الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تونس.. الإسلام السياسي وسؤال الديمقراطية ؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هل تستقيم الديمقراطية من حيث المفاهيم والممارسة مع وجود حركات الإسلام السياسي التي تعتقد في ضرورة إقامة دولة الخلافة النقيض الموضوعي للدولة الوطنية المدنية الحديثة؟!

المتنطعون على طرقات السياسة والثقافة شاركوا اتحاد "الإرهابي يوسف القرضاوي" المسمى باتحاد علماء المسلمين تحريم وتجريم اصطفاف الرئيس التونسي قيس سعيد والجيش والشرطة إلى جانب الشعب في ثورته ضد إخوان تونس بعد سنوات من التلاعب بمستقبل ومقدرات البلاد.

إذا كان مفهومًا أن ينتفض اتحاد القرضاوي دفاعًا عن راشد الغنوشي وحزبه الإخواني حركة النهضة التونسية،فإنه ليس من المبرر عقلًا ومنطقًا أن تخرج أصوات لمثقفين وسياسيين ليبراليين ويساريين تعتبر قرارات الرئيس التونسي انقلابًا على السلطة،فمن ناحية الرجل رئيس منتخب بإرادة جميع التونسيين واستخدم حقه الدستوري في الحفاظ على تماسك الدولة واستقرارها ووقف عمليات النهب وإشاعة الفوضى الممنهجة،ومن ناحية الشعب التونسي هو صاحب القرار الحقيقي،فلم يأت تدخل الرئيس على ذلك النحو إلا بعد اندلاع احتجاجات واسعة استهدفت أغلب مقرات حركة النهضة الإخوانية.

ليس من مبرر لتجاهل إرادة الشعب التونسي الذي نزل إلى الشوارع بمئات الآلآف محتفلًا بقرارات الرئيس قيس سعيد ومحتفيًا باصطفاف جيشه لحماية مؤسسات الدولة،إلا أن يكون هؤلاء من الحمقى والأغبياء الذين لم يستوعبوا دروس الحاضر،أو أنهم حلفاء وأذناب تنظيم الإخوان الإرهابي التقليديين من التيارات اليسارية ذات الطابع الراديكالي المدعوم إخوانيًا،أو الليبراليين الذين ارتبطوا بأجندات غربية.

ولدينا أمثلة كثيرة في مصر منها تنظيم الاشتراكيين الثوريين الذي أصدر بيانًا وقحًا ضد الجيش المصري عندما قام بعملية عسكرية لتصفية عناصر تكفيرية بمدينة درنة الليبية،قامت بذبح ٢١ مواطنًا مصريًا في فبراير ٢٠١٥ ناهيك عن أصحاب ماتسمى بمؤسسات حقوق الإنسان الذين مازالوا يستقون بالخارج.

ومع ذلك لنفترض أن ثمة حسني نوايا لنطرح عليهم هذا السؤال هل من الممكن أن تكون هناك تجربة ديمقراطية تعددية يكون فيها الإخوان المسلمون أو أي فصيل من تيارات الإسلام السياسي،جزءً من النظام السياسي؟! 

ألم تثبت كل التجارب أن الإسلاماويين إنما يستخدمون الديمقراطية مرة واحدة كأوراق الكلينيكس؟!

هل نستطيع توقع أن تخرج أية قيادة في حركة إسلامية أو حتى تابع أو متعاطف ليعلن أن دولة الخلافة لم تعد صالحة،وأنها لم تعد هدفًا لهم؟!أصلًا هل تستقيم أية حياة سياسية تعج بأفكار إسلاماوية تطعن في قيمة الوطن ومفهوم الدولة الوطنية الحديثة؟!

عبر عقود ترسخت في مجتمعاتنا العربية مجموعة من المفاهيم الدينية والسياسية المغلوطة من خلال نشاط تنظيم الإخوان الإرهابي والحركات السلفية ووضعوا المواطن العربي أمام معضلة الاختيار بين دولة القانون ودولة الفتوى الشرعية وخلطوا بين ماهو مدني وسياسي وديني على نحو جعل ممارسة الديمقراطية مستحيلة في مثل هذه المجتمعات.

شيوع وترسخ مفاهيم وأفكار وتصورات الإسلام السياسي في مجتمعاتنا كفيل بخلق بيئة طاردة لكل قيم ومبادئ الديمقراطية والتعددية وقبول الآخر،علاوة على قيم حقوق الإنسان والعدل والمساواة والكرامة.

الإسلام السياسي شأنه شأن المرض والفقر والجهل والعشوائيات،مانع لأية إمكانية للتطور والتقدم وتقبل المدنية بمفرداتها الحديثة ولا أظن أن مثقفًا أو سياسيًا حقيقيًا،مازال قابل لينخدع بأحاديث الإخوان عن الدولة المدنية عبر وجوه مثل عبد المنعم أبو الفتوح أو الهارب محمد محسوب،وأعتقد أن من الغباء النظر بعين الاعتبار لحديث أولئك الذين انخرطوا في علاقة مشبوهة مع التنظيم الإرهابي ليزين وجهه الدموي أمثال الإرهابي الهارب أيمن نور أو حتى بعض الشخصيات العامة من التيارات اليسارية التي تتبنى ادعاءات وأفكار جماعة الإخوان عن دولة مدنية يتعايش فيها الإخواني مع الليبرالي واليساري والناصري.

مجمل القول لا تقدم ولا نمو ولا ديمقراطية مع بقاء الإسلام السياسي واستمرار شيوع أفكاره وقد آن الأوان للتعامل معه بنفس الطريقة التي تتعامل بها أوروبا الديمقراطية مع الأحزاب النازية والأفكار المعادية للسامية.