الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صيحات التجديد الديني ( 48 )

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ونمضى مع فرج فودة نقلب فى صفحات كتبه لا للانتقاء فكل عبارة فيها تستحق الإشارة إليها ، وكل جملة تحمل فكرة وتقول رأياً ومع ذلك ليس أمامنا إلا أن نأتى ببعض مما قال . ونقرأ "وأيا كانت الدوافع فإن مثلى لا يفهم أن يتشفى واحد من الدعاة فى مصرع رئيس سابق ذاكراً أن الاغتيال انتقام إلهى ، ناسياً أنه مردود عليه بتساؤل ظاهره سذاجة وباطنه حجة فما هو قوله فى اغتيال الخلفاء الراشدين ، وإذا كانت هزيمتنا عندهم غضبًا إلهياً فما القول فى نصر إسرائيل ؟ هل هو رضاء من الله ؟ وإذا كان تدهور مستوى المعيشة فى بلادنا سخطاً من الله لترك شرعه الصحيح فما القول فى ارتفاع مستوى فى دول الغرب ؟" [قبل السقوط – صـ22] وما كان التقاط هذه العبارات جزافياً ، وإنما فقط أردت أن أشير الى أسلوب الحوار البسيط والمقنع فى آن واحد . وهذا هو سر العداء له والعدوان عليه . ونمضى "إن من الضرورى فصل الدين عن السياسة وأمور الحكم ، فذلك يحقق صالح الدين وصالح السياسة معاً .. وهنا أقول أننى أرفض تجاهل الدين كأساس من أسس المجتمع ، فالدين مطلوب لأنه أحد أسس تكوين الضمير فى المجتمع" [صـ23] ويتساءل عن أسباب الصراع بين على ومعاوية ومثله مما كان بعد الخلافة الراشدة ويقول "وليس من شك فى أن الأمر ليس قرآن وسنة بل أمر من يفسرها ، فأنت لا تشك ولا أنا أشك فى أن طرفى الخصومة هم أكثر الناس فهماً للقرآن وأكثر الناس التصاقاً بمصدر السنة ذاته وهو الرسول الكريم . بل رأى كل منهما رأياً فوصل الأمر بهما إلى الاقتتال وإسالة الدم انهاراً" . فالأمر ليس أمر دين بل أن حديث الفتنة والقتال "هو سياسة وأمور دنيا" ثم يقدم لنا الدرس الواضح "فنحن إذا اختلفنا فى الرأى السياسى انطلاقاً من الدين فسوف يتعصب كل منا لرأيه لاعتقاده أنه لم يعد رأياً بل هو إلتزام بصحيح الدين بالضرورة ، ولن يقبل واحد منا أن ينتصر غريمه بالرأى المخالف [الذى هو ضد الدين] وما أحلى أن يبذل الواحد منا حياته أو دمه دفاعاً عما يعتقد أنه صحيح الدين ولعل هذا هو مدخل العنف فى الحركات الإسلامية قديماً وحديثاًَ" ثم يقول أما نحن "فنختلف ونقبل بالاختلاف ونتحاور ولا نتصارع بالسيف ونقبل بهزيمة الرأى العام أمام الأغلبية عن رضى أو حتى عن سخط لا يتجاوز النقد وعن أمل فى أن تنتصر الأغلبية له ذات يوم" [صـ27] ويمضى د. فرج ليتحدث عن عهد ما بعد الخلافة الراشدة أى إلى ثلاثة عشر قرناً هجرياً فيقول "كانت المعارضة لا تواجه إلا بالسيف ، بل قل أيضاً أن التأييد فى أغلب الأحوال لم يكن يأتى إلا بالسيف" [صـ41] . وحتى القضاء كان يتولاه البعض بالأمر فإن أبى سجن وعذب كما فعلوا بالأمام أبى حنيفة إذ رفض ولاية القضاء قائلاً "والله ما أنا بمأمون الرضا فكيف أكون مأمون الغضب" فقبض عليه وظل رهين محبسه فى قبو سجن مظلم يضرب يومياً بالسياط ولا يخرج من سجنه إلا وهو مشرف على الهلاك بعد أن دسوا له السم" أما الإمام مالك فإن والى المدينة فى عهد المنصور قد أمر رجاله فضربوا مالكاً أسواطاً وبعد أن عذبوه أعادوه إلى بيته , وألزموه بألا يغادرها حتى للصلاة ولا يلقى فيها أحداً" ويمضى د. فرج قائلاً "وما حدث للإمامين وغيرهما خليق بأن يكون درساً لمن يتشدقون بعصور ازدهار الفكر الاسلامى فى عهد الخلافة العباسية ، وخليق أيضاً بأن يكون درساً للحالمين بدولة الخلافة فى عصرنا الحديث المتصورين حاكماً لا وجود له إلا فى مخيلتهم" [صـ30] ويمضى فرج فوده ليحكى أحداثاً جساماً بدأت باقتناع الخليفة المأمون بمقولة المعتزلة بخلق القرآن وهى قضية فلسفية اختلفت فيها الآراء وما أظن أن كلا من الرأيين يمكن أن يخرج مسلماً عن إسلامه ، ولكنه مركب السلطة فى الدولة الدينية ، وسطوة الحكم وجبروته لدى من يخلط بين اجتهاده وأصول العقيدة" [صـ31] ثم يخاطب القارئ قائلاً "أنا وأنت أن قدر لك أن تقتنع بما ذكرت لك فسوف يلصقون بنا كثيراً من الصفات بدءا بالعلمانية وانتهاء بالخروج من الدين ، فلا تحزن وهون عليك" [صـ32] ثم يقول "أرجو أن يكون ما سبق كله دعوة مقبولة الى حوار هادئ يتخلى من يتصدى بالرأى والحجة فيه وبالوقائع عن عادة لا أدرى سبب انتشارها فى السنوات الأخيرة وهى أن من يتطوع بالرد ، لا يكلف نفسه عناء قراءة ما يرد عليه . وقانا الله وإياهم من عمى البصيرة وجهل القصد" [صـ33] .
ونمضى مع فرج فوده فى كتاب آخر . فإلى لقاء .