الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

متى تنتهى الحرب الروسية الأوكرانية؟

متى تنتهي المواجهة
متى تنتهي المواجهة بين بوتين وزيلينسكي ؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

طوال الـ12 شهرا الماضية، أكد الرئيس الأمريكى جو بايدن من واشنطن، دعم أوكرانيا فى مواجهة روسيا، بعد الحرب التى نشبت فى 24 فبراير من العام الماضى، وفى فبراير الجارى، أعاد بايدن التأكيد، لكن هذه المرة من كييف، وكأنه يهمس فى أذن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الذى يبعد عن العاصمة الأوكرانية نحو 8 آلاف كم ليرد عليه ساكن الكرملين فى اليوم التالى أن هزيمة روسيا مستحيلة، لتكشف تلك التصريحات عن مستوى المواجهة التى وصلت إليها الحرب الأوكرانية بعد عام من نشوبها.

وتسببت الحرب الأوكرانية، فى انعكاسات سلبية ومدمرة على اقتصاديات العالم، ناهيك عن تنامى أعداد الضحايا من الجانبين الروسى والأوكرانى، إلى جانب تزايد أعداد اللاجئين من أوكرانيا إلى دول الجوار وعلى رأسها بولندا.

الجيش الأوكراني

وتسعى دول عديدة إلى إنهاء الحرب، وتنادى بضرورة التوقف عن التصعيد بين الجانبين، إلا أن النهاية لا تلوح فى الأفق، وبدأت بعض الحكومات فى إعداد نفسها لاستمرار الحرب عامين على الأقل، والسؤال الذى يشغل الجميع هو، متى تنتهى الحرب الأوكرانية ؟، والإجابة عن هذا السؤال ليست بسهولة طرحه فلكل طرف من الأطراف المتورطة فى الصراع أهدافه التى يرغب فى تحقيقها قبل الوصول إلى محطة النهاية التى لا يعرف مداها.

وعلى الرغم من مرارة الصراع وقسوته إلا أن القوى الكبرى حول العالم لا تتحرج من إعلانها دعم أوكرانيا فى مواجهة روسيا حتى لو استغرقت الحرب سنوات طويلة، وكان هذا ما أكده ينس ستولتنبرج الأمين العام لحلف شمال الأطلسى «الناتو» قائلا إن الحلف مستعد لمواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا فى الحرب مع روسيا لسنوات، بما فى ذلك مساعدة كييف فى التحول من منظومات أسلحة الحقبة السوفيتية إلى الأسلحة والمنظومات الغربية الحديثة، مضيفا فى تصريحات أدلى بعد ٦٠ يوما من الحرب: «نحن بحاجة لأن نكون على استعداد على المدى الطويل.. هناك احتمال قوى بأن تستمر هذه الحرب لأشهر وسنوات».

المعضلة الكبيرة هنا، هى الأهداف المعلنة من الجانبين، فقد أكد بوتين أن أهدافه من الحرب هو تقليم أظافر أوكرانيا بنزع سلاحها، واجتثاث النازيين الجدد من أرضها، فى الوقت الذى تجد فيه كييف كل الدعم من الغرب حتى أن أمين حلف الناتو أكد فى وقت سابق من فبراير الجارى، أن دول الحلف قدمت مساعدات عسكرية واقتصادية وإنسانية وأنواعا أخرى من المساعدات لأوكرانيا بقيمة ١٢٠ مليار دولار، على مدار عام من الحرب، أى ما يعادل ١٠ مليارات دولار شهريا، فى سبيل مواجهة الجيش الروسى.

وأكمل ستولتنبرج تصريحه بالتأكيد على أن انتصار روسيا سيكون مأساة لأوكرانيا وسيكون خطيرا على حلف شمال الأطلسى برمته".

