الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

العالم يعيش «فترة من جحيم» بسبب الطقس.. وخبراء: قد نتمنى درجات الحرارة الحالية في المستقبل

موجة الحرارة فى أوروبا
موجة الحرارة فى أوروبا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعيش الكثير من المناطق حول العالم فترة عصيبة بسبب موجات الحرارة العالية التى تجتاح نصف الكرة الشمالى فى يوليو، وهو ما توقعت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن يستمر حتى أغسطس، مما أدى إلى تدمير المحاصيل والماشية، وإشعال حرائق الغابات، وتفاقم الإجهاد المائى وقتل الناس عبر ثلاث قارات.

وفى هذا الصدد، ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، فى عددها الصادر الثلاثاء الماضى، أن تحليلا جديدا أظهر أن موجات الحر الشديدة عبر ثلاث قارات هذا الشهر أصبحت أكثر احتمالا بسبب أزمة المناخ التى يسببها الإنسان، حيث لا تزال درجات الحرارة مشتعلة فى أجزاء من نصف الكرة الشمالى.

ووفقا للتقرير كان من الممكن أن تكون الأجزاء الحارقة فى الولايات المتحدة وجنوب أوروبا "مستحيلة فعليا" بدون تغير المناخ، فى حين أن تغير المناخ جعل موجة الحرارة فى الصين أكثر احتمالية بنسبة ٥٠ مرة على الأقل، وفقا لتحليل الإسناد السريع من مبادرة إحالة الطقس العالمية.

وأفادت الصحيفة فى سياق تقرير، نشرته عبر موقعها الإلكترونى، بأن مجموعة أبحاث المناخ الدولية "وورلد ويذر أتريبيوشن" (World Weather Attribution) المعنية بأبحاث الطقس أكدت أن الاحترار الناجم عن النشاط البشرى جعل موجات الحرارة الشديدة فى الصين "أكثر احتمالا بنسبة ٥٠ مرة على الأقل".

أمضى مجموعة من العلماء الدوليين التابعين لـ "WWA" والذين يقومون بتقييم دور تغير المناخ فى الأحداث المناخية المتطرفة، أسبوعا فى تحليل موجات الحرارة الخطيرة التى اجتاحت نصف الكرة الشمالى فى يوليو، مما أدى إلى تدمير المحاصيل والماشية، وإشعال حرائق الغابات، وتفاقم الإجهاد المائى وقتل الناس عبر ثلاث قارات.

وقالت "وورلد ويذر أتريبيوشن" فى تقرير نشرته يوم الثلاثاء، إن أحداثا مثل درجات الحرارة المتزامنة والتى حطمت الرقم القياسى فى يوليو الجارى يمكن الآن توقعها تقريبا "مرة كل ١٥ عاما فى أمريكا الشمالية وحوالى مرة كل ١٠ سنوات فى جنوب أوروبا وحوالى مرة واحدة كل خمس سنوات فى الصين". ووجدت المجموعة أن حوالى ٧٥ فى المائة من الظواهر الجوية المتطرفة التى قامت بتقييمها مؤخرا أصبحت أكثر احتمالية أو شدة بسبب تغير المناخ.

وقال الفريق المكون من ستة باحثين من المملكة المتحدة وهولندا إنه إذا ارتفعت درجة حرارة العالم بمقدار درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، فإن "الأحداث المتطرفة مثل موجات الحر الأخيرة ستصبح أكثر تواترا وستحدث كل عامين إلى خمسة أعوام".

وصلت درجات الحرارة فى وادى الموت فى كاليفورنيا إلى ١٢٨ درجة فهرنهايت (٥٣.٣ درجة مئوية) هذا الشهر، وشهدت مدينة فينيكس فى أريزونا رقما قياسيا ٢٥ يوما متتاليا من درجات الحرارة الأعلى من ١١٠ درجة فهرنهايت (٤٣.٣ درجة مئوية).

