الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حكاية أم وائل وشعبان يوسف «ما يتسكتش عليها»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لم يعد الأمر يحتمل السكوت، بعدما باتت حكاية الشاعر شعبان يوسف، مؤسس ورشة الزيتون، مع أم وائل «على كل لسان»، بالأمس كنت أجلس بجوار «ترعة المتر» التي تمر من قلب مدينة «بنها»، نتناقش في قضايا مختلفة، وإذ بأحد الأصدقاء يقول: «لما أشوف أم وائل عملت إيه النهارده مع عم شعبان»، ولأني أعرف الحكاية وأتابعها تعجبت ثم سألته: «أم وائل مين وعم شعبان مين؟»، فإذ بالمفاجأة: «إنت مش متابع ولا إيه ده أنا جايبه من الأصدقاء على صفحتك، بيكتب كل يوم سطرين عن موقف له مع أم وائل بس حلوين يشدوك كده»، تبسمت وقلت له: «لا ما بدهاش بقى، الحكاية دي ما يتسكتش عليها»، أنا واحد من هؤلاء الذين يطلون يوميا من شرفته على صفحة «عم شعبان» فما من يوم يمر إلا وأقرأ ما يكتبه وأُتابع التعليقات لأصدقائه سواء من ورشة الزيتون أو غيرهم من المثقفين، فعم شعبان واحد من القلائل الذين استطاعوا أن يكون لهم "مقعد ثابت في الريح" ومع أنه كان لديه "أكثر من سبب للعزلة"، إلا أن له "أحلام شكسبيرية" جعلت "المنسيون ينهضون". بدأ "يوسف" نسج حكايته التي امتدت لعقود وشهدت صولات وجولات في مختلف صنوف الأدب منذ أن قابل صديقه "روبن هود" في المرحلة الابتدائية، وتعلم العروض والإيقاعات والتفاعيل، وكما قال لي صديقي في وصفه أصحاب المواهب هؤلاء هم «المنفوحين»، وعم شعبان مست تلك النفحة قلبه وقلمه فبات الحرف بين إصبعيه سهلا لينا يعرف طريقه للروح والعقل، ويطاوعه أينما اصطحبه فإذا وضعه في دواة الشعر يكتب به سبعة دواوين، ويكون قنديلا ينير الطريق للمهمشين، وإذا وضعه في دواة النقد لا يباريه قلم، عابد ورع في محراب الكلمة يحفظ مناسكها ويصنع الدروب إليها، إذا تكلم أنصتت له العقول فهو يعرف متى وكيف يقول ويملك خزائن لا تنفذ من الحكايات وروح لا تمل التحليق رغم الغيمات. أما عن حكايته مع أم وائل التي استطاع من خلالها وببراعة محترف إحداث ثٌقب من نور يُدخل البهجة على القلوب وسط ضجيج من الأحداث وصراع الترندات وعشوائية الكلمة في الأفواه، وكساحر عرف حيل الحرف فصنع منه قطع من السُكر بات يوزعها يوميا كفرحة مجانية في شوارع وحارات النفوس المنسية، فجذب الأنظار من حفلات الساحل لمتابعة أخبار أم وائل، تلك الحكايات التي افتقدناها وما من أحد ينبش بداخلنا إلا وجد إحداها تقطن في ركن من قلوبنا. لا أدري إذا كانت أم وائل مشروع عمل أدبي لعم شعبان، أم أنها لن تعدو أكثر من كونها «بوستات» يومية على صفحته يُعطي بها درسا لتلاميذه مغزاه: «أينما كتبت قُرأت ولو كان الحرف على ورق ذلك المارك». سلاما بحجم تاريخه وقيمته إلى روحه الوثابة المشرقة دائما، وسلاما إلى أم وائل أينما كانت.. وكيفما أرادها صانعها أن تكون.