رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

تطور جديد في علاقات البلدين.. واشنطن تستأنف برنامج التدريب العسكري لباكستان

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في مؤشر على عودة الدفء إلى العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة بعد فترة توتر وفتور استمرت على مدى العامين الماضيين، وافقت واشنطن على انضمام إسلام أباد مجددا إلى برنامج تدريب عسكري مشترك بين البلدين، وهو البرنامج الذي تم تعليقه عقب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتجميد المساعدات الأمريكية لباكستان قبل نحو عامين.
ووفقا لمتحدث باسم الخارجية الأمريكية، فإن استنئاف البرنامج الدولي للتدريب العسكري لباكستان، والذي يتطلب مصادقة الكونجرس عليه، يأتي ضمن الاجراءات التي استثناها قرار تجميد المساعدات العسكرية لباكستان، والذي سمح باستثناء بعض البرامج التي تدعم المصالح الحيوية للأمن القومي الأمريكي.
ورغم أن استئناف برنامج التدريب العسكري يمثل جزءا صغيرا من المساعدات الأمريكية المجمدة لباكستان، إلا أن مراقبين يرون أنه يعتبر خطوة مهمة على طريق تحسن العلاقة بين البلدين.
وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن في شهر يناير 2018 تجميد المساعدات الأمريكية لباكستان والتي تقدر بقرابة 300 مليون دولار ، بدعوى أنها لا تقوم بما يكفي في الحرب على الإرهاب وعلى الجماعات المتشددة التي تتخذ من الأراضي الباكستانية منطلقا لها.
وجاء قرار تجميد المساعدات الأمريكية بعد اتهامات متكررة وجهها مسؤولون أمريكيون إلى الأجهزة الأمنية الباكستانية بأنها تتعاون مع المتطرفين أو تغض الطرف عن أنشطتهم على الأراضي الباكستانية، بما في ذلك حركة طالبان، وهي الاتهامات التي تنفيها باكستان دائما وتؤكد أنها غير صحيحة.
لكن العلاقات الباكستانية الأمريكية شهدت بعض الانفراج عقب انتخاب عمران خان رئيسا للوزراء في باكستان، حيث زار خان الولايات المتحدة في شهر يوليو الماضي والتقى الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض، وحصل على إشادات من جانب المسؤولين الأمريكيين بشأن المساعدة التي تقدمها بلاده لإنجاح المفاوضات التي تجريها واشنطن حاليا مع حركة طالبان الأفغانية.
ويربط مراقبون توقيت الخطوة الأمريكية الأخيرة بشأن استئناف برنامج التدريب العسكري لباكستان، بالمفاوضات الحالية بين واشنطن وحركة طالبان، بهدف التوصل لاتفاق سلام ينهي الحرب الحالية في أفغانستان ويمهد الطريق لتقاسم السلطة في البلاد، ولانسحاب القوات الأمريكية هناك، وهو الهدف الذي يسعى ترامب لإنجازه قبيل الانتخابات الأمريكية القادمة التي يسعى للفوز خلالها بفترة رئاسية جديدة.
وفي هذا الإطار تسعى الولايات المتحدة، من خلال خطوة رفع التجميد عن بعض المساعدات العسكرية لباكستان إلى تشجيع الجانب الباكستاني على لعب دور أكثر تأثيرا لإقناع والضغط على قيادات طالبان لإبداء المرونة اللازمة لإنجاح مفاوضات الدوحة لإحلال السلام في أفغانستان، إذ تدرك واشنطن، ضمن مساعيها لتوفير الدعم الإقليمي لمفاوضاتها مع طالبان، أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه إسلام أباد في هذا الصدد ، بالنظر إلى علاقاتها الوثيقة مع قيادات طالبان وقدرتها التأثير على مواقفها. 
كما أن هذا الدور الحيوي لباكستان في الأزمة الأفغانية،لا يقتصر - كما يرى مراقبون – على المساعدة في إنجاح المفاوضات الأمريكية الحالية مع طالبان، ولكن أيضا في مرحلة ما بعد التوصل لاتفاق سلام بين واشنطن وطالبان، والترتيبات السياسية والأمنية لإحلال السلام وتقاسم السلطة في أفغانستان، وهي مرحلة ربما تكون أكثر تعقيدا وصعوبة من مرحلة المفاوضات الحالية وتحتاج إلى دعم كل الأطراف الإقليمية المعنية بالملف الأفغاني وفي مقدمتها باكستان.
و في ضوء ذلك فقد زار زلماي خليل زاد المبعوث الأمريكي إلى أفغانستان ورئيس الوفد الأمريكي المفاوض مع طالبان، باكستان أكثر من مرة خلال الشهور الماضية والتقى مع كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين الباكستانيين بهدف حثهم على المساعدة في إنجاح المفاوضات مع طالبان.
وعلى مدى عقود كانت العلاقات الأمريكية - الباكستانية علاقات استراتيجية، وشكل التعاون العسكري والأمني بين البلدين حجر الزاوية في تلك العلاقات..فالولايات المتحدة حليف أساسي لباكستان، التي تتمتع بموقع خاص كشريك غيرعضو في حلف شمالي الأطلسي.
إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعا لافتا في قوة هذه العلاقات، مع تزايد الشكوك وأزمة الثقة المتبادلة بينهما، لاسيما من جانب الولايات المتحدة التي باتت تمارس ضغوطا متزايدة على باكستان لدفعها للعب دور أكثر فاعلية في جهود الحرب على الإرهاب.
وتتركز الخلافات بين واشنطن وإسلام أباد على مجموعة من الملفات أولها دعم الجماعات المسلحة، حيث يقول المسؤولون الأمريكيون إن باكستان تدعم حركة طالبان وشبكة سراج الدين حقاني المتشددة التي تنفذ عمليات مسلحة ضد القوات الأمريكية وحلفائها في أفغانستان، حيث تتخذ قيادات هذه الجماعات من المناطق الحدودية وبعض المناطق في باكستان مراكز تدريب وقيادة لها، وهي الاتهامات التي ينفيها المسؤولون الباكستانيون جملة وتفصيلا.
أما الملف الثاني الذي يشكل أحد أسباب التوتر بين البلدين، فهو التقارب الأمريكي مع الهند التي تعد الخصم اللدود لباكستان، حيث أصبحت الهند في السنوات الأخيرة حليفا كبيرا للولايات المتحدة التي تراهن على الدعم الهندي في استراتيجيتها لمواجهة نفوذ الصين وروسيا في آسيا..فالهند بقدراتها العسكرية والبشرية قادرة على دعم واشنطن في التصدي لمحور الصين وروسيا في القارة الأسيوية ، في حين تحظى باكستان بعلاقات قوية مع الصين.
وقد ألقى هذا التقارب الأمريكي الهندي بظلاله السلبية على العلاقات بين أمريكا وباكستان التي شهدت مزيدا من التباعد، حيث سعت الحكومة الباكستانية في مواجهة ذلك إلى تنويع تحالفاتها وعلاقاتها الخارجية، سواء مع الصين أو روسيا أو إيران ، بهدف تخفيف الضغوط الأمريكية عليها، لكن دون أن يصل الأمر إلى حد القطيعة مع واشنطن، إذ يدرك الطرفان الأمريكي و الباكستاني أنه ورغم التوترات والأزمات والفتور الراهن في العلاقات بينهما، فإن أحدهما لايزال بحاجة إلى الآخر.