الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل ذهبت نخوة المصريين مع كورونا؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أزعجني كثيرًا ما حدث في قرية شبرا البهو التابعه لمركز أجا بمحافظة الدقهلية، عندما احتج أو رفض بعض من أهالي القرية دفن جثمان الدكتورة سونيا عبد العظيم عارف التي توفيت بعد إصابتها بفيروس كورونا.
احتجاج أهالي قرية شبرا البهو ليس الأول فقد سبقه احتجاجات أهالي قرى أخرى في محافظات بورسعيد وأسوان والأقصر، والغربية، على دفن أو رفض استلام جثامين ضحايا وباء "كوفيد – 19" والذي من الوارد أن يصيب أي شخص، فليس هناك حصن يحمي أي إنسان من هذا المعلون، بما في ذلك هؤلاء المحتجين على دفن من قدر الله له أن يلقى ربه متوفيا به.
هذه المواقف من الإحتجاجات مهما كان مبررها ليست من المصريين في شيء، وليست من الإنسانية، وليست من تلك الوصايا التي تؤكد عليها الأديان السماوية، ومثل تلك التصرفات نبتًا شيطانيًا دخيلًا علينا، ولا أعتقد أنه من السمات الأخلاقية تجاه الموتي، بغض النظر عن سبب الوفاة.
بل الغريب أيضا هو ما حدث مع بعض المتوفين برفض أهاليهم إستلام جثامينهم، وقيام الأطباء والممرضين بالصلاة على المتوفي، ودفنهم في مقابر الصدقة، وقد مرت هذه الحوادث دون مناقشة، وحوار حول تلك السلوكيات الغريبة،.. لتتكرر عدة مرات وبأشكال مختلفة.
قبل واقعة قرية شبرا البهو بمركز أجا دقهلية، وقعت حوادث مشابهة ومزعجة، وأرى أنها مأساة بالمعني الحرفي للكلمة، إن لم يكن انحدارًا أخلاقيًا في نفوس البشر، بل ربما تؤدي إلى أزمات مجتمعية إن عاجلا أو آجلا.
ولكن أكبر المأسي ما وقع في قريتي شبرا البهو بالدقهيلة، وبولس في الغربية، فما جرى من رفض من أهالي تلك القريتين، بمثابة تراجع أخلاقي وإنساني، وتعامل غير آدمي مع متوفين، كان الأجدر أن نعمل بمقولة "إكرام الميت دفنه"، وليس رفضه كما حدث من البعض، ومن اللافت أن الواقعتين تتصلان بأطباء.
ففي قرية بولس بكفر الدوار بطنطا وقعت اشتباكات بين أهالي القرية وقوات الأمن بعد رفضهم دفن ضحية من ضحايا كورونا خشية أن يصابوا بالفيروس لو تم دفن الجثمان في القرية.
ويمثل هذا رد فعل غير إنساني بشأن التعامل مع الموتى، بل لقد ارتكبوا أحد المحرمات التي حرمها الله سبحانه وتعالى، ولم يعي أي من المعترضين أن الإجراءات الصحية الإحترازية يتم اتخاذه في مثل تلك الحالات من الوفيات، مشددة جدًا.
واقعة قرية بولس تتصل بطبيب يعمل في مستشفى العزل، أصيب بفيروس كورونا، وانتقل المرض منه إلى والده الكبير في العمر، فتوفي بشكل سريع، وتم تغسيله وتكفينه وفق الإجراءات الإحترازية، وعندما ذهب بالجثمان لدفنه في مقابر العائلة في قرية بولس، فوجئ بأهل القرية بمنعه من دفنه في مقابر القرية، فتدخلت الشرطة حتى تمت مراسم الدفن.
أما واقعة الدكتورة سونيا عبد العظيم "64 سنة"، تحكي عن مأساة عائلة كان نصيبها وقدرها أن تصاب بالكامل بفيروس كورونا، فالطبيبة، التى توفيت وصاحبة قصة قرية شبرا البهو بالدقهيلة تعمل أستاذ مساعد بطب المنصورة وتعرضت للإصابة وأبنائها وثلاث طبيبات وزوج نجلتها مع أول ظهور حالات الإصابة التى كانت ظهرت بمركز بلقاس بمحافظة الدقهلية والجميع من أبناء مدينة المنصورة.
وتشير المعلومات إلى أنه تم نقل وعزل الطبيبه و4 من أسرتها بعد التأكد من إصابتهم إلى مستشغفى عزل الإسماعلية وتم تعافى المصابين الأربعة من أسرة الطبية، وظلت هي بمستشفى العزل نظرا لتأخر حالتها الصحية إلى أن توفيت وتوجهت أسرتها إلى قرية شبرا البهو لدفنها بمقابر أسرة الزوج بعد اتخاذ الإجراءات الصحية، ووقع ما لم يتوقعه أحد حيث فوجيء أهل الدكتورة الراحلة بإعتراض أهالى القرية وتجمهرهم في محاولة لمنع دفنها بالقرية، خشية أن يصيبهم الفيروس، فتدخلت الشرطة، حتى تم دفن الجثمان.
القضية جد خطيره في الأخلاقيات، التي ذهبت مع كورونا، وذهبت معها نخوة البعض، مما يحتاج إلى وقفة دينية وتوعوية، للناس ليس لمجرد أن المرض لا ينتقل إلى الأخرين من جثامين الضحايا، بل الوقفة يجب أن تتم بشأن هذه الأخلاقيات التي تراجعت بيننا، والنخوة التي بدأت تتسرب من بين أصابعنا، كتسرب المياة، وتطير كما يطير الدخان.
اصحوا يا ناس.. تلك ليست أخلاقنا، وليس من سماتنا.