سيكون لزاما علينا ان نزيد الأمر إيضاحاً وتحديدا فى مقال او مقالات قادمة بإذن الله.