الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

كيف يؤثر اختيار توكل كرمان لمجلس مراقبة "فيس بوك" على جهود المنظمات الدولية؟

 توكل كرمان
توكل كرمان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
آثار اختيار الناشطة اليمنية "توكل كرمان" التابعة لجماعة الإخوان، كأحد المنضمين إلى مجلس الإشراف العالمي على محتوى ما يتم نشره على المنصات الاجتماعية مثل "فيس بوك" و"انستجرام" العديد من التساؤلات حول كيفية اختيار ومعايير عمل هذه المنظمات، خاصة أن هناك العديد من الشواهد التي تؤكد تورط "كرمان" في الكثير من القضايا المرتبطة بدعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار الداخلي في اليمن.

ولعل هذه التساؤلات جاءت كون المجلس يعتبر أحد الوسائل الرقابية لحماية حقوق التعبير عن الرأي في مواجهة الإجراءات الحكومية، ويجب الإشارة هنا إلى أن "كرمان" تمكنت من الحصول من جائزة نوبل للسلام في عام 2011، كما أن اختيارها في هذا المجلس أضاف بعدًا جديدًا حول تحركاتها في دعم بعض الجماعات التي تصنف في الكثير من الدول العربية على أنها جماعات إرهابية.
صلاحيات ممتدة
يمكن للهيئة المكونة من 20 فردًا ويطلق عليها "محكمة فيس بوك العليا" والتي انضمت إليها "كرمان" من إلغاء قرارات الرئيس التنفيذي "مارك زوكيربرج" بشأن وجوب السماح بإزالة أجزاء فردية من المحتوى المقدم على منصتي "فيس بوك" و"انستجرام"، وسوف تتجه صلاحيات هذه اللجنة نحو مواجهة خطاب الكراهية والتحرش وسلامة المستخدمين الشخصية، كما تم تخصيص 130 مليون دولار لتمويل أنشطة المجلس لمدة 6 سنوات.
ولعل تلك الصلاحيات أتاحت لـ"توكل كرمان" إعلانها أن الحكومات لم تعد قادرة على احتكار وسائل الإعلام والمعلومات بفضل المنصات الاليكترونية مثل "فيس بوك"، وأنها ستواجه خطط الحكومات الهادفة إلى قمع الحريات.
وتتجه مواقف "كرمان" السياسية والتي تتخذ من تركيا منصة لمهاجمة الحكومات العربية نحو التناغم مع مواقف جماعة الإخوان ضمن أجندتها الداخلية والإقليمية والدولية القائمة على مضمون التمكين، الأمر الذي يفسر حالة الجدل القائم حول تعينها ضمن فريق مراقبة محتوى "فيس بوك".
كما أن إعلان "كرمان" عن هذا الأمر بأنها تهدف إلى دعم طموحات الشعوب في الديمقراطية وحرية الرأي يأتي كامتداد للسياسة الإخوانية المعروفة باسم "المظلومية" ولكن بمجرد أن تتمكن من تمرير أهدافها فإنها تنقلب على هذه المبادئ بصورة كاملة، وتتحول كافة المعادلات القائمة على الديمقراطية والحرية إلى الديكتاتورية والاستبداد ومصادرة الحريات.
وهذا الأمر ليس بجديد على جماعة الإخوان فهناك الكثير من التجارب التي انتهت بالفشل مثل حكم جماعة الإخوان في مصر عام 2012، وكذلك مع حكومة الإنقاذ في السودان بعد سقوط حكم الرئيس المعزول عمر البشير، وكذلك تجربة حركة حماس، جناح جماعة الإخوان في قطاع غزة والتي تتبنى قيم وأهداف الديمقراطية في ظاهرها ولكن في الواقع تعتمد على الاستبداد وقمع الحريات حكمًا وتنفيذًا.
شبهات الاختيار
يثير اختيار توكل كرمان لمجلس الاشراف على "فيس بوك" جدلًا كبيرًا حول المقاييس التي اعتمدتها في تعيين شخصية معروفة بانتمائها ودعمها لجماعة الإخوان التي تخضع للكثير من إجراءات المراقبة والترصد والحظر في الكثير من الدول العربية والغربية.

وضمن نفس السياق كيف لموقع "فيس بوك" والمواقع المرتبطة به أن تتمكن من مكافحة ومواجهة المحتوى المدعوم بالتطرف والإرهاب، ومن ناحية أخرى تختار شخصية سياسية تُعد بوقًا للتطرف والدعاية لجماعة الإخوان، وهذا الأمر يضيف معيارًا جديدًا للتناقض بين السياسات المعلنة من جانبهم وبين معايير اختيارهم؛ إذ من المفترض أن تعارض هذه المنصات التوجهات الخاصة بهذه الجماعات التي لا تؤمن بالديمقراطية وحرية الرأي بل وتوظيفها لهذه المبادئ لتحقيق السيطرة على السلطة في هذه الدول.
وقد تعرض موقع "فيس بوك" إلى الكثير من الانتقادات خلال الفترة الماضية بسبب فشله في الإشراف على المحتوى المنشور على منصاته المختلفة مثل مكافحة خطابات الكراهية، بالإضافة إلى نشر الكثير من الصور والمحتويات المضللة الفاقدة للمصداقية، ولعل هذه الانتقادات كان لابد من مواجهتها بصورة تسمح بزيادة مستوى مصداقية هذه المواقع، وبذل الجهود للتصدي لمثل هذه السلوكيات التي تعتبر انتهاكًا بكل المقاييس لمعايير الشفافية والمصداقية، وليس نحو اختيار شخصية تثار حولها الشبهات.
وفي السياق ذاته حاولت "كرمان" توظيف كافة المنصات الإعلامية التشهير بالدول العربية التي تواجه جماعة الإخوان مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وهو ما يزيد من حالة الجدل حول أسباب اختيار مثل هذه الشخصيات في هذه المواقع المتقدمة للرقابة على الحريات ومواجهة التطرف!
عملية الاختيار هذه أثارت جدلًا واسعًا حول أسباب ومعايير الاختيار بالنسبة للشخصيات التي تثار حولها الشبهات بعلاقاتها مع الجماعات الإرهابية وهو الأمر الذي يمكن أن يؤثر بصورة كبيرة على اتجاهين، يتمثل الأول في تفتيت الجهود التي تقودها الدول والحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية في مواجهة التطرف والأفكار الإرهابية، بينما يتمثل الثاني في الشكوك والتساؤلات حول معايير اختيار هذه الشخصيات ومدى توافر المصداقية والشفافية لهذه المنصات لدى الرأي العام العالمي.