الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

قاهرة الإخوان.. النائبة التونسية السابقة فاطمة المسدي لـ«البوابة نيوز»: الجماعة الإرهابية تحرض على تسفير الشباب إلى أوكرانيا للقتال.. الغنوشي مكانه السجن والمرزوقي مكَّن الإخوان من مفاصل الدولة

النائبة السابقة في
النائبة السابقة في البرلمان التونسي فاطمة المسدي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد، عن قرارات الخامس والعشرين من يوليو 2021، تعيش تونس حالة من الغليان، على وقع التجاذب بين السلطة الحاكمة وجماعة الإخوان الممثلة في حركة النهضة، والتي أطيح بها إثر تجميد وحل البرلمان التونسي، تلبية لنداء الشعب الذي ضاق ذرعا من تصرفاتهم.

وبدأت السلطات التونسية في فتح ملفات الحركة التي يترأسها راشد الغنوشي، ولكن قبل الوصول إلى 25 يوليو، كانت النائبة السابقة في البرلمان التونسي فاطمة المسدي، إحدى المكافحات اللاتي واجهن فساد وإرهاب الإخوان، وفضحت تورط حركة النهضة في تسفير شبان تونس إلى سوريا للالتحاق بتنظيم داعش الإرهابي.

وحصلت فاطمة المسدي، في ٢٢ فبراير، على حكم بالبراءة في القضية المقامة ضدها من حركة النهضة، بتهمة الإساءة للغير، بعد تصريحات اتهمت فيها «المسدي»، الحركة بالوقوف وراء شبكات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر، وعلاقتها بالإرهاب، واصفة الحكم بأنه أول هزيمة قضائية لحركة النهضة، مضيفة: «هذا أول الانتصارات.. وستليها انتصارات أخرى.. تحيا تونس وتحيا ٢٥ يوليو».

وكان لـ«لمسدي» واقعة شهيرة جعلتها على قوائم الاغتيالات، حينما رفضت في يونيو ٢٠١٩، قراءة الفاتحة على روح الرئيس الإخواني محمد مرسي، الذي توفي خلال محاكمته في قضية التخابر.

«البوابة» تحاورت مع النائبة السابقة فاطمة المسدي، لتحدثنا عن انتصارها على الإخوان، وتطورات الحياة في تونس في الوقت الراهن، وإلى نص الحوار:

■ كيف تنظرين إلى قرار السلطات التونسية برفع الإقامة الجبرية عن نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري؟

أعتقد أن تزامن رفع الإقامة الجبرية عن نور الدين البحيري وفتحي البلدي، مع تنصيب الهيئة المؤقتة لمجلس القضاء الأعلى، هو إشارة إلى أن إجراء الإقامة الجبرية، كان الإجراء وقتيا ينتظر تخلص القضاء من سيطرة الإخوان، لتتم إحالة ملفاتهم أمام قضاء عادل قادر على محاسبتهم بكل استقلالية، ورسالة بأن الرئيس قيس سعيد، يحترم القانون ويفرق بين المحاسبة والثأر.

فرفع الإقامة الجبرية عن قيادات حركة النهضة المتورطين في ملفات تهدد الأمن الوطني أثار غضبا شعبيا وتشكيكا في جدية المحاسبة للإخوان، ولا أعتقد أن الرئيس التونسي، يتجاهل ما يخطط له الإخوان للإطاحة بمشروعيته الشعبية، فلا حل لـ"سعيد" إلا إحالة ملفاتهم فورا إلى القضاء ومن الأفضل أن تبث هذه المحاكمات أمام الشعب.

■ هل يمكن أن نرى الغنوشي خلف القضبان قريبا بسبب قضية التسفير أو ملفات التخابر والإرهاب التي كشفت عنها هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهيمي؟

في دولة القانون لا أحد فوق القانون، وهذا يقتضي أن المحاسبة لا تستثني أحدا وأولهم راشد الغنوشي، الذي تلاحقه العديد من التهم الخطيرة في ملفات إرهابية منها ملف التسفير والتخابر، وأعتقد أن القضاء التونسي، بعدما تم تحريره من سلطة الإخوان سيقوم باستدعائه قريبا والتحقيق معه، حتى إيقافه لكشف ومحاسبة الأخطبوط الذي يهدد الأمن القومي الذي يتزعمه راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة.

■ هل بالقانون فقط يمكن القضاء على الإخوان؟

لقد لجأ الشعب التونسي حتى يوم ٢٥ يوليو إلى التحركات الشعبية والنزول للشارع، للضغط على الدولة ومحاسبة الإخوان، والمحاسبة لا يمكن أن تكون إلا بالقانون في دولة المؤسسات، التي يجب تطهيرها ومنها المؤسسات القضائية، عبر مراجعة التعيينات وهي الخطوة الأولى للقضاء على أخطبوط الفساد والإرهاب الإخواني الذي انتهج سياسة التمكين خلال العشرية الأخيرة، حتى أن مراجعة بعض المراسيم والقوانين هو أمر إجبارى للتخلص من هذا الأخطبوط والقضاء عليه.

