رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

خناقة على هامش الثورة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنا هناك، فى ذلك الاستديو الذى لو نطقت جدارنه لانكشف أمر من يتاجرون بالوطنية وانزوى هواة القفز من المراكب، وتوارى المنافقون خجلا مما اقترفت أياديهم.
امتد الاحتفال بالثورة على نظام الإخوان طوال اليوم، بدأنا من التاسعة صباح ٣٠ يونيو وانتهينا فى الثانية صباح اليوم التالي، قسمنا اليوم إلى فقرات تحدث من خلالها المتخصصون عن عام قضاه الإخوان فى الحكم، فكان أقرب إلى كشف حساب، وفى المساء قررنا أن يلتف كبار المذيعين فى القناة حول مائدة مستديرة ليتحاوروا ويتناقشوا على أن يمسك كل منهم بعلم مصر.
غلبت فرحة المذيعين الشكل التقليدى للبرامج، وغلبتنى كرئيس تحرير، وبعض من العواطف مسموح به إذا كانت المادة التليفزيونية تقدم فى إطار الاحتفالية.
حضر المذيعون قبل الموعد المحدد بساعات، وانتشر المراسلون فى القاهرة والمحافظات، المذيعون يتعجلون الظهور، والمراسلون يتزاحمون على ضربة البداية.
دخل كل المذيعين إلا واحدا، سألت عنه فقيل إنه فى غرفته ويرفض الظهور، علمت أنه موجوع برحيل الإخوان وإن حاول إخفاء وجعه، ذهبت إليه وطلبت منه التوجه للبلاتوه لضبط الإضاءة، وأعطيته علم مصر ليمسك به أسوة بزملائه، وإذ به يطلب إعفاءه من المشاركة، وأمام إصرارى تراجع لكنه رفض الظهور بالعلم، ثم تراجع أمام نفس الإصرار.
كان هذا المذيع مراسلا لإدارة القناة من خيرت الشاطر، وظل طوال العام الذى حكم فيه الإخوان مصر مدللا من البعض، ماديا ومعنويا، وبين ليلة وضحاها وجد نفسه عاريا من الغطاء الإخوانى الذى حوله من ضيف يتردد على بعض البرامج إلى مذيع يتقاضى مئات الآلاف شهريا.
بدأ البث وظهر المذيعون ليفضحوا بابتسامتهم وفرحتهم رجل الإخوان الذى لم يستطع إخفاء حزنه، فإذا تحدثوا صمت، وإذا تحدث تلعثم، حتى رفع العلم الصغير، ولم تعد يده قادرة على رفعه.
هذيان رجل خيرت الشاطر على الهواء لم يكن مفاجأة لأحد، فقد توقعه الجميع، بل إن البعض اندهش من تراجعه وموافقته على الاحتفال بثورة أزاحت الإخوان.
ودون الدخول فى تفاصيل..رحل الرجل من القناة حزينا غير محزون عليه، وهنا أيقنا أنه سيعود إلى التدريس فى الجامعة ويترك مجال تقديم البرامج الذى اقتحمه دون امتلاك لأدواته، لكنه فاجأ الجميع بالظهور فى قنوات أخرى كضيف مثلما بدأ، ومن ضيف إلى مذيع، لما لا؟ وقد قفز من مركب الإخوان معلنا الحرب عليهم، متنصلا من علاقته الوطيدة بهم، يشيد بثورة يونيو، وتحولت إشاداته بالإخوان إلى ذم، والجميع يعلم أن الإخوان لو عادوا سيعود، ولو عاد مبارك الذى سبق ومدحه لعاد معه.
كثيرون هم أمثال رجل خيرت الشاطر، الذين تاجروا بثورات الشعب، عندما جعلوا الشهرة هدفهم، والمال غايتهم.
ست سنوات مرت على ثورة يونيو، وفى كل ذكرى لها يكون القاسم المشترك بين الغالبية هو إزاحة هذه النماذج من المتلونين الآكلين على كل الموائد.
لقد التف الشعب حول الرئيس السيسي، ولتقديره له وثقته فيه تحمل نتائج الإصلاح الاقتصادي، وتفهم أن الصبر مع الرئيس يعقبه انفراجة، وأن ما تم إنجازه دليل على أننا فى الطريق الصحيح، لكن الذين التفوا وصبروا وشاهدوا الإنجازات ينتظرون الإنجاز الأكبر والمتمثل فى الإطاحة بالمتلونين والمنافقين؛ لأنهم أشد خطرا على مصر من الإرهاب.