الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مخترعون تحت الطلب (3).. تسجيل "البراءة" أول عقبة تواجههم.. والرسوم تقضي على ابتكاراتهم في مهدها.. ورئيس الأكاديمية السابق: التكاليف 150 جنيهًا فقط وفحص الفكرة يكلف الدولة 7 آلاف جنيه

 أكاديمية البحث العلمي
أكاديمية البحث العلمي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد سهر الليالي وبذل شباب المخترعين والباحثين الغالي والنفيس وربما استدان بعضهم من أجل تنفيذ أفكارهم وتمثيلها في نموذج مبدئي ليستطيع تسويقه وعرضه على أحد الممولين سواء كان شخصًا أو شركة مصرية أو أجنبية، يبدأ مشوار المعاناة مع تسجيل فكرته في "أكاديمية البحث العلمي" وهي الجهة الأولى المسئولة عن تسجيل براءات الاختراع، فتارة التعنت في شروط الحصول على براءة الاختراع من رسومات قد يعجز البعض عن دفعها أو طول فترة الفحص والتسجيل، وأخيرًا مقابل التسجيل المادي، صعوبات يرى شباب المخترعين أنها قد تنهي مشوار المخترع قبل أن يبدأ.
واشتكى المخترع "هيثم جمال" من تعنت أكاديمية البحث العلمي في تسجيل اختراعه، وهو عبارة عن محرك "موتور" موفر للطاقة ويستخدم الماء في تشغيله، موضحًا أنه يعمل ميكانيكيًا وعنده اختراع تعب عليه حتى خرج إلى النور بشكل عملي وينقصه فقط أن تتبناه إحدى شركات السيارات لتنفذه، ولأنه لم يكمل تعليمه ولم يحصل على شهادة جامعية أو ماجستير أو دكتوراه فإن أكاديمية البحث العلمي، تتعامل معه بتعنت وتعرقل جهده وهو ما أصابه بالإحباط، حسب قوله.
وأكد "هيثم" أنه عندما ذهب إلى الأكاديمية لتسجيل اختراعه طلبوا منه رسومات تفصيلية لاختراعه ما اعتبره من رابع المستحيلات، لأنه وبحسب قوله، ساعتها من السهل أن يسرقه أي أحد ويسطو على حقوقه الفكرية، إضافة إلى أنه لا يجيد تحويل فكرته إلى رسومات؛ لأنه غير متخصص ولم يدرس دراسة أكاديمية، لكن في النهاية اختراعه موجود ومستعد لعرضه على أي شخص يريد التأكد من صدق كلامه.
شكوى "هيثم" فضحت الأمية البحثية والجهل بثقافة البحث العلمي وتسجيل براءات الاختراع، وتؤكد أنه لا توجد برامج توعية لشباب المخترعين بالخطوات التي يسلكونها لتسجيل اختراعاتهم وأهمية ذلك وكيفية تذليل ما يعترضهم من عقبات.
وهو ما كشفته لنا الدكتورة هبة الرحمن أحمد، عالمة الإنشاءات، وإحدى المخترعات وصاحبة فكرة "نقابة المخترعين" لمساعدة مثل تلك الحالات والأخذ بأيديهم حتى لا يتراجعون من أول الطريق، مؤكدة سوء أوضاع البحث العلمي والمخترعين علاوة على التخلف الذي تعاملهم به الدولة، مبدية رغبتها في الخروج من دائرة الاعتماد على الحكومة في كل شيء.
وقالت الدكتورة هبة: إن واقع البحث العلمي يصيب المبتكرين والمخترعين بالإحباط، خصوصًا في بداية المشوار بعد أول ابتكار أو اختراع، فعندما تتجه إلى تسويقه أو تطبيقه وتبحث عن ممول ويسألك هل اختراعك مسجل أو له براءة اختراع، فإذا كان عندك خبرة فستكون قد أخذت تلك الخطوة وقمت بتسجيل فكرتك، أما إذا لم تكن عندك معلومة فستصاب بالإحباط وتشعر أنك أمام "حيطة سد".
وأوضحت أنها عندما بدأت أولى اختراعاتها لم تكن تعلم أي شيء عن تسجيل الاختراعات أو أين مكان أكاديمية البحث العلمي من الأساس، وهذا بسبب تخلف البيئة البحثية عندنا، فكيف لطالب في كلية الهندسة في السنوات الأخيرة ولا يعرف مقر أكاديمية البحث العلمي أو كيفية تسجيل اختراعه؟.
وأشارت "هبة الرحمن" إلى أن أحد أهم مشاكل صغار المخترعين تتمثل في تسجيل اختراعاتهم، وهي عقبة كبيرة في طريقهم قد تجعله يتوقف في بداية الطريق، فكيف سيتحرك بفكرته ويسوقها إذا لم تسجل، مشددة على أنه يجب على جهات التسجيل المختصة تسهيل الإجراءات وتقليص الفترة الزمنية للحصول على براءة الاختراع؛ لأنها تأخذ شهورًا، مؤكدة أنها واجهت الصعوبات نفسها في بداية طريقها؛ ولكنها تجاوزتها بالتمرس وتكرار التجربة.
من جانبه، قال الدكتور ماجد الشربيني، رئيس أكاديمية البحث العلمي السابق: بالفعل يوجد عندنا غياب لثقافة البحث العلمي وكيفية تسجيل براءات الاختراع، حيث إن الباحث أو المخترع يتصور أنه بمجرد أن يسجل اختراعه فقد انتهى الأمر؛ ولكن هذا نصف المشوار مع اختراعه، موضحًا أن الاتهامات التي توجه للأكاديمية من عرقلة للبحوث والاختراعات عارية عن الصحة، وما لم يتم تسجيل براءة اختراع له فإنها اختراعات تكون لهواة أو مدعين لا يستطيعون الدفاع عن أفكارهم واختراعاتهم، وفي أحيان كثيرة يكونون من دول أجنبية يريدون إثباتها في مصر ويتم اكتشاف التزوير فيها ورفض تسجيلها.
ووجّه "الشربيني" رسالة لشباب المخترعين بضرورة دراسة أفكارهم جيدًا، وأن يقوموا بعمل رسم وتصور مبدئي لها، لأن هناك جزءًا من الفكرة يصلح نشره في هيئة كتاب أو مجلة علمية، وهناك ما يمكن تنفيذه بشكل عملي في شكل اختراع يستفاد منه.
وأشار الشربيني إلى أن الأكاديمية كانت قد بدأت مشروعًا من خلاله تحاول تمويل الاختراعات ذات الجدوى والمهمة وذات العائد الاقتصادي، وذلك في حدود 250 ألف جنيه، ما يساعد المخترع على أن يُحول فكرته إلى نموذج أولى، ما يسهل عملية تسويقه.
وأوضح رئيس أكاديمية البحث العلمي السابق، أنه في البداية كان الإقبال على تسجيل براءات الاختراع لا يتجاوز 2500 طلب في العام، وزادت نسبته بمقدار 30%، مشيرًا إلى أن الباحث يدفع 150 جنيهًا فقط مقابل فحص الطلب، في حين أن الطلب يكلف الدولة 7 آلاف جنيه، والفرق هو الدعم المقدم من الدولة لشباب المخترعين.