رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

فاليري جيسكار ديستان.. رائد الحداثة.. وداعم الوحدة الأوروبية.. كان مولعًا بعلم المصريات وتاريخ الفراعنة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
غيب الموت أحد أكبر رؤساء فرنسا الذي حكم البلاد خلال الحقبة 1974 وحتى 1981 فاليري جيسكار ديستان عن عمر ناهز 94 عاما.


وكان الرئيس الفرنسي الأسبق يعاني من مشكلات صحية في منتصف شهر نوفمبر نقل على أثرها بطائرة هليكوبتر من مقر اقامته في إلى السادس عشر الباريسي إلى مستشفى في مدينة تور بغرب فرنسا. حيث مكث بالمستشفى لفترة وجيزة في سبتمبر الماضي بعد أن وصرح الأطباء بأنه كان يشكو من مشكلات في الجهاز التنفسي حيث عالجه الاطباء لشهور قليلة في إحدى وحدات العناية المركزة.
كان يشتهر بحبه للعالم العربي والإسلامي بشكل كبير ويعود له الفضل في المساهمة في بناء البرنامج النووي العسكري لكل من دولتي إيران في زمن الشاه والعراق في زمن أحمد حسن البكر ليحافد على التوازن الاستراتيجي العسكري مع إسرائيل التي اهدتها فرنسا في عهدها الاشتراكي المفاعلات النووية العسكرية لتحافظ على وجودها ولهذا أراد الرئيس اليميني الديجولي فاليري جيسكار ديستان ان يمتلك العرب سلاح الردع النووي فلن تجرؤ دولة استخدامها طالما هناك دول أخرى تمتلكها.


كما كان من أكثر رؤساء الدول الغربية حبا لمصر ولرئيسها آنذاك محمد أنور السادات حتى أنه زار مصر وأبدى إعجابه مرارا بحضارتها وتاريخها وبتراثها حتى أنه أصبح مولعا بعلم المصريات وتاريخ الفراعنة والكثير من التحف واللوحات المصرية التي كان يفتخر بها في قصر الاليزيه وكذلك في بيته الباريسي، كما زار متحف الأقصر خلال زيارته السياحية الشتوية الأخيرة لمحافظة الأقصر التى كان يقضيها على متن مركب نيلى برفقة زوجته وعدد من أفراد أسرته، وذلك بعد مرور 44 سنة على إفتتاحه للمتحف في عام 1975 برفقة الرئيس المصرى الأسبق محمد أنور السادات، والتقط صورا تذكارية في نفس المكان الذى يوجد على لوحة افتتاح المتحف والتى تحمل اسمه.
كما اشتهر الرئيس جيسكار بأنه مصلح ومحدث بل ومبتكر لعدة آليات ومنظومات سياسية فرنسية وأوروبية وعالمية حيث كان أول من اقترح تقليص مدة الرئاسة من 7 سنوات إلى 5 سنوات كما كان وراء إنشاء منتدى دافوس الاقتصادي. 


فاليري جيسكار رئيس فرنسا 
تولى فاليري جيسكار ديستان وهو في سن الثامنة والأربعين، وتولى رئاسة فرنسا في عام 1974 بعدما أصبح زعيما ليمين الوسط UDF، وكان حينها ثالث أصغر رئيس في تاريخ البلاد.. كان من ألمع وزراء حكومة الرئيس جورج بومبيدو. أحبه الفرنسيون لرغبته الملحة في إدخال الإصلاحات وتحديث المجتمع الفرنسي، وكان له بعضا من ذلك حين خفض سن الرشد من 21 سنة إلى 18 عاما.
كما أن وزيرة الصحة سيمون فاي، في عهده، دافعت عن القانون الذي يجيز الإجهاض.
وهي ذات مكانة خاصة في فرنسا لكونها كانت إحدى الناجيات من محرقة النازية لليهود، طُرح عليها خلال المناقشات الساخنة التي سبقت التصويت على القانون السؤال التالي التي اجبرها على التوقيع: "سيدتي الوزيرة، هل تريدين إرسال الأطفال إلى الأفران؟".



