رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

محمد سليمان فايد يكتب.. خبر وفاة الموت

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الموت.. الموت.. الموت.. لا حديث إلا وفيه كلمة الموت تذكر..لامات فلان.. ماتت فلانة.. أصبحت الكلمة رقم واحد على موقع البحث جوجل.. فقط اكتب حرف الميم ولو أخطأت وضغطت إصبعك على حرف الواو.. ستنفجر أمامك كلمة الموت.
شخصيًا قاموسي لم تفارقه كلمة الموت منذ بداية العام الجديد، وكأنه جاء بأرقامه المميزة 2020 ليظل محفورًا بذاكرة من سينجون من الموت.
نعم إنه مميز بالفعل سأروي تفاصيله لأجيال قادمة، إذا قدر الله لى الحياة ونجوت من ذلك اللعين الذي أصبح يحاصرني منذ بدايته، بخبر وفاة أبى سندي بالحياة، ووفاة ابنة عمى، وخالي، وابن عمى الذي خرج بكامل صحته فلم يتركه الموت، بل اشتدت قسوته، فعندما علم عمى بوفاة أكبر أبنائه مات جزنًا، ولحق بولده بعد ساعات، فوحد الموت جسدهما بالقبر معًا.
قبل أيام مات صديقي ابن الثمانين عاما الحاج الحسيني الدسوقي هو نموذج مختلف من البشر طيب القلب، حكاي بطريقه وأسلوب شيق لا تمل منه أبدا، ذهبت معه قبل رحيله بأيام لمسقط رأسه كفر الشيخ.. جلس بجواري بالسيارة، وكان يعلم من قبل أننى أغفو أحيانا وانا أقود السيارة.. وحرصًا منه على سلامتنا، بدأ بأسلوبه الجميل، فتح صندوق ذكرياته، وبدأ يسرد على سنوات طفولته، مرورا بمرحلة الشباب. 
والتجنيد بالجيش الذي قضاها بحرب اليمن، واستلامه فور عودته العمل بوزارة التموين، كانت قصة حياته ممتعه لم أكن أتخيلها، خاصة عندما تحدث عن زوجته وكيف التقت عيناه بها، بمنطقة الزمالك وخطوات البحث عنها حتى الزواج، وعلمت منه أنها كانت قريبة النسب من المطربة نجاة الصغيرة.
ظل يحكى لى قصص وحكايات طوال الطريق حتى وصلنا لدسوق، الطريق سهل بفضل حكاياته، تمنيت أن يطول أكثر لأستمع لصوته وهو يتنقل بين الحكايات وبين الحين والآخر التفت له فأرى عيونه تضحك كلما ذكر اسم زوجته التى تركته وماتت وتركت له خمس بنات عشقهم عشقا، لأنهم ذكريات أحب الناس لقلبه، قبل أيام مات صديقي الحاج الحسيني فاجأه، ولم اخرج من حزن موته إلا بخبر موت السيدة الطيبة الحاجة لطيفه أو أم فكرى كما كانت تحب أن نطلق عليها.
استسلمت لشباك الموت التى فرضها على كثيرين ممن اعرفهم بعد أن كنت قد انتصرت عليه، قبل شهر بخبر موت الفنانة القديرة رجاء الجداوي، أشاعوا أنها ماتت وهى تصارع جائحة كورونا، كتبت خبر الوفاة للنشر، ولكن أسعدني تكذيب ابنتها للوفاة، وقالت أنها شائعة، فرحت كثيرًا وقلت الآن انتصرت على الموت، وأن الخبر الذي كتبته قد مات ولم ينشر، نعم سأطلق عليه عنوان "خبر وفاة الموت"، مرت الأيام لكن الموت، عاد وانتصر لأكتب لكم اليوم خبر موت المبدعة رجاء الجداوي بعد نصف قرن من العطاء الفني.. كانت طيبه القلب حنونة. 
التقيت بها قبل سنوات بشقتها المتواضعة بمنطقة الدقي بالدور الأول وصفته لى بأن بشارع نهايته بوابة حديقة الأورمان.. قلت لها أعرفه، وعندما وصلت رويت لها أول لقاء غرامي لي بالقاهرة، تعرفت على فتاه وطلبت أن نلتقي أول مره بحديقة الأورمان، جلست بجانبها بجوار أحدى الأشجار العالية وكنت في غاية السعادة وإذا برجل "ملتحي" خارج سور الحديقة ينظر لي ويصرخ "جايلك يا كافر هموتك تركت الفتاه "وقمت اجري "ولم أتوقف لكن الأكيد أن قصة الغرام ماتت في مهدها، صرخت رجاء الجداوي من الضحك لم تتوقف وكان سؤالها ماذا فعلت الفتاه؟ قلت لم أراها حتى اليوم.. أكثر من عشر سنوات وأنا أحتقر نفسي وأحاول التكفير والاعتذار عن هذا الموقف السلبي لكل تاء التأنيث، تصرخ من الضحك، فأكمل لها تقول وهى تضحك فعلا موقف سيئ، كان كل ما يشغلني أن تظل تضحك لتقوى العلاقة الإنسانية بيننا ولا تظل علاقة صحفى ومصدر.
مؤخرا التقينا وكانت ضيفتي بمكان عملى تركت لها كرسي مكتبي الذي أجلس عليه وجلست أمامها استمع لها بحب الابن، كانت تروي حكايات وذكريات عن الطفولة والعمل والسفر والعودة وعند كلمة العودة تبتسم عيونها وهى تقول أحب العودة لمصر.