الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كيف تدير مديرك؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تعد الإدارة ذات المفهوم والمصطلح الجامد الذي يرتكز على وجود موظفين يؤدون مهاما محدودة ومدير إدارة يأمر وينهي.. بل أصبحت الإدارة اليوم علما قائما بذاته لا يعني تنظيم العلاقة بين أطراف العمل فقط، بل يعمل على توازن تلك العلاقة بهدف تطوير الأداء والارتقاء بمستوى العمل. 
وتعد العلاقة بين الموظف والمدير من أهم العلاقات في مجتمعاتنا العربية، فكل مدير لن يستطيع إنجاز ما يمكن إنجازه إلا من خلال موظفيه، وكل موظف لن ينجز مهامه ما لم توكل إليه من إدارته، وتكون هذه المهام التي تربُط الطرفين أعمالا في دوائر حكومية تخص مواطنين أو في شركات أو مؤسسات أو غيرها تخص عامة أفراد المجتمع، فإذا لم تكن مثل هذه العلاقة مستقرة، فالكل خاسر، فالموظف لن ينجز عملا والمدير لن يُحقق نتيجة، وسيخسر المجتمع الكثير والكثير نتيجة توتر تلك العلاقة الوظيفية.
ويصور البعض العلاقة بين الموظف والمدير وكأنها حرب طاحنة تكون مستعرة تارة وتكون باردة تارة أخرى، وأن المدير هو الطرف الغالب في تلك المعركة والأمر على غير ذلك فهي علاقة لابد وأن تكون متكاملة ومتوازنة، وعلى الجانب الآخر فليعلم الموظف أو المرءوس بأنه ليس من عمله أو مهامه إصلاح رئيسه وإعادة تثقيفه وجعله مواكبا لما تنادي به كتب الإدارة حول ما يجب أن يقوم به أو يكون عليه، فهذه مسئولية الإدارة العليا للمنظمة، وعمل المرءوس الأساسي هو مساعدة ومساندة ودعم رئيسه المباشر حتى يقوم بإنجاز المهام الموكولة إليه وتحقيق الأهداف والنتائج المطلوبة منه.
وحتى يستطيع المرءوس أن يدير تلك العلاقة بالشكل الأمثل نتعرض للأنماط القيادية المختلفة وكيفية إدارة العلاقة الوظيفية مع كل نمط من تلك الأنماط حتى نصل إلى حالة من التوافق ونقطة يستطيع من خلالها المرءوس وكأنه هو من يدير مديره، ففي دراسة شملت 100 من المديرين التنفيذيين في إحدى الدول النامية خلصت إلى وجود خمسة أنماط من المديرين يختلف كل منهم عن الآخر في صفاته الشخصية وسماته القيادية وطريقته في صنع واتخاذ القرارات، لذا تختلف طريقة التعامل والتكامل بين الموظف والمدير أو بين الرئيس والمرءوس، ونعرض تلك الأنماط بشكل مختصر وبشيء من التبسيط.
المدير الزعيم
يتصف المدير الزعيم بالحماسة والمبادرة وروح المخاطرة ولديه شعور عالٍ بالمسئولية كما أنه متحدث بارع، ينجذب المدير الزعيم إلى الأفكار الجديدة وقادر على استيعاب كم هائل من المعلومات بصورة سريعة مع عدم إغفال التفاصيل الدقيقة ويتخذ القرار النهائي بشكل متأنٍ اعتمادا على معلومات موضوعية وليس بناءً على المشاعر أو الاعتبارات الشخصية، وتعد الطريقة المثلى لإدارة ذلك النمط الإداري تكون بتركيز المناقشات على النتائج، مع استخدام جميع الوسائل التوضيحية في التعامل وعرض الأفكار وتسيير الجوانب العملية، كن مباشرا وسريعا في عرض فكرتك لتربط المقدمات بالنتائج، وتوخي الدقة والأمانة في توضيح ما بفكرتك من مخاطر فسوف يكتشف هذه المخاطر سريعا بمفرده.
المدير المفكر
المدير المفكر يحترم الحوار القائم المدعم بالبيانات والمعلومات فهو أصعب المديرين لكي تفهمه وبالتالي لكي تقنعه، فهو ذو ذكاء حاد ومنطقية كبيرة، لا يهوى المخاطرة ولديه قدرة تفاوضية عالية ويتخذ قراراته دون تسرع، وتعد طريقة التعامل المثلى مع المدير المفكر بأن تجعل المناقشات أقرب إلى الإطار الأكاديمي بتوفير كم كبير من البيانات والأرقام والمعلومات بما فيها البحوث والدراسات فهو في حاجة إلى فهم كل جوانب الموقف.
المدير المسيطر
المدير المسيطر يمقت عدم الوضوح ويكره التشكيك ويركز دائما على الحقائق المجردة ولديه قدرة عالية على التحليل والتدقيق، فهو شخص منطقي ولا يأبه المشاعر لذا فاجعل مناقشاتك معه مرتبة ومنظمة وبها كثير من المصداقية، لا تعرض أفكارك بحماسة مبالغ فيها، فقط تقدم بالبيانات المناسبة وسوف يقوم هو بأقناع نفسه بنفسه.