■ هل هناك دعوات في تونس للتسفير إلى أوكرانيا؟

من جرائم الجماعة الإخوانية أنهم أصحاب فتاوي تدعو إلى القتال والتجارة بأرواح البشر وجريمة التسفير للقتال في سوريا هي من هذه الجرائم التي لم تتم محاسبتهم عليها إلى الآن، وهذا ما جعل البعض من الجماعة مثل وزير الشئون الدينية السابق نور الدين الخادمي، المحسوب على حركة النهضة يدعو عبر صفحات التواصل الاجتماعي إلى التسفير إلى أوكرانيا بكل وقاحة، مع العلم أن هذه الدعوات جاءت بعدما نشرت سفارة أوكرانيا بتونس بيانات اعتبرها مهزلة تدعو المواطنين التونسيين إلى التطوع للحرب، ولهذا يجب على الحكومة أن تتدخل للحد من هذه الدعوات لأن التسفير جريمة.

■ رددت كثيرا أن تونس تحت الاستعمار الإخواني.. فهل تحررت بالكامل في ٢٥ يوليو؟

التحرير من الاستعمار الإخواني بدأ يوم ٢٥ يوليو وهو يتطلب العديد من الإجراءات والقرارات، ولذا فقد تمتد معركة التحرير إلى ٢٠٢٤ وستكون الانتخابات التشريعية القادمة المرحلة المفصلية بعد أن تتم محاسبة قيادات الإخوان.

■ هل احتكر الرئيس قيس سعيد كل السلطات أم أن هذا الوضع فُرض عليه؟

الشعب التونسي عاش فترة تمكين سياسي للإخوان خلال العشرية الماضية، جعلت كل السلطات بيد الإخوان بواسطة التلاعب بالقانون والنظام السياسي الذي وضعوه، لذا اعتبر أن كل السلطات كانت بيد الإخوان وهذا الوضع يقتضي أن تكون للمرحلة الاستثنائية إجراءات استثنائية لافتكاك السلطة من هذا الاستعمار دون أن تسيل حتى قطرة دم، وهذا ما جعل الرئيس يلجأ إلى مشروعيته لتطهير السلطات من إرهابهم وهذا هدف المرسوم الرئاسي ١١٧ للتنظيم المؤقت، والرئيس تحمل المسئولية ليخلص الدولة منهم فهو المسئول الأول عن الأمن القومي وهذا واجبه  وفرض عليه.

■ هل تحتاج تونس لدستور جديد؟

دستور جديد أو تعديل دستوري عميق هو الوسيلة الأجدر للحصول على نظام سياسي يلائم الدولة التونسية ولا يخدم المافيات، والاستشارة الشعبية الوطنية الحالية تهدف إلى توصيل رسالة إلى التونسيين بأهمية تغيير النظام القائم وإرساء نظام يمثل تطلعات الشعب التونسي، ودستور ٢٠١٤ تمJ كتابته بصيغة توافقية بين النواب واللوبيات وبالحسابات السياسية أما النظام السياسي الجديد سJتم كتابته بعد استشارة الشعب ودون أي حسابات.

■ هل يمكن تشبيه حراك ٢٥ يوليو في تونس بثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ في مصر؟

التحركات ضد الإخوان تلتقي في الأهداف وتختلف في الشكل فلكل حراك خصوصيته، والأهم أن يحقق النتيجة وهي التخلص من الأخطبوط الإخواني، فلكل دولة ولكل شعب طريقته في ذلك، والرئيس قيس سعيد يتحرك بخطوات بطيئة نوعا ما وثابتة للاستجابة لمطالب حراك ٢٥ يوليو، لأن الإخوان في تونس تمكنوا من الدولة لمدة أكثر من مصر، واستطاعوا التسلل لكل المجالات وقاموا بالاغتيالات واختراق أمن الدولة.

■ ما هي نوعية التهديدات التي وصلت إليك بعد رفضك قراءة الفاتحة على روح الرئيس الإخواني محمد مرسي؟

تزامنا مع تحركاتي للكشف عن ملف الجهاز السري لحركة النهضة الإخوانية، رفضت قراءة الفاتحة على محمد مرسي الإرهابى زعيم الإخوان في مصر،  تحت قبة البرلمان التونسي واعتبرت هذا انتهاكا لسيادة تونس وانتصارا لجماعة إرهابية، كنت أعلم أن هذا الموقف سيثير غضب حركة النهضة والإخوان في تونس، لكنني فوجئت أن موقفي قد جعلني في مرمى تهديدات من كل الإخوان من جميع أنحاء العالم، ولقد تلقيت تهديدات بالتصفية الجسدية عبر صفحات التواصل الاجتماعي من جماعات بسوريا وليبيا ومصر وحتى في الدول الغربية، ولمدة سنة كاملة كنت على قائمة الاغتيالات لدى بعض الإرهابيين الذين يتم إيقافهم في تونس، كما أنني كنت عرضة للتشويه والافتراء والعنف المعنوي، من قيادات النهضة وأنصارها وحتى أن نور الدين البحيري الرجل الثاني في الحركة قال لي صراحة إنه لا مجال لعودتي للبرلمان في ٢٠١٩.

