الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوادث وقضايا

العنف في المدارس ظاهرة تدق ناقوس الخطر.. بعد قتل طالب لزميله بسبب "تختة".. خبير نفسي: مشاهد البلطجة في السينما سبب رئيسي.. وأستاذ اجتماع يطالب بفتح تحقيقات مع مسئولي التعليم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يكاد لا يمر يوم واحد إلا ونسمع عن حوادث بين طلاب المدارس على أتفه الأسباب، وتنتهي في الغالب نهاية دموية، وقد تختلف ظروفها أو دوافعها ولكنها اشتركت جميعها في أمر واحد متمثل في "العنف" والذي تزايد على مدار الأيام الماضية، وتشكل في حوادث قتل الطلاب لبعضهم البعض التي دقت ناقوس خطر بالغ أمام المجتمع.

في مدينه 6 أكتوبر توفي طفل يدعى "ياسر المليجي" في الصف السادس الابتدائي، إثر نشوب مشاجرة بينه وبين صديقه بسبب أولوية الجلوس على أحد المقاعد داخل الفصل حيث قام صديق المتوفى بضربه بيده بمنطقة الرقبة مما تسبب في سقوطه على الأرض وبفحصه تبين وفاته، وكشفت التحريات الأولية أن الطفل المتوفى كان يعاني خلال اليومين الماضيين من أزمة صحية نتيجة آلام في منطقة الصدر، وتم نقل الجثة إلى مشرحة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة.

وفي محافظة كفر الشيخ  قررت النيابة حبس 3 طلاب، بمدرسة زراعة ميت علوان الإعدادية لقيامهم بالتعدي على زميلهم بذات المدرسة بالضرب المبرح، حتى فقد الوعي، بسبب خلافات بينهم، قاموا على إثرها بالترصد له، وضربه حتى أصيب بكدمة في الرأس وضيق شديد في التنفس، نقل عقب ذلك للعناية المركزة بمستشفى كفرالشيخ العام.

وفي مدينة السلام قام طالب بالتعدى على زميله بسلاح أبيض بطعنات متفرقة بجسده أمام إحدى المدارس بمنطقة مدينة السلام، وتبين أن المتهم طالب بالمدرسة يأخذ أموالًا من الطلبة نظير تركهم يدخلون المدرسة، وعندما رفض المجني عليه إعطاءه تعدى عليه بسلاح أبيض، ما أدى إلى إصابته بإصابات بالغة.

وتعليقا على ذلك قال الخبير النفسي الدكتور أحمد فخري، إن فى الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة البلطجة وحمل السلاح الأبيض لدى أطفال المدارس والنشء الجديد، وعند شرح أسباب الظاهرة من النواحي النفسية والاجتماعية البينية  نجد انتشار مثل هذه الظاهرة فى سن صغير وداخل أروقة المدارس المصرية، فهناك أسباب وعوامل أدت إلى تفشي تلك الظاهرة فى مجتمعنا، ومن الأسباب المهمة هي الألعاب الإلكترونيه التى أصبحت تغزو المنازل، حيث يجلس الأطفال بالساعات أمام شاشات الكمبيوتر والموبايل يمارسون لساعات ممتدة الألعاب الإلكترونية التي تتمثل فى ضرب بالأسلحة ومطاردات وأعمال إجرامية.  

وأضاف فخري أن انتشار الأفلام السينمائية التى تركز على أعمال البلطجة وحمل السلاح وإظهار من يحمل تلك الأسلحة بصورة البطل الهمام، كما انتشرت أغانى المهرجانات وما تتضمنه من عبارات نابية ويحمل المغنى أسلحة فى يده ويشاركه الجمهور فى استعراض الرقصات بالسلاح والتباهي بالبطولة السلبية.

وأكد فخري أن مشاهدة العنف والتأثر به تخلق حالة وجدانية ومعتقدات لدى المتلقى تجعله يختذل هذا العنف وحمل السلاح فى ذاكرته، ويبدأ فى ممارسته كمحاكاة للنماذج التى شاهدها، ويبدأ فى استعراض نفسه على مَنْ هم أضعف منه أو على أقرانه في المدرسة، فهناك قاعدة نفسية معروفة أن العنف يُولد عنفا أو المخ البشري يختذل المشاهد والمواقف التى يشاهدها أو تمر به، وتظل فى الذاكرة حتى تترجم لسلوك، ويساعد على عدم ضبط السلوك والسيطرة عليه عدم وجود رقابة وقواعد أسرية تنظم تلك السلوكيات لدى الأبناء، فانشغال الوالدين بأعباء الحياة وتوفير حياة كريمة لأبنائهم دون رقابة وتهذيب وتقويم وتنشئة جيدة للأطفال جعلت الباب مفتوحا على مصراعيه لوسائل التواصل الإلكتروني والألعاب الإلكترونية والأفلام هى التى تدعم جهاز القيم لدى هؤلاء الأبناء، والطفل عندما يذهب إلى الرحم الاجتماعى الثانى وهو المدرسة نجد أن غالبية القائمين على تعليم وتهذيب وتقييم سلوكيات هؤلاء الأطفال مشغولين إما بأعباء العملية الدراسية والكم الهائل من المواد الدراسية، ويلهثون حتى ينتهى المنهج فالشغل الشاغل لهم إنهاء المناهج فى موعدها دون الاهتمام بالجزء التربوى والنفسي والأخلاقى للأطفال.  
وأكمل فخري أن غالبية المدارس تفتقد إلى المعلم التفاعلى الذى يقوم بدوره الكامل تجاه الأطفال ورعايتهم رعاية منضبطة، كما أن غالبية المدارس تفتقد إلى التهذيب وتنمية الحس التذوقى لتهذيب سلوكيات الأطفال من خلال الموسيقى والرسم والفن والمشغولات اليدوية والألعاب الرياضية، واكتشاف المواهب، فأصبحت المنظومة الأخلاقية لدى الأبناء تحتاج إلى إعادة بناء؛ لذا نشدد على أهمية استعادة كل مؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية إلى دورها الفعال والمهم فى استعادة المنظومة الأخلاقية والسلوكية والقيمية للأجيال القادمة والحالية من خلال المحتوى العلمى والنفسي والتذوقى الذى يقدم للأطفال فى المدارس، بجانب الاهتمام بعملية التعليم، ولوسائل الإعلام المختلفه ودورها فى تقديم محتوى هادف للأسرة المصرية، كما أن للجامعات ودورها فى التربية والتعليم للشباب وتثقيفهم ثقافة تتماشى مع تغيرات العصر الحالى، ودور الأندية الرياضية والساحات ومراكز الشباب فى تقديم رعاية صحية ونفسية وأخلاقية بجانب الرياضية.

واستطرد فخري حديثه: لابد أن نربي أبناءنا علي الرفق بالحيوان في الصغر لتصبح لديهم ثقافة الرفق بالإنسان في الكبر، فنحن لدينا فقر كبير في التعامل مع الحيوانات؛ ففي  بعض المناطق يقوم الناس بتعذيب الحيوانات بشكل كبير، ولا بد أن نتذكر أن الله نهانا عن فعل ذلك، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلا هى أطعمتها، ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض». فماذا عن الذين يقومون بقتلهم؟!! فهذه نفسيات غير سوية ولم تنشأ في بيئة سليمة تحثها على العطف والرفق بالحيوانات الضعيفة التى لا حول لها ولا قوة.

ومن جانبه قال الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، إنه لابد أن تُسأل الحكومة عن هذا السلوك؛ لأن معظم الجرائم التي تحدث بين الطلبة تتم داخل المدارس الحكومية.