الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بدل السكوت.. عودة ناجى وغيبوبة الوطن

الاديب سعيد نوح
الاديب سعيد نوح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قبل بضعة شهور جمعنى لقاء بالأديب الجميل سعيد نوح الذى كان عائدا من أداء العمرة بالأراضى المُقدسة.. سألت الرجل عن زيارته الأولى للكعبة وكيف كانت؟ فأخبرنى بأنها ممتعة، وقال لى إنه أدى العمرة ثلاث مرات خلال زيارته.. استفسرت فقال إنه وهب عمرة من الثلاث لشقيقته الراحلة سعاد، والثانية لنجيب محفوظ، والثالثة لكل أديب ومبدع قرأ له واستمتع.. لامستنى الدهشة، فقال لى إنه اقل ما يمكن تقديمه للمبدعين المصريين الذين نزفوا أرواحهم لإمتاع الناس بما دونوه.. 
تذكرت اللفتة الطيبة للأديب الجميل وأنا أتابع عودة الأديب الكبير محمد ناجى إلى مصر بعد رحلة علاج طالت أربع سنوات.. لم تُجر جريدة مصرية حوارا مع المبدع النادر الذى فك جدائل اللغة ليسحر جمهورا كاد ينصرف عن الأدب نتيجة ملل التقليد الستينى.. لم تقم فضائية وطنية بتنظيم زيارة له تُهنئه بالعودة إلى الوطن.. لم تحتف وزارة الثقافة بالرجل وتتبنى تكريمه تقديرا لمواهبه الفذة. 
لقد كان ناجى وما زال واحدا من جيل المبدعين العظام الذى صاغ حلاوة السرد روايات وقصص وكتب مفعمة بالأمل ونابضة بالحلم حتى اختطفه المرض فجأة، فسافر إلى باريس ليزرع كبدا جديدا بعد أن غرس الفيروس اللعين سهامه فى تربته. 
ناجى ايقونة إبداع متجدد ونخلة محبة صافية، ورذاذ مطر ممتع قلما يجود الزمن به.. ناجى الذى رسم لنا اساطير الوطن وتراثه فسيفساء مبهرة الجمال.. ناجى الذى ترجم لهموم الناس ومآسيهم وصاغ من آلامهم جسرا إلى الرغبة الجامحة فى النهضة والاصلاح.. ناجى الذى لم يسع لشهرة ولم يتاجر بموقف وظل قابضا على ابداعه، منغمسا فى فنه يكتب الرواية بهدف واحد ووحيد هو صناعة الجمال.. 
من حق الاديب العظيم أن نلتفت له، نتذكره، نُكرمه، نحتفى به ونقف إلى جواره فى محنة المرض التى قد تزور أى انسان.. ومن واجبنا تجاهه أن نهديه اهتماما وقربا وسلاما بقدر ما أسعدنا وأمتعنا.. 
إننى أشعر بوجع شديد من حالة التجاهل التى نمارسها حكومة وشعبا ونخبة تجاه مُبدعينا، وكلما تذكرت الاديب العظيم صبرى موسى ومعاناته التى لا تجد أى مساندة من الدولة، كسانى الخجل واعترانى اليأس وحاصرنى الحزن، و" قد تشرق الشمس من حزننا غاربة " كما يقول الشاعر الجميل مظفر نواب.. والله أعلم.

مصطفى عبيد 
mostafawfd@jotmail.com