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

وفى هذا السياق، نشر مركز «راند» الأمريكى تقريرا افترض فيه عددا من الخيارات التى يمكن أن تكتب بعدها النهاية للحرب الأوكرانية، واستهل «راند» تقريره بالقول إن هناك تنبؤات كثيرة بأن حرب روسيا على أوكرانيا ستستمر، مضيفا أن قد تنتهى قريبا أيضا، ومن الممكن تغيير نظام الكرملين أو انهيار الجيش الروسى أو فوز أوكرانيا فلا ينبغى استبعاد أى من هذه الحالات الطارئة.

سقوط بوتين

ومن بين الافتراضات التى طرحها التقرير لكتابة النهاية للحرب الأوكرانية، هو سقوط الرئيس الروسى فلاديميربوتين، مشيرا إلى أنه قد تكون جماعة بوتين السابقة فى «الكى جى بى» فى الكرملين فى مأزق، حيث كان التجنيد المفاجئ الذى تم تنفيذه بشكل سيئ من عدة مئات الآلاف من الرجال لا يحظى بشعبية، وأثارت الهزائم فى أوكرانيا موجة من الانتقادات المتشددة المؤيدة للحرب، وقد يعانى بعض المطلعين على الكرملين من استياء متزايد، وقد يتعرض بوتين للضغط أو الإطاحة به من قبل قوات الأمن المنشقة، مثل تلك التى يقودها المتشددون يفجينى بريجوزين «مجموعة فاجنر» أو الزعيم الشيشانى رمضان قديروف.

انهيار الجيش الروسى

وتابع التقرير المنشور نهاية يناير الماضى، فى سرد افتراض آخر يضع نهاية لهذا الصراع الكبير، بأنه يمكن أن يحدث انهيار للجيش الروسى، وعاد للتذكير ببعض الوقائع التى شهدتها الحرب العالمية الأولى التى اندلعت فى بداية القرن الماضى. وقال إنه فى الحرب العالمية الأولى، انهار جيش روسى ضعيف التحفيز والتزويد، مما ساعد فى إسقاط قيصر بعيد عن اللمس، واليوم قد تواجه روسيا مخاطر مماثلة، بينما يزور الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى قوات الخطوط الأمامية، يكون بوتين مختبئا فى الغالب عن الأنظار بعيدا عن أى قتال، وليس من المستغرب أن تكون الروح المعنوية للجنود الأوكرانيين قوية وأن معنويات الروس ضعيفة وفى بعض الحالات، يطلق المنفذون النار على من يرفضون القتال.

الرئيس الأوكراني فلودمير زيلينسكي

ودلل «راند» على توقعه بانهيار الجيش الروسى أو الموقف الصعب الذى يمر به حاليا فى الحرب الأوكرانية بالقول إنه فى أكتوبر ٢٠٢٢، قال رئيس المخابرات البريطانية إن القوات الروسية فى أوكرانيا منهكة، وتتدرب القوات فى القواعد المتداعية، وتقاتل بمعدات قديمة، وتفتقر إلى الإمدادات الطبية، ويشكو الجنود من إرسالهم إلى مفرمة والبعض متمرد.

انتصار الجيش الأوكرانى

وآخر الاحتمالات التى ساقها تقرير «راند» هو انتصار الجيش الأوكرانى المدعوم من الغرب، على الجيش الروسى، وأوضح التقرير أن الاندفاعات الروسية المبكرة للاستيلاء على أكبر ثلاث مدن فى أوكرانيا - كييف وخاركيف وأوديسا تم التصدى لها فى الآونة الأخيرة، واستعادت القوات الأوكرانية نصف الأراضى فى شرق وجنوب أوكرانيا، والتى استولى عليها الروس فى الغزو الثانى الذى بدأ فى ٢٤ فبراير، بما فى ذلك العاصمة الإقليمية الوحيدة التى تم الاستيلاء عليها منذ ذلك الحين، خيرسون.

وتابع «راند» تقريره بالتساؤل: «كيف تنتهى هذه الحرب لا يزال غير مؤكد، ويبدو أن الغرب سيستمر فى ضمان احتفاظ القوات الأوكرانية بقيادتها النوعية فى مجال الأسلحة والوصول إلى المعلومات الاستخباراتية الغربية، ويمكن أن تؤدى التعبئة الروسية لمزيد من المجندين، حتى لو كانوا سيئي التدريب والتجهيزات، إلى تعزيز الدفاعات الروسية».

واختتم: «قد يكون المسرح مهيئا لحرب استنزاف مطولة، لكن لا يجب على صانعى السياسة التغاضى عن المواقف الطارئة التى قد تبدو غير مرجحة ولكنها قد تنهى الحرب فى وقت مبكر».

مقترح كيسنجر

ولكن سيناريو النهاية رسمه البعض خلال تصورات عديدة كان أبرزها السياسى الأمريكى المخضرم ورئيس الخارجية الأسبق إبان عقدى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى هنرى كيسنجر، حينما طرح فكرة مثيرة لإنهاء الحرب الأوكرانية، وهى أن تتنازل كييف عن بعض الأراضى لموسكو وبذلك تتوقف العجلة الحربية عن الدوران، وتتراجع الأيادى من فوق الزناد. 

هنرى كيسنجر

وأكد كيسنجر، أن أوكرانيا يجب أن تتخلى عن جزء من أراضيها، للتوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا ينهى حرب الأشهر الثلاثة، محذرا من أن الفشل فى إحياء المفاوضات مع موسكو، والاستمرار فى استعدائها ستكون له عواقب وخيمة على أوروبا على المدى الطويل، خلال حديثه أمام منتدى الاقتصاد العالمى فى «دافوس»، فى مايو الماضى.

وعن شكل الدولة الأوكرانية المناسب أكد وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، أن الحل الأفضل لكييف هو أن تكون دولة محايدة، لا جزءا متكاملا من أوروبا، وتبدو أطروحات كيسنجر للحل فى أوكرانيا متماهية مع الأهداف الروسية الرامية إلى تحييد أوكرانيا بعيد عن الغرب ومنع انضمامها إلى الاتحاد الأوروبى أو حلف شمال الأطلسى «الناتو».

لا يمكن توقع نهاية الحرب الأوكرانية

وفى هذا السياق، قالت الخبيرة الروسية لانا بدفان، الباحثة فى العلاقات الدولية بمدرسة الاقتصاد العليا فى موسكو، إنه لا يمكن توقع النهاية التى يمكن أن تؤول لها الحرب الأوكرانية، والبعض توقع أن الشتاء سيشهد معارك ضارية أو أن يعلن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عملية عسكرية شاملة على الأراضى الأوكرانية، لكن كل هذه التوقعت سواء كانت من روسيا أو الغرب باءت بالفشل.

واستبعدت «بدفان» فى تصريحات خاصة لـ«البوابة نيوز» سيناريو المواجهة بين روسيا وحلف شمال الأطلسى «الناتو» على الرغم أن تصريحات الرئيس الأمريكى جو بايدن، بأن الناتو حلف موحد وأن القرارات التى تتخذ من جميع الأعضاء تتخذ بقوة وعزمة واحدة، ولا مكان للفرقة بينهم، وأن واشنطن ستدعم الديمقراطية على الأراضى الأوكرانية.

وأضافت الباحثة فى العلاقات الدولية بمدرسة الاقتصاد العليا فى موسكو، أن السيناريو الأصعب هو المواجهة الفعلية بين حلف الناتو وروسيا بينما السيناريو الأخف هو استمرار الواضع الحالى باستمرار الدعم الأوروبى الأمريكى لأوكرانيا، وصمود الجيش الروسى فى مواجهة الدعم العسكرى لكييف، بالإضافة إلى صمود موسكو أمام موجة العقوبات الغربية والتى من المنتظر أن تفرض عقوبات جديدة على روسيا خلال الأسبوع المقبل.

الخبيرة الروسية لانا بدفان

وأوضحت الخبيرة الروسية، أن هذه السيناريوهات محكومة بعدد من العوامل أبرزها التحديات التى تواجه كل دولة، فبالنسبة لأوروبا هناك تحدٍ كبير بشأن استمرار إمداد أوكرانيا بالأسلحة، وفيما يتعلق بالولايات المتحدة فإنها تسعى لاستغلال هذه الفرصة الذهبية لمواجهة روسيا عن طريق أوكرانيا، بينما تواجه روسيا تحديات داخلية كما صرح الرئيس بوتين بأنه لابد أن يكون الاقتصاد قويا وعدم تأثر الشعب الروسى بالعملية العسكرية فى أوكرانيا، بينما على الصعيد الخارجى أن تثبت روسيا قوة جيشها والأسلحة التى تمتلكها.

وتابعت لانا بدفان، أن العالم يعيش حاليا حربا عالمية ثالثة، ولكن ليس بالمعنى العسكرى الشامل، فالجانب العسكرى هو جزئى فقط، بينما تكتمل الحرب العالمية عن طريق التجاذبات والمشاحنات السياسية والدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية بين الغرب والشرق.

واختتمت الخبيرة الروسية تصريحاتها بأنه يمكن أن تمتد الحرب لسنين طويلة بسبب عزم الولايات المتحدة على استمرار الدعم لأوكرانيا وعدم هزيمتها فى مواجهة روسيا، التى لن يقبل رئيسها بوتين الهزيمة، لذا الحديث حاليا عن استمرار الحرب لسنوات وليس بضعة أشهر.

الحرب فى الوقت الحالى تعقدت أكثر

وقال توفيق قويدر شيشى، الكاتب والباحث السياسى الجزائرى فى الشئون العربية والدولية، إن الحرب فى الوقت الحالى تعقدت أكثر من وقت مضى، خاصة بعد ضم روسيا لعدد من الأقاليم الأوكرانية، مثلما فعلت فى ٢٠١٤ بضم شبه جزيرة القرم، وما تبعه بطرد روسيا من مجموعة الثمانية، وفرض عقوبات اقتصادية. وأضاف «قويدر» فى تصريحات خاصة لـ«البوابة نيوز»، أن الحرب تنتهى فى حالة قبول التفاوض على الأمر الواقع، وهو أن أوكرانيا خسرت الأقاليم التى ضمتها روسيا، ما يقرب من ٢٠٪ من مساحتها، أو اعترفت باستقلال الحكم الذاتى للأكثرية الروسية فى هذه الأقاليم.

توفيق قويدر شيشى، الكاتب والباحث السياسى الجزائرى

وتوقع الخبير الجزائرى فى الشئون الدولية، أن الدول الغربية ستضغط على الرئيس الأوكرانى فلودومير زيلينسكى، لقبول الأمر الواقع والتنازل عن هذه الأراضى وسيتعامل الغرب مع روسيا بصورة طبيعية مثلما فعل قبل ٩ سنوات حينما ضمت موسكو؛ شبه جزيرة القرم، حيث استقبل فى القصور الرئاسية الأوروبية والقمم العالمية المختلفة.

وأوضح، أن المساعدات العسكرية المقدمة لكييف، محدودة ودليلا على ذلك أن كل الدول الغربية امتنعت عن إمداد كييف بالطائرات الحربية وإنما فقط كل المساعدات دفاعية، بينما يرغب الرئيس الأوكرانى فى الحصول على أسلحة هجومية لضرب العمق الروسى وهو ما يخالف الاستراتيجية الأوروبية والأمريكية فى التعامل مع هذه الأزمة.

وأشار «قويدر»، إلى أن هناك احتمالا آخر لتوقف الحرب، وهو فى الحالة التى تشن فيه روسيا هجوما كاسحا ضد أوكرانيا وإسقاط نظام زيلينسكى، وهى قادرة على ذلك، خاصة أنها إلى الآن وموسكو تتعامل على أنها فى عملية عسكرية داخلية ولم يتطور الأمر بالنسبة لها إلى الحرب الشاملة، وحينها تتحول المواجهة إلى مستوى آخر لا ينفع فيه أى إمدادات بالأسلحة التى يرسلها الغرب إلى أوكرانيا، وسنشهد تصادما مباشرا بين روسيا والدول الغربية.