المدير المتشكك
المدير المتشكك لا يثق بسهولة فيمن حوله أو في مصداقية البيانات المقدمة إليه وغالبا ما يهدم الأفكار المعروضة عليه خصوصا إذا كانت تخالف وجهة نظره، المدير المتشكك لديه شخصية قوية للغاية ويتسم بالسرعة في اتخاذ القرار، للتعامل مع ذلك النمط القيادي افعل أقصى ما تستطيع ليقتنع بمصداقيتك وإلا فلا بد أن تستعين بدعم الآخرين الذين يثق فيهم وفى مصداقيتهم، ولا تحاول التشكيك فيما لديه من معلومات حتى ولو كانت خاطئة خصوصا أمام الآخرين.
المدير المتابع
يتسم المدير التابع بالنمطية ولا يميل الى المخاطرة والإبداع وغالبا ما يتردد في اتخاذ القرار بل ويأخذ قراراته بناء على تجاربه السابقة وتجارب الآخرين، فهو دائم استشارة أقرانه من المديرين الذين يثق فيهم، للأسف الشديد هذا هو النمط السائد في مراكز اتخاذ القرار بالمناصب الهامة في الدوائر الحكومية بالوزارات والهيئات والمؤسسات الكبرى، وللتعامل مع المدير التابع اجعل المناقشات تدور حول الطرق والأساليب التي استخدمت في الماضي وحققت نجاحات فهو في غاية الحرص على اتخاذ القرار الصحيح خاصة إذا كان الآخرون نجحوا في اتخاذ مبادرات وقرارات مثيلة لمشاكل مشابهة واجهت غيره.
وللتدليل على الفهم الخاطئ لطبيعة العلاقة الحاكمة بين المرءوس والرئيس وما يترتب عليه من عواقب وخيمة نسوق تلك الرواية والتي تستند على قاعدة ذهبية تقول ((لا تشرق أكثر من رئيسك)) فقد كان الحكام والسلاطين في سابق العهد وسالف الأزمان ترتكن إلى تلك القاعدة، وتعود وقائع الرواية إلى عهد الملك لويس الرابع عشر إذ إن فوكيه وزير ماليته كان يحظى بحب الملك الذى كان يعيش حياة الإسراف والبذخ ويهوى النساء وإقامة الحفلات من خزانة الدولة فلما توفى رئيس وزارته آمل فوكيه في أن يحل محله ويحظى بمكانته إلا أن الملك ألغى المنصب مخافة أن يدانيه في ملكه أو يزاحمه في سلطانه فثارت حفيظة فوكيه وظن أن حظوته لدى الملك تلاشت ففكر في إقامة حفل أسطوري على شرف الملك يحضرها بمناسبة افتتاح القصر الريفي الخاص بالوزير فوكيه، كانت الحفل أسطوريا بكل ما تحمله الكلمة من معان واصطحب فوكيه الملك في نزهة بأرجاء القصر وحدائقه ودون أن يدرى فوكيه فقد تجلى ساعتها للملك لويس أن فوكيه قد سطع أكثر مما يجب وعلا النجم ضوء الشمس فما إن جاء الصباح إلا وقبض على فوكيه وحوكم بتهمة الإسراف والبذخ ولبث في السجن السنوات الأخيرة من عمره، انتهت القصة لكن العبرة لم تنته فصارت سنة كثير من النظراء والمدراء بألا يعلو ضوءهم ضوء، ولا يدانيهم قمر.
وأخيرا وحتى تصل إلى إدارة ناجحة لعلاقتك الوظيفية بينك وبين مديرك إليك القواعد الذهبية السبعة لتعبر بها من خانة المرءوس التابع إلى مربع الموظف المبدع.
1. ثق بنفسك، فرؤية الشخص السلبية لنفسه سبب فشل الكثيرين في التعامل على المستوى الاجتماعي بشكل عام وعلى المستوى الوظيفي بشكل خاص، ومما يزيد تلك الثقة التعود على محاكاة المواقف الصعبة وكيفية التصرف فيها.
2. حافظ على مسافة مناسبة بينك وبين مديرك تحفظ بها مكانته وتحفظ لك كرامتك، فلا تتخذ منه صديقا مقربا ولكن دائما صغ العلاقة في إطار رئيس ومرءوس.
3. لا تظهر متطوعا براعة فكرية أو تفوق علمي في حضرته مع الاخرين خصوصا الأعلى منه منصبا.
4. حاول أن تخلف توقعاته في الشك والخطأ، فلا يصدق فيك شكه ولا تكثر من أخطائك بين يديه.
5. حاول أن تصدق توقعاته في المعلومة والرأي، واجعل هذه منطقة ابداعك بجاهزية المعلومة ودقتها وتفرد الرأي وحكمته، فكثيرا ما سوف يأخذ برأيك الصائب في كثير من المشاكل والصعاب التي تواجهه.
6. تجنب الإطراء الزائد في حضرته والانتقاد اللاذع في غيبته، فالأولى تجعل منك شخصا ممقوتا وإن بدا غير ذلك والثانية تجعل منك عدوا لدودا وإن أبديت غير ذلك.
7. استرشد في نجاحك بتجاربه الإيجابية وهذا يزيد الأواصر ويقوي الروابط بينكما بعيدا عن النفاق.
ختاما فلتكن إضافة لعملك لا أن يكون عملك إضافة لك، فهذا يجعل منك قيمة مضافة يسعى إليك الكثيرون من الأماكن وتفتح أمامك العديد من الفرص وتكون في كثير من الأحيان بمساعدة مديرك بناء على المكانة التي أعطيتها إياه وعلى الثقة التي وجدها فيك.