الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التعليم قضية وطن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نحن نعيش اليوم في عالم متغير تسوده ثورات علمية وتكنولوجية ومعلوماتية غير مسبوقة، تركت وما زالت تترك انعكاسات، وتفرض تحديات جد خطيرة على كل مناحي الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والعسكرية، والبيئية، والتعليمية وغيرها، ولكى تتبوأ أي دولة مكانتها في مصاف الدول الناجحة في ظل هذه التحديات، يظل التعليم هو السبيل لبناء شخصية المواطن القادر على تحقيق نقلة نوعية في الإنتاج، والاقتصاد، والتحول السياسى والاجتماعي المتوازن، مع الحفاظ على قيم المجتمع وثوابته الوطنية والقومية، هذا بالإضافة إلى أن العلم قيمة تمتاز بسمو الغاية، وشريف المقاصد، وعلو المرامي.
ومن هذا المنطلق فقد أصبح التعليم في معظم دول العالم من أهم وظائف الدولة بحسبانه أداتها الرئيسة في تكوين النشء وإعداده، وتحقيق التنمية والضبط الاجتماعي، ومن ثم تزايدت المسئولية الملقاة على عاتق المؤسسات التعليمية وتفاقمت لتشمل التعامل مع كل المتغيرات التى تحدث داخل أسـوارها وخارجها، وتكوين متعلمين يمتلكون المرونة والقدرة على التكيف مع ميدان المعرفة، وصناعة المستقبل.
ولما كان الطلاب يمثلون أدوات التنمية ووقود المستقبل في أى مجتمع، فقد صار لزامًا على مؤسسات التعليم والقائمين عليها أن تعمل على غرس مبادئ الثقافة المعلوماتية لديهم تعليمًا وتطبيقًا، من خلال دمجها مع برامج إعداد المعلم وتدريبه، وكذا مع المقررات الدراسية، والمناهج التعليمية، وبرامج الإدارة التربوية، وغير ذلك، وهو ما يطلق عليه اختصارًا (التحول إلى التعليم الرقمى)، الذى يتطلب تغييرًا جوهريًا في أدوار المعلم والمدير، بحيث يصبح المعلم ميسرًا للمعلومات ومستشارًا لها؛ ومطورً للمقررات، وموظفًا للتكنولوجيا، ولديه القدرة على العمل في فريق، ويصبح المدير قادرا على تفعيل نُظم الرقابة، وتحقيق مستوى عال من الجودة في الأداء، ودعم القرارات القائمة على المشاركة، واللامركزية، والإدارة الذاتية، والتكيف مع المتغيرات البيئية الداخلية والخارجية. من خلال تبنى اتجاهات إدارية حديثة مثل الحوكمة وإدارة التميز، واستلهام رؤية جديدة للتعليم تعتمد على مبدأ المساواة في الفرص التعليمية باعتباره حقًا من حقوق الإنسان، وسبيل رئيس لاقتحام الطريق إلى آفاق المعرفة بألوانها المختلفة.
وفى ضوء ما تقدم، وباعتبار أن التعليم أصبح قضية وطن به يحيا الوطن ويتقدم ويكون، وبه أيضًا يضمحل وربما يختفى ولا يكون، فإننى أرى أنه أصبح من الضرورى، أن يتم اتخاذ الخطوات التالية:
- مراجعة نظامنا التعليمى في إطار مرجعيات وطنية وقومية ودولية، بما يدحض مقاومة التغيير المدفوعة من البعض بشعور الأمان.
- بناء نظام تعليمى يركز على عدم فصل البرامج التعليمية عن أهدافها، وعدم عزل المناهج عن بيئتها، ودمج التكنولوجيا في التعليم، والتواصل مع الآخرين؛ من منطلق أنه لم يعد متصورًا أن يكون لأحد حق الدفاع عن نظم تعليمية قائمة في أى قطاع أو مستوى من التعليم تخلفت عن حقائق العصر وتحدياته، ولم تعد تفى بمصالح المجتمع، بل يكون إنفاذ النظم والقواعد الجديدة لازمًا بقدر ضرورتها.
- استكمال بناء نظام تعليمى في إطار يحافظ على المجانية، ويعتمد على المشاركة المجتمعية، وتستفيد منه جميع شرائح المجتمع، بهدف بناء مواطن وفقًا لمنظومة القيم الحضارية والإنسانية، قادر على العمل الجماعى، والإبداع، والتنمية الذاتية وقبول الآخر، والحفاظ على القيم الأصيلة للمجتمع، والإسهام في تطوير وازدهار الوطن، وذلك في ظل نظام اجتماعي قائم على الحرية والديمقراطية والعدل والتعاون، وذلك من خلال إتاحة فرص متكافئة لجميع الأطفال في سن التعليم للالتحاق واستكمال التعليم مع استهداف المناطق الفقيرة كأولوية أولى.
- تحسين جودة وفاعلية الخدمة التربوية من خلال توفير منهج معاصر، ومعلم فعال في كل فصل، وقيادة فاعلة في كل مدرسة، ومستوى عال من الإعداد والتنمية المهنية لكل معلم وإداري، وتدعيم البنية المؤسسية وبناء قدرات العاملين بما يضمن تطبيق اللامركزية على وجه يحقق الحوكمة الرشيدة.
- تقديم تعليم يمكن الطلاب ويكسبهم القدرة على المشاركة في صنع القرارات التى تؤثر في حياتهم وتتعلق بمستقبل مجتمعاتهم.
- البحث عن أسباب التطور والتقدم السائد في العالم وتعزيز برامج التوأمة بين مؤسسات التعليم المصرية والدولية، توأمة مبنية على مبدأ المعاملة بالمثل والمنفعة المشتركة.
- إعداد أبنائنا للوظائف المتوقع وجودها خلال العشر سنوات القادمة، والتى لم تكتشف بعد، من خلال تزويدهم بمهارات التكيف والتعلم الذاتى.
* أستاذ تخطيط التعليم بجامعة المنصورة
وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى السابق