الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

على كرسي الاعتراف

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الخوف؟ نعم الخوف من المجهول هو من منحكِ تلك الجرأة التي بحثتِ عنها طويلا منذ أن خطوتِ أولى خطواتك نحو تحقيق حلمكِ في الكتابة، ولكن كيف يجتمع الخوف مع الجرأة؟ الحق أنهما لم يجتمعا، إنما ترتبا على بعضهما البعض؟. يسألونكِ: كيف، ستوضحين لهم.
عندما طرقتِ باب الحلم على استحياء وترقب منذ ست سنوات تقريبا وأصررتِ أن تلملمي كتاباتك السابقة في كتاب، كانت نيتكِ في البداية أن يكون الكتاب لمجرد التوثيق فقط، لم تسعِ الى شهرة أو تواجد أو انتشار، حتى أنه لم تواتكِ الشجاعة أن تنشري اسمك كاملا على الكتاب وقتها بلقب العائلة "قاسم" بل استعرتِ لقب عائلة زوجك وكتبتِ اسمكِ بلقب "سالم"، ورغم أن ذلك أثار حفيظة شقيقك وعاتبكِ لماذا لم تكتبِ لقب العائلة "قاسم" ؟ قلتِ له: لم أتذكر هذا اللقب وقت نشر الكتاب فهو غير مدون في شهادة الميلاد إنما سمعته قديما من أبي، لكني نسيته وأصبح المحيطون بي يعرفونني بلقب " سالم" ، لذا سامحني يا أخي فقد فات أوان التراجع . 

كان الضوء يستدرجكِ نحو خطوات وآمال متتالية لم تكن في حسبانك، عندما لاقى كتابك الأول "أبجدية عشق" ترحيبا، وجدتِ قلمكِ ينساب وكأنكِ رفعتِ عنه الطوق الذي ألزمتيه في عنقكِ سنوات، فانطلق يكتب بحماسة وشغف، حتى ظهر الى النور بعدها كتابكِ الثاني "من شرفة المنتهى" ثم الكتاب الثالث "عرائس السكر"، وكنتِ لا تهتمين في البداية بمن قرأ أو اشترى، ولا تبحثين عن مناقشة أو نقد، لكن بعد الكتاب الثالث انتابكِ حالات توتر وخوف من عدم الاستمرار أو عدم التواجد، وأصابكِ القلق والانزعاج والاحباط أحيانا ألا تتركين بصمتكِ في المشهد الثقافي بعد أن مشيتِ فيه مشوارا لا بأس به، لكنكِ حصدتِ بعض الانتصارات الصغيرة، فقد تُرجِمت بعض قصصكِ الى اللغة الانجليزية في دراسة عنها بآداب عين شمس وتم إدراجها في منهج طلبة الدراسات العليا، وترجمت بعض القصص أيضا الى اللغة الايطالية في جامعة باري بإيطاليا، الى أن تبدلت الأحوال فجأة وابتلاكم الله بتلك الجائحة وربما في ابتلائه رحمة، فاحتل الخوف المرتبة الأولى من اهتمامك، الخوف على أسرتك وأولادك، الخوف على نفسكِ، الخوف من رحيل الحياة التي تعودتِ عليها، الخوف من الموت، فقد هذب الخوف بكل أشكاله أولوياتك، ومنحنكِ الجرأة لاتخاذ الخطوة التي لم تتجرئي أن تُخطيها، فما أهمية انتشار كتابك لو داهمك المرض أو الموت مثلا، وماذا سيضيف لكِ الكتاب وأنتِ في الأصل متحققة أسريا واجتماعيا وماديا والفضل لله، ولماذا الصبر على بعض أشكال التنمر وعدم الاستجابة لطلبات النشر ؟ فقررتِ أن تمارسي الكتابة كهواية دون انتظار النشر من عدمه، المهم أنكِ تفعلين ما تحبين وحسب . 

والآن رغم أن لديكِ ثلاث كتب أخرى جاهزة للنشر ( رواية وديوان شعر ومجموعة قصصية)، فإنكِ لم تسعِ الى البحث عن ناشر، ولم تهتمِ كيف سترى كتبكِ الجديدة النور، كل ما يهمكِ الآن أن تكتب لكِ النجاة أنتِ وأسرتك ومن تحبين من هذه الجائحة، والتي يرددون أن موجتها القادمة أعنف وأشد، رغم أن الدلالات جميعها تقول أنها رحلت عن أرض الكنانة بلا عودة، فإن كانت المؤشرات خاطئة وهي قادمة لا محالة، فكل ما ستهتمين به أن يخرج الجميع منها أسوياء الروح والنفس لا ينقص منهم أحد، وأي شئ بعد ذلك يهون وأمره سهل، حتى لو استعصت عليكم الأحلام،المهم أن تقتنصوا اللحظة وتعيشوها بصدق دون خوف، لكن السؤال الأهم الآن: لو اختفت هذه الجائحة فجأة من الوجود كما ظهرت فجأة هل سيعود حماسكِ؟ وهل ستكتبين بإسم زيزيت سالم أم زيزيت قاسم؟.