الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

محمود صلاح يكتب: سفاح مصر لص لديه هوس جنسي.. يتهم محاميه بخيانته مع زوجته

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تكن الإسكندرية فقط، بل القاهرة ومصر كلها، التى أصيبت فى تلك الأيام بما يمكن أن يقال عنه.. «جنون السفاح»!
ربما لم يكن محمود أمين سليمان لصًا عاