رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مختارات من أشعار صلاح عبد الصبور

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تنشر “البوابة نيوز”، مختارات من أشعار صلاح عبد  الصبور:

قصيدة شنق زهران

وثوى في جبهة الأرض الضياء

ومشى الحزن إلى الأكواخ

تنين

له ألف زراع

كل دهليز زراع

من أذان الظهر حتى الليل

يا الله

في نصف نهار

كل هذي المحن الصماء في نصف نهار

مذ تدلى رأس زهران الوديع

******

كان زهران غلاما

أمه سمراء، والأب مولّد

وبعينيه وسامه

وعلى الصدغ حمامه

وعلى الزند أبو زيد سلامه

ممسكا سيفا، وتحت الوشم نبش كالكتابة

اسم قرية

(دنشواي)

شب زهران قويا

ونقيا

يطأ الأرض خفيفا

وأليفا

كان ضحاكا ولوعا بالغناء

وسماع الشعر في ليل الشتاء

ونمت في قلب زهران، زهيرة

ساقها خضراء من ماء الحياه

تاجها أحمر كالنار التي تصنع قبله

حينما مر بظهر السوق يوما

ذات يوم...

مر زهران بظهر السوق يوما

واشترى شالا منمنم

ومشى يختال عجبا، مثل تركى معمم

ويحيل الطرف..... ما أحلى الشباب

عندما يصنع حبا

عندما يجهد أن يصطاد قلبا

******

كان ياما كان

أن زفت لزهران جميله

كان ياما كان

ان انجب زهران غلاما.. وغلاما

كان ياما كان

أن مرت لياليه الطويلة

ونمت في قلب زهران شجيرة

ساقها سوداء من طين الحياة

فرعها أحمر كالنار التى تحرق حقلا

عندما مر بظهر السوق يوما

ذات يوم

مر زهران بظهر السوق يوما

ورأى النار التى تحرق حقلا

ورأى النار التى تصرع طفلا

كان زهران صديقا للحياة

ورأى النيران تجتاح الحياة

مد زهران إلى الأنجم كفا

ودعا يسأل لطفا

ربما... سورة حقد في الدماء

ربما استعدى على النار السماء

وضع النطع على السكة والغيلان جاءوا

وأتى السياف مسرور وأعداء الحياة

صنعوا الموت لأحباب الحياة

وتدلى رأس زهران الوديع

قريتي من يومها لم تأتدم إلا الدموع

قريتي من يومها تأوي إلى الركن الصديع

قريتي من يومها تخشى الحياه

كان زهران صديقا للحياة

مات زهران وعيناه حياة

فلماذا قريتي تخشى الحياة.

 

قصيدة هل كان حبًا

هل كان ما بيننا

حبًا....وعشناه

أم كان حلمًا...عندما

أدركنا الصبح نسيناه

أم أننا خفنا علي قلبنا

وفي ثري الخوف دفناه

لو عاش، لو فتحت للشمس عيناه

كنا رعيناه

لما تركناه

في مهمهٍ رميناه

في قلبه أنفاسه تبكي

إننا هجرناه

يا أيها الحب الذي ماتا

لو يرجع اليوم الذي فاتا

لو عاد يوم منك لعشناه..