■ هل يمكن أن تفرز الانتخابات المقبلة التي ستجرى في ديسمبر أغلبية إخوانية؟

لا معنى للانتخابات القادمة إذا لم يتم يتغير القانون الانتخابي الذي يسمح للإرهابيين والفاسدين أن يكونوا نوابا للشعب، وأعتقد أن من أولويات المرحلة تغيير القانون الانتخابي، الذي سيغير التركيبة البرلمانية وشروطها وهذا لا يخدم حسابات الإخوان، والاستشارة الشعبية تنص على بعض النقاط السياسية منها استشارة الشعب حول رأيه في الانتخاب على الأفراد عوضا عن انتخاب قوائم حزبية، وهذه مقدمة للاستفتاء الذي سيجرى في ٢٥ يوليو المقبل لتغيير قواعد اللعبة السياسية، والتغيير القادم لن يكون فيه للإخوان أي أغلبية.

■ ما شهادتك على كل من المنصف المرزوقي والغنوشي والسبسي وقيس سعيد؟

المنصف المرزوق: رئيس غير منتخب من الشعب، وهو فاقد للمشروعية الشعبية وأحمله مسئولية تمكين الإخوان من مفاصل الدولة والتغطية على جرائمهم ومسئوليته في ملف تسفير الشباب، حيث لن ننسى أنه نظم مؤتمر "أعداء" سوريا الانطلاقة الرسمية التونسية لتبييض الجهاد في سوريا.

والغنوشي زعيم الإرهاب ولا مكان له إلا داخل السجن، وهو المسئول الأول على الجهاز السري والاغتيالات واختراق أمن الدولة ونهب الدولة.

والباجي قايد سبسي، هو أول رئيس منتخب مباشرة من الشعب بعد الثورة وله مشروعية شعبية كبيرة، وحاول احتواء حركة النهضة عبر سياسة التوافق، لكن هذا التوافق مكنهم من السيطرة أكثر على السلطة، وهذا سبب اختلافي معه في حركة نداء تونس وأضاع فرصة تاريخية لمحاسبة الإخوان بهذه السياسة.

أما قيس سعيد فاستعمل المشروعية الشعبية للمواجهة مع الإخوان، وقد فهم أن الحركة الإخوانية التونسية لا يمكن احتواءها وهي غير قادرة أن تكون حركة مدنية، وهذا ما يجعله الرقم الأصعب في المعادلة السياسية.

■ هل ستخوضين الانتخابات البرلمانية المقبلة في ديسمبر المقبل؟

الانتخابات البرلمانية المقبلة سيحددها القانون الانتخابي الجديد والنظام السياسي الجديد، بعد الاستفتاء الشعبي وعلى حسب النتائج سيتحدد المشهد السياسي، وهل ستكون الانتخابات القادمة فرصة للتغيير أم لا، وفي الانتظار لكل حادث حديث حول ترشحي لها.

■ ما رأيك في أداء نجلاء بودن بعد حوالي ٦ أشهر من تولي رئاسة الوزراء في تونس؟

أعتقد أن نجلاء بودن في الفترة الاستثنائية أمام تحديات كبيرة تقتضي العمل بصمت وجدية وهذا ما لمسناه منها، ولكن يجب عليها أيضا أن تكون كل الحكومة  قادرة على فتح الملفات بشجاعة، ولكن نرى شيئا من الضعف عند بعض أعضاء الحكومة، وهذا ما يجعل أداء الحكومة متوسط أمام ما يقتضيه الوضع بعد ٢٥ يوليو.

■ ما هي أبرز المعوقات أمام بدء تونس في الإصلاح الاقتصادي؟

الإصلاح الاقتصادي يتطلب من ناحية الحسم في المنظومة السابقة ومحاسبة الفاسدين، ومن ناحية أخرى لرؤية اقتصادية واضحة، وما يتبعها من تشريعات إصلاحية، فالتقدم البطيء في الحسم والمحاسبة وطرح البديل يعيق الإصلاح الحقيقي.

■ هل الشعب التونسي لديه القدرة على تحمل أعباء وإجراءات الإصلاح وأبرزها خفض الدعم؟

سيتحمل الشعب أعباء وإجراءات الإصلاح إذا رأى إرادة حقيقية في فتح جميع الملفات والمحاسبة التي تطال الجميع دون تمييز والضرب بقوة لتطبيق القانون، وسيضحي من أجل بناء دولة القانون، أما دون ذلك فلن يصمت الشعب.