ديستان وفكرة الاتحاد الأوروبي
كان جيسكار ديستان مؤمنًا أشد الإيمان، بالفكرة الأوروبية. وعمِل عليها عن كثب مع المستشار الألماني هيلموت شميدت. وساعد كلاهما في إنشاء المجلس الأوروبي وزيادة صلاحيات البرلمان الأوروبي.
بالإضافة إلى ذلك، لعب ديستان دورًا رئيسيًا في إنشاء النظام النقدي الأوروبي.




ديستان والإمبراطور بوكاسا الأول
توجد نقاط سوداء في حياة كل إنسان ونقطة ديستان السوداء كان تتمثل في علاقته بالإمبراطور أفريقيا الوسطى بوكاسا آكل لحوم الأطفال.. ففي عام 1979 كشفت الصحيفة الفرنسية الساخرة "Le canard enchaîné" النقاب عن فضيحة أطاحت به من عرش الاليزيه ليخسر الانتخابات الرئاسية عام 81 لصالح خصمه اللدود زعيم الاشتراكية الفرنسية فرانسوا ميتران في الفضيحة الشهيرة بقضية الماس.. فعندما كان جيسكار ديستان وزيرًا للمالية عام 1973، أهداه الإمبراطور بوكاسا الأول، الديكتاتور سيئ السمعة هدايا ماسية لا تقدر بثمن. 
فضيحة الماس شوهت صورة ديستان الشعبية. أعقبَ ذلك مشكلات في الاقتصاد الوطني، حيث تأثرت فرنسا بشدة بأزمة النفط في عامي 1973 و1979. وتزايدت حدة البطالة، عواملُ عجًلت برحيل فاليري جيسكار ديستان.
بيد أن حياته السياسية كانت ثريَة للغاية فهو الذي اقترح على الاتحاد الأوروبي رئاسة ووزارة خارجية ودفاع لاتحول الاتحاد الأوروبي من أكبر سوق اقتصادي في العالم إلى قطب عالمي ولهذا يعود له الفضل في المثير من آليات سياسة ومنظومات الاتحاد السياسية والاقتصادية .
كما عمل جيسكار ديستان لعدة سنوات في البرلمان الأوروبي، وكافح عام 2001، عندما تم تعيينه لرئاسة اتفاقية مستقبل أوروبا، من أجل وضع معاهدة دستورية تساهم في توسيع أوروبا.
وبعد 16 شهرا من العمل المضني، قام ديستان بتقديم شكره إلى تمثال السلحفاة الصغير الذي وضعه تحت قبة البرلمان كرمز للمضي قدما ولو ببطى لكن بحذر واجتهاد لبلوغ الهدف، هدف جيسكار ديستان كان الإتفاق مع الأعضاء الأوروبيين المتصارعين دائما والمتنافسين بشراسة.
وبين أبريل ومايو من عام 2005، عمل ديستان دون كلل لشرح الدستور الجديد قبل الاستفتاء عليه في فرنسا.
في النهاية، كانت الغلبة في الاستفتاء لصالح الرافضين للمشروع، بعد بضعة أيام كانت نفس النتيجة في هولندا.
بالنسبة لفاليري جيسكار ديستان، التصويت كان ضد السلطات الحاكمة وليس ضد مشروع الدستور. كانت تلك خيبة أمل كبيرة بالنسبة له.. لكن كل رئيس حكم فرنسا بعده كان يستشيره في قصر الإليزيه لصيانة القرارات المصيرية للأمة الفرنسية.



ديستان...السياسيَ الكاتب
فاليري جيسكار ديستان لم يكن سياسيًا فحسب، بل كان أيضًا رجلًا يهتم بشئون المرأة وكاتبا مؤلفا.
في عام 2004، أصبح عضوًا في الأكاديمية الفرنسية، وبهذه المناسبة قال إنه يريد أن يذكره الناس أيضا ككاتب، وقال أيضا:
"أود أن تحمل الصورة التي ستظل في أذهان الناس، عمّا قلته أو كتبته، شيئا مهمّا نسبيا". لكن اشتهر عنه أنه كان يعشق الفاينال والجمال الفرنسي الأخاذ وكان من عشاق فاتنة الشاشة الفرنسية برجيت باردو أيقونة السينما العالمية والتي كان يرى أنها كانت تنافس جمال الأمريكية مارلين مانرو فيما كشفت الممثلة الفرنسية أنه كان يأتيها وهو رئيس للجمهورية إلى منزلها وكانت تسلط عليه كلبها فيركض مسرعا.