هل كان حبًا

قصيدة الحب

لأن الحب مثل الشعر... ميلاد بلا حسبان

لأن الحب مثل الشعر ما باحت به الشفتان

بغير أوان

لأن الحب قهّار كمثل الشعر

يرفرف في فضاء الكون لا تعنو له جبهة

وتعلو جبهة الإنسان

أحدثكم -بداية ما أحدثكم- عن الحبِ

حديث الحب يوجعني ويطربني ويشجيني

ولما كان خفق الحب في قلبي هو النجوى إلى الصاحب

حملت الحب في قلبي، فأوجعني، فأوجعني

ولما كان خفق الحب في قلبي هو الشكوى إلى الصاحب

شكوت الحب للأصحاب وللدنيا، فأوجعني

ولما صار خفق الحب في قلبي هو السلوى

لأيامٍ بلا طعمٍ، وأشباحٍ بلا صورة

وأمنية مجنحة بجــوف النفس مكسورة

حملت الحب للمحبوب، ثم دنوت من قلبه

وقلت له أتيتك... لا كبـير النفس، لا تيّاه

ولا في الكمّ جوهرة، ولا في الصدر وشُحْتُ

ولكني إنسانٌ فقير الجيب والفطنة

ومثل الناس أبحث عن طعامي في فجاج الأرض

وعن كوخ وإنسان ليستر ما تعرّيتُ

وحين أدار لي وجهًا شريف اللمح والصورة

تغنيتُ...... تغنيتُ

قصيدة القديس

إليّ، إليّ، يا غرباء يا فقراء يا مرضى

كسيري القلب والأعضاء، قد أنزلت مائدتي

إليّ، إليّ

لنَطْعَمَ كسرة من حكمة الأجيال مغموسة

بطيش زماننا الممراح

نُكسِّر، ثم نشكر قلبنا الهادي

ليرسينا على شط اليقين، فقد أضل العقل مسرانا

إليّ إليّ

أنا، طوفت في الأوراق سواحًا، شبا قلمي

حصاني، بعد أن حلمت بي الأوهام والغفلة

سنين طوال، في بطن اللجاج، وظلمة المنطق

وكنت إذا أجن الليل، واستخفى الشجيونا

وحنّ الصدر للمرفق

وداعبت الخيالات الخليينا

ألوذ بركني العاري، بجنب فتيلي المرهق

وأبعث من قبورهم عظامًا نخرة ورؤوس

لتجلس قرب مائدتي، تبث حديثها الصياح والمهموس

وإن ملت، وطال الصمت، لا تسعى بها أقدام

وإن نثرت سهام الفجر، تستخفي كما الأوهام

وقالت:

بأن النهر ليس النهر، والإنسان لا الإنسان

وأن حفيف هذا النجم موسيقى

وأن حقيقة الدنيا ثوت في كهف

وأن حقيقة الدنيا هي الفلسان فوق الكف

وأن الله قد خلق الأنام، ونام

وأن الله في مفتاح باب البيت

لا تسأل غريقًا كُبّ في بحرٍ على وجهه

لينفخ بطنه عشبًا وأصدافًا وأمواها

كذلك كنت

وذات صباح

رأيت حقيقة الدنيا

سمعت النجم والأمواه والأزهار موسيقى

رأيت الله في قلبي

لأني حينما استيقظت ذات صباح

رميت الكتب للنيران، ثم فتحت شُباكي

وفي نفس الضحى الفواح

خرجت لأنظر الماشين في الطرقات، والساعين للأرزاق

وفي ظل الحدائق أبصرت عيناي أسرابًا من العشاق

وفي لحظة

شعرت بجسمي المحموم ينبض مثل قلب الشمس

شعرت بأنني امتلأت شعاب القلب بالحكمة

شعرت بأنني أصبحت قديسًا

وأن رسالتي هي أن أقدسكم.

قصيدة أجافيكم لأعرفكم

أنا شاعر

ولكن لي بظهر السوق أصحاب أخلاء

وأسمر بينهم بالليل أسقيهم ويسقونى

تطول بنا أحاديث الندامى حين يلقونى

على أني سأرجع فى ظلام الليل حين يفض سامركم

وحين يغور نجم الشرق فى بيت السما الأزرق

إلى بيتى

لأرقد فى سماواتي

وحيدًا.. فى سماواتي

وأحلم بالرجوع إليكم طلقًا وممتلئًا

بأنغامي.. وأبياتي

أجافيكم لأعرفكم

قصيدة الظل والصليب

هذا زمان السأم

نفخ الأراجيل سأم

دبيب فخذ امرأة ما بين أليتيّ رجل..

سأم

لا عمق للألم

لأنه كالزيت فوق صفحة السأم

لا طعم للندم

لأنه لا يحملون الوزر إلا لحظة..

