الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

العشر الأواخر منحة الرحمن لعباده الصائمين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اختص الله شهر رمضان بالفضل العظيم الذي تميز به عن سائر الشهور، وزاد فضله –سبحانه وتعالى- حين ختم هذا الشهر الكريم بعشر أيام وليال هي خير من الدنيا وما فيها، فكانت هذه العشر مسك الختام لهذا الموسم الإيماني الحافل بالفضائل والخيرات، لذلك فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحرص على إحيائها بما يليق بها؛ تعرضا لنفحات الله –تعالى- فيها، ومما ورد في هذا ما أخبرت به السيدة عائشة -رضي الله عنها- قائلة: (كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ)، وما دام النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أحيى تلك الليالي وأيقظ أهله فيها، فما ذلك إلا لمزيد فضل الله في تلك العشر، ونحن مأمورون بالاقتداء بسيرته العطرة، بالتقرب إلى المولى -سبحانه وتعالى- بفعل خصال الخير التي يكمل بها ثواب الصيام وترتفع بها عند الله الدرجات، ويحسن بالمسلم أن يتخير من تلك الخصال ما يقدر عليه ويظن فيه التقرب إلى الله تعالى، حسب أحوال الناس وظروفهم، ففي تلك الظروف الصحية التي يعيشها العالم من تفشي لوباء كورونا، وما أصاب الناس من ركود اقتصادي، تبرز مع تلك الظروف قيمة الإنفاق في سبيل الله مساعدة الناس وسدا لحاجاتهم وإقالة لعثراتهم، ما بين إفطار للصائمين وما بين تصدق بالمال، وإخراج للزكاة، وتقديم يد العون للمحتاجين والفقراء تضامنا معهم وتحقيقا لمعنى التكافل الذي حث عليه الإسلام.
وقد جاءت تلك العشر محملة بالخيرات لعباد الله الصائمين، ترغيبا لهم في فعل الخيرات واغتنام الفرص؛ بما فيها من ليلة القدر ولية العتق من النار والاعتكاف والتصدق والإنفاق والتهجد وقراءة القرآن، وكلها عبادات يعظم فعلها في تلك العشر على وجه الخصوص، ولهذا فإنه يجب على المسلم أن يحرص على أداء الصدقات في العشر الأواخر؛ إذ الصدقة في شهر الصيام أرجى قبولا وأفضل نفعا لصاحبها مما عداه من الشهور، وهي أفضل أداء في تلك العشر عما عداها من سائر أيام الشهر، ولذلك كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أكثر تصدقا في رمضان، فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس-رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة.
الدعاء في هذه العشر
كما يستحب الإكثار من الدعاء ورجاء المغفرة ونيل الأجر والثواب من الله تعالى وطلب العتق من النار في تلك الليالي المباركة، ومما ورد في تلك العشر خاصة في تلك الليلة التي يظنها الصائم ليلة القدر من دعاء مأثور، ما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها، حين سألت النبي –صلى الله عليه وسلم- يا رسولَ اللَّهِ أرأيتَ إن وافقتُ ليلةَ القدرِ ما أدعو قالَ تقولينَ اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي".
إحياء ليلة القدر
فهي ليلة توجت الشهر الفضيل بمزيد من الفضل والفخار؛ وما قدرها ومنزلتها الشريفة إلا لنزول آيات الله المعجزات فيها، لذلك وصفها الله تعالى في سورة القدر بأنها خير من ألف شهر، يقول القرآن الكريم عن ليلة القدر: " ليلة القدر خير من ألف شهر"}سورة القدر:2{، كما ثبت في صحيح الإمام البخاري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)، ففي تلك الليلة تتنزل البركة ويكثر الخير، وفيها ينزل روح القدس جبريل عليه السلام وملائكة الرحمن نزولا تحصل به السكينة ويتغشى الناس بفضله الأمن والأمان، ولم لا وقد وصفها القرآن الكريم بأنها ليلة مباركة، يقول -تعالى-: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ).[سورة الدخان:١٥].
قراءة القرآن في ليالي نزول القرآن
ومن أكثر القربات تحصيلا للثواب في تلك العشر على وجه الخصوص تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع ،واستحضار معانيه التي تحمل الخير والنفع لسائر البشر، وتأمل أوامره ونواهيه، ذلك أنها الليالي التي سعدت دون غيرها من ليالي العام بنزول القرآن الكريم؛ حيث إنه نزل في ليلة القدر وهي تكون في العشر الأواخر، يقول تعالى: ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)}سورة البقرة:282{، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحيي هذه اليالي بمدارسة القرآن حيث كان جبريل –عليه السلام ينزل يدارس النبي –صلى الله عليه وسلم- القرآن في كل يوم من أيام رمضان، فلما أتم الله على نبيه نزول القرآن وفي السنة التي توفي فيها راجعه جبريل القرآن مرتين.
ليلة العتق من النار 
وقد أجزل الله- تعالى- من عظيم فضله على الصائمين في شهر رمضان بأنه ختم شهرهم بليلة العتق من النار، فإذا كانت آخر ليلة من رمضان امتن الله على عباده الصائمين بمنحة هي خير المنح ونعمة هي أجل نعمة؛ ألا وهي منحة العتق من النيران؛ فعن أبي هريرة في حديث له عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: «إن الله يغفر لأمته في آخر ليلة من رمضان قيل يا رسول الله أهي ليلة القدر قال: لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله».
إذن هي أيام كلها خير وبركة ونفحات من الله لعباده الصائمين؛ فحري بكل مسلم يرجو ثواب الله ويأمل في مغفرته والنجاة من النار أن يشمر عن ساعد الجد في تلك الأيام ويحيي تلك الليالي تقربا من الله بفعل سائر خصال الخير التي أفاء الله بها على عباده المؤمنين.
نسأل الله أن يوقفنا لنيل نفحاته والتعرض لرحماته.