سجلت الصين ارتفاعا فى درجات الحرارة الوطنية على الإطلاق عند ٥٢.٢ درجة مئوية (١٢٦ فهرنهايت) فى وقت سابق من هذا الشهر. وفى أوروبا، تم تحطيم الأرقام القياسية المحلية فى أجزاء من إسبانيا وإيطاليا حيث ارتفعت درجات الحرارة نحو الرقم القياسى فى أوروبا البالغ ٤٨.٨ درجة مئوية (١١٩.٨ فهرنهايت).

لفهم مدى تأثير أزمة المناخ على احتمالية وشدة الحرارة الشديدة لشهر يوليو، قام فريق "WWA" بفحص بيانات الطقس ونماذج الكمبيوتر لمقارنة المناخ الحالى فى العالم - والذى هو حوالى ١.٢ درجة مئوية أكثر دفئا من عصر ما قبل الصناعة - مع المناخ الماضى.

وفى هذا، أوضحت "فاينانشيال تايمز" أن اتفاقية باريس للمناخ لعام ٢٠١٦ ألزمت البلدان بالسعى للحد من الاحترار إلى ١.٥ درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعى. ومع ذلك، فقد ارتفعت درجة حرارة العالم بالفعل بما لا يقل عن ١.١ درجة مئوية والتعهدات المناخية الحالية تضعه على المسار الصحيح لارتفاع درجة الحرارة بين ٢.٤ درجة مئوية و٢.٦ درجة مئوية بحلول عام ٢١٠٠، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة.

وقالت فريدريك أوتو، كبيرة المحاضرين فى علوم المناخ فى معهد جرانثام لتغير المناخ والبيئة فى "إمبريال كوليدج لندن" ومؤلفة التقرير، فى تصريح للصحيفة: "إن نتيجة التقرير الأخير ليست مفاجئة. العالم لم يتوقف عن حرق الوقود الأحفورى والمناخ مستمر فى الدفء وموجات الحر مستمرة فى أن تصبح أكثر تطرفا".. وأكد العلماء أن الظواهر الجوية المتطرفة، بما فى ذلك موجات الحر، ستصبح أكثر تواترا وشدة مع كل جزء من درجة الاحترار.

ووجدت "وورلد ويذر أتريبيوشن"، التى تقيم تأثير تغير المناخ على الكوارث المرتبطة بالطقس، بما فى ذلك الفيضانات والحرائق وموجات الحر، فى ٣٨ من أصل ٥٢ دراسة أجرتها، أن الاحترار زاد احتمالية أو شدة الأحداث المتطرفة، مع الإشارة إلى أنه بعد شهر يونيو الذى كان الأكثر سخونة على مستوى العالم، شهدت مناطق شاسعة من الولايات المتحدة والمكسيك وأوروبا والصين حرارة شديدة فى يوليو الجارى. وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن البيانات الأولية أشارت إلى أن بداية يوليو كانت "أكثر الأسابيع حرارة على الإطلاق".

كذلك، وجدت "وورلد ويذر أتريبيوشن" أن موجات الحر الأخيرة كانت أكثر دفئا بنحو ٢.٥ درجة مئوية فى جنوب أوروبا مما كانت عليه لولا تغير المناخ، ودرجة حرارة ٢ درجة مئوية فى أمريكا الشمالية ودرجة حرارة ١ درجة مئوية فى الصين. فى حين حذر الباحثون من "أنه ما لم يتوقف العالم بسرعة عن حرق الوقود الأحفورى، فإن هذه الأحداث ستصبح أكثر شيوعا وسيشهد العالم موجات حارة أكثر سخونة وأطول أمدا".

ووفقا للتقرير، إذا ارتفع متوسط درجة حرارة الكوكب إلى درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل العصر الصناعى، يمكن توقع موجات حرارة شديدة كل سنتين إلى خمس سنوات، فيما قالت أوتو أوتو: "من الممكن أن يكون هذا صيفا باردا فى المستقبل، إذا لم نتوقف عن حرق الوقود الأحفورى بسرعة".

قال العلماء إن ظاهرة "النينيو" التى تؤثر على المناخ وتؤدى إلى ارتفاع درجات الحرارة قليلا ربما ساعدت فى زيادة شدة موجات الحرارة، لكن التغير المناخى الناجم عن حرق الوقود الأحفورى كان السبب الرئيسى وراء تصاعد شدة الحر الشديد.