الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

منير أديب يكتب: هزيمة إسرائيل في غزة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 الحديث عن المكسب والخسارة يعني انتهاء المعركة، وإسرائيل ما زالت مستمرة في قصف قطاع غزة وتنفيذ عمليات نوعية في الضفة الغربية؛ وبالتالي تقدير المعركة مرتبط بما تم تحقيقه من مكاسب وخسائر على الأقل بعد مائة يوم من المعركة التي ما زالت تُدور رحاها على الأراضي الفلسطينية.

حركات المقاومة أحرزت انتصارًا استراتيجيًا فشلت إسرائيل بعد 100 يوم من المعركة في تفكيكه، ولكن أضيف لهذا الانتصار انتصار آخر حققه الشعب الفلسطيني بصموده أمام آلة الحرب الإسرائيلية أكثر من ثلاثة شهور متواصلة.

ولعل الانتصار الأكبر في الالتفاف العربي حول القضية الفلسطينية؛ من خلال الدعم المتواصل من كل دول المنطقة، وهنا أحرز العرب أهدافا جديدة في شباك إسرائيل، والتي تتعامل بعداء شديد مع الحقوق العربية والحق الفلسطيني على وجه الخصوص، وهذا مكسب يُضاف لعدد من المكاسب الفلسطينية.

إسرائيل هزمت نفسها في المعركة الحالية عندما أصرت على استمرار المعركة حتى الآن وعندما خاضت حربًا ضد الفلسطينيين أنفسهم، فضلًا عن فشلهم في تفكيك حركة حماس، هدف غير منطقي ولم يتحقق، فضلًا عن العداء والحرب الكلامية التي خاضتها ضد القاهرة والأردن، وهو ما جعل كلا الدولتين يدافعان عن أمنهما القومي، وهو ما رجح ميزان كفة حماس في هذه الحرب.

خسارة إسرائيل ليست فقط على المستوى العسكري، ولكن تعدت إلى الخسارة السياسية والدبلوماسية، ويكفي أنها تقف أمام المحكمة الجنائية الدولية لتدافع عن نفسها، فتحولت في نظر داعميها من مجرد ضحية إلى جانٍ ومجرم، تُدافع عن نفسها بينما وقف العالم كله ينظر بعين على حجم الجرائم وبالعين الأخرى حجم الكذب الإسرائيلي في حرب أقل ما تُوصف به أنها بربرية.

إسرائيل لن تستطيع أنّ تُحقق أكثر مما حققته خلال المائة يوم الماضية، ولكن ما نستطيع تأكيده أنها سوف تُهزم لو استمرت في معركتها الحالية، سوف تخسر عسكريًا ودبلوماسيًا واستراتيجيًا وسوف تُصبح عبئًا على الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك كل الخيارات المتاحة أمام إسرائيل أن تنحسب من القطاع وتعترف بالهزيمة على أن تدخل في جولة جديدة أو أن تستعد لها، ولن يُفيد ذلك إلا بعودة الحق الفلسطيني.

إذا أرادت إسرائيل أنّ تلملم جراحها فعليها ألا تقف عقبة أمام إقامة الدولة الفلسطينية؛ الموقف العدائي من كل الفصائل الفلسطينية لن يؤدي إلى شيء، بل سوف يصب في مصلحة فصائل المقاومة العسكرية، والموقف من العرب سوف يؤدي إلى هزيمة إسرائيل على المدى البعيد.

إسرائيل حقيقة لا تؤمن بالسلام ولا تًريده وهذا ما يُفسر أسباب هزيمتها بعيدًا عن تفاصيل ما جرى في 7 أكتوبر من العام الماضي؛ أي مواجهة شاملة سوف تخسر فيها إسرائيل، والأفضل لها أن تُحافظ على أمنها ولو بشكل مؤقت من خلال سلام قد يكون مؤقتًا هو الآخر.

قارب عدد القتلى الإسرائيليين في الحرب الحالية نصف ما قُتل في 6 أكتوبر قبل خمسين عامًا، كما وصل عدد الجرحى نصف العدد أيضًا والمعركة ما زالت مستمرة، رغم اختلاف تفاصيل ما حدث في 7 أكتوبر 2023 عما حدث في 6 أكتوبر 1973؛ لكن معادل الانتصار واحد متمثل في هزيمة الجيش الذي لا يُقهر.

مهما حققت إسرائيل في الأيام القادمة فلن تُحقق أكثر مما حققته سابقًا ولن تُغير كثيرًا من موازين المعركة، التي باتت لصالح الفلسطينيين بكل تأكيد رغم حجم الشهداء الذين سقطوا وما زالوا في القصف العشوائي الدائم والمستمر.

هزيمة إسرائيل لن تستطيع أن تتخلص منها، لأن تل أبيب هي من هزمت نفسها مع التأكيد على التضحيات التي قدمها الفلسطينيون وما زالوا، لأن الغطرسة الإسرائيلية وراء الهزيمة الاستراتيجية التي نتحدث عنها الآن.