…ويهبط السأم

يغسلهم من رأسهم إلى القدم

طهارة بيضاء تنبت القبور في مغاور الندم

نفن فيها جثث الأفكار والأحزان، من ترابها..

يقوم هيكل الإنسان

إنسان هذا العصر والأوان

(أنا رجعت من بحار الفكر دون فكر

قابلني الفكر، ولكني رجعت دون فكر

أنا رجعت من بحار الموت دون موت

حين أتاني الموت، لم يجد لديّ ما يميته،

وعدت دون موت

أنا الذي أحيا بلا أبعاد

أنا الذي أحيا بلا آماد

أنا الذي أحيا بلا ظل.. ولا صليب

الظل لص يسرق السعادة

ومن يعش بظله يمشي إلى الصليب، في نهاية الطريق

يصلبه حزنه، تسمل عيناه بلا بريق

يا شجر الصفصاف: إن ألف غصن من غصونك الكثيفة

تنبت في الصحراء لو سكبت دمعتين

تصلبني يا شجر الصفصاف لو فكرت

تصلبني يا شجر الصفصاف لو ذكرت

تصلبني يا شجر الصفصاف لو حملت ظلي فوق كتفي، وانطلقت

وانكسرت

أو انتصرت

إنسان هذا العصر سيد الحياة

لأنه يعيشها سأم

يزني بها سأم

يموتها سأم

****

قلتم لي:

لا تدسس أنفك فيما يعني جارك

لكني أسألكم أن تعطوني أنفي

وجهي في مرآتي مجدوع الأنف

****

ملاحنا ينتف شعر الذقن في جنون

يدعو إله النقمة المجنون أن يلين قلبه، ولا يلين

(ينشده أبناءه وأهله الأدنين، والوسادة التي لوى عليها فخذ زوجه، أولدها محمدًا وأحمدًا وسيدًا

وخضرة البكر التي لم يفترع حجابها أنس ولا شيطان)

(يدعو إله النعمة الأمين أن يرعاه حتى يقضي الصلاة،

حتى يؤتى الزكاة، حتى ينحر القربان، حتى يبتني بحر ماله كنيسة ومسجدًا وخان)

للفقراء التاعسين من صعاليك الزمان

ملاحنا يلوي أصابعًا خطاطيف على المجداف والسكان

ملاحنا هوى إلى قاع السفين، واستكان

وجاش بالبكا بلا دمع.. بلا لسان

ملاحنا مات قبيل الموت، حين ودع الأصحاب

.. والأحباب والزمان المكان

عادت إلى قمقمها حياته، وانكمشت أعضاؤه، ومال

ومد جسمه على خط الزوال

يا شيخنا الملاح..

.. قلبك الجريء كان ثابتًا فما له أستطير

أشار بالأصابع الملوية الأعناق نحو المشرق البعيد

ثم قال:

-هذي جبال الملح والقصدير

فكل مركب تجيئها تدور

تحطمها الصخور

وانكبتا.. ندنو من المحظور، لن يفلتنا المحظور

- هذي إذن جبال الملح والقصدير

وافرحا.. نعيش في مشارف المحظور

نموت بعد أن نذوق لحظة الرعب المرير التوقع المرير

وبعد آلاف الليالي من زماننا الضرير

مضت ثقيلات الخطى على عصا التدبر البصير

ملاحنا أسلم سؤر الروح قبل أن نلامس الجبل

وطار قلبه من الوجل

كان سليم الجسم دون جرح، دون خدش، دون دم

حين هوت جبالنا بجسمه الضئيل نحو القاع

ولم يعش لينتصر

ولم يعش لينهزم

ملاح هذا العصر سيد البحار

لأنه يعيش دون أن يريق نقطة من دم

لأنه يموت قبل أن يصارع التيار

****

هذا زمن الحق الضائع

لا يعرف فيه مقتول من قاتله ومتى قتله

ورؤوس الناس على جثث الحيوانات

ورؤوس الحيوانات على جثث الناس

فتحسس رأسك!

فتحسس رأسك!

قصيدة أحلام الفارس القديم

لو أننا كنّا كغُصنيْ شجرة

الشمسُ أرضعتْ عروقَنا معا

والفجرُ روّانا ندىً معا

ثم اصطبغنا خضرةً مزدهرة

حين استطلنا فاعتنقنا أذرُعا

وفي الربيع نكتسي ثيابَنا الملوّنة

وفي الخريف، نخلعُ الثيابَ، نعرى بدَنَا

ونستحمُّ في الشتا، يدفئنا حُنوُّنا!

لو أننا كنا بشطّ البحر موجتينْ

صُفِّيتا من الرمال والمحارْ

تُوّجتا سبيكةً من النهار والزبدْ

أَسلمتا العِنانَ للتيّارْ

يدفعُنا من مهدنا للحْدِنا معا

في مشيةٍ راقصةٍ مدندنة

تشربُنا سحابةٌ رقيقة

تذوب تحت ثغر شمسٍ حلوة رفيقة

ثم نعودُ موجتين توأمينْ

أسلمتا العنان للتيّارْ

في دورة إلى الأبدْ

من البحار للسماءْ

من السماء للبحارْ!

لو أننا كنا بخَيْمتين جارتينْ

من شرفةٍ واحدةٍ مطلعُنا

في غيمةٍ واحدةٍ مضجعُنا

نضيء للعشّاق وحدهم وللمسافرينْ

نحو ديارِ العشقِ والمحبّة

وللحزانى الساهرين الحافظين مَوثقَ

الأحبّة

وحين يأفلُ الزمانُ يا حبيبتي

يدركُنا الأفولْ

وينطفي غرامُنا الطويل بانطفائنا

يبعثنا الإلهُ في مسارب الجِنان دُرّتينْ

بين حصىً كثيرْ

وقد يرانا مَلَكٌ إذ يعبر السبيلْ

فينحني، حين نشدّ عينَهُ إلى صفائنا

يلقطنا، يمسحنا في ريشه، يعجبُه بريقُنا

يرشقنا في المفرق الطهورْ!

لو أننا كنّا جناحيْ نورسٍ رقيقْ

وناعمٍ، لا يبرحُ المضيقْ

مُحلّقٍ على ذؤابات السُّفنْ

يبشّر الملاحَ بالوصولْ

ويوقظ الحنينَ للأحباب والوطنْ

منقاره يقتاتُ بالنسيمْ

ويرتوي من عَرَقِ الغيومْ

وحينما يُجنّ ليلُ البحرِ يطوينا معًا.. معا

ثم ينام فوق قِلْعِ مركبٍ قديمْ

يؤانس البحّارةَ الذين أُرهقوا بغربة الديارْ

ويؤنسون خوفَهُ وحيرتهْ

بالشدوِ والأشعارْ

والنفخ في المزمارْ!

لو أننا

لو أننا

لو أننا، وآهِ من قسوةِ «لو»

يا فتنتي، إذا افتتحنا بالمُنى كلامَنا

لكنّنا..

وآهِ من قسوتها «لكننا»!

لأنها تقول في حروفها الملفوفةِ المشتبكة

بأننا نُنكرُ ما خلّفتِ الأيامُ في نفوسنا

نودُّ لو نخلعهُ

نودُّ لو ننساه

نودّ لو نُعيده لرحمِ الحياة

لكنني يا فتنتي مُجرِّبٌ قعيدْ

على رصيف عالمٍ يموج بالتخليطِ والقِمامة

كونٍ خلا من الوَسامة

أكسبني التعتيمَ والجهامة

حين سقطتُ فوقه في مطلع الصِّبا

قد كنتُ في ما فات من أيّامْ

يا فتنتي محاربًا صلبًا، وفارسًا هُمامْ

من قبل أن تدوس في فؤاديَ الأقدامْ

من قبل أن تجلدني الشموسُ والصقيعْ

لكي تُذلَّ كبريائيَ الرفيعْ

كنتُ أعيش في ربيع خالدٍ، أيَّ ربيعْ

وكنتُ إنْ بكيتُ هزّني البكاءْ

وكنتُ عندما أحسُّ بالرثاءْ

للبؤساء الضعفاءْ

أودُّ لو أطعمتُهم من قلبيَ الوجيعْ

وكنتُ عندما أرى المحيَّرين الضائعينْ

التائهينَ في الظلامْ

أودُّ لو يُحرقني ضياعُهم، أودُّ لو أُضيءْ

وكنتُ إنْ ضحكتُ صافيًا، كأنني غديرْ

يفترُّ عن ظلّ النجومِ وجههُ الوضيءْ

ماذا جرى للفارس الهمامْ؟

انخلع القلبُ، وولَّى هاربًا بلا زِمامْ

وانكسرتْ قوادمُ الأحلامْ

يا من يدلُّ خطوتي على طريقِ الدمعةِ البريئة!

يا من يدلُّ خطوتي على طريقِ الضحكةِ البريئة!

لكَ السلامْ

لكَ السلامْ

أُعطيكَ ما أعطتنيَ الدنيا من التجريب والمهارة

لقاءَ يومٍ واحدٍ من البكارة

لا، ليس غيرَ «أنتِ» من يُعيدُني للفارسِ القديمْ

دونَ ثمنْ

دون حسابِ الربحِ والخسارة

صافيةً أراكِ يا حبيبتي كأنما كبرتِ خارجَ الزمنْ

وحينما التقينا يا حبيبتي أيقنتُ أننا

مفترقانْ

وأنني سوف أظلُّ واقفًا بلا مكانْ

لو لم يُعدني حبُّكِ الرقيقُ للطهارة

فنعرفُ الحبَّ كغصنيْ شجرة

كنجمتين جارتينْ

كموجتين توأمينْ

مثل جناحَيْ نورسٍ رقيقْ

عندئذٍ لا نفترقْ

يضمُّنا معًا طريقْ

يضمّنا معًا طريقْ.

****

قصيدة زيارة الموتى

زرنا موتانا في يوم العيد

وقرأنا فاتحة القرآن، وللمنا أهداب الذكرى

وبسطناها في حضن المقبرة الريفية

وجلسنا، كسرنا خبزًا وشجونًا

وتساقينا دمعًا وأنينًا

وتصافحنا، وتواعدنا، وذوي قربانا

أن نلقى موتانا

في يوم العيد القادم.

يا موتانا

كانت أطيافكم تأتينا عبر حقول القمح الممتدة

ما بين تلال القرية حيث ينام الموتى

والبيت الواطئ في سفح الأجران

كانت نسمات الليل تعيركم ريشًا سحريًا

موعدكم كنا نترقبه في شوق هدهده الاطمئنان

حين الأصوات تموت،

ويجمد ظل المصباح الزيتي على الجدران

سنشم طراوة أنفاسكم حول الموقد وسنسمع طقطقة الأصوات كمشي ملاك وسنان

هل جئتم تأنسون بنا؟

هل نعطيكم طرفًا من مرقدنا؟

هل ندفئكم فينا من برد الليل؟

نتدفأ فيكم من خوف الوحدة

حتى يدنو ضوء الفجر،

ويعلو الديك سقوف البلدة

فنقول لكم في صوت مختلج بالعرفان

عودوا يا موتانا

سندبر في منحنيات الساعات هنيهات

نلقاكم فيها، قد لا تشبع جوعًان أو تروي ظمأ

لكن لقم من تذكار،

حتى نلقاكم في ليل آت.

مرت أيام يا موتانا، مرت أعوام

يا شمس الحاضرة الجرداء الصلدة

يا قاسية القلب النار

لم أنضجت الأيام ذوائبنا بلهيبك

حتى صرنا أحطاب محترقات حتى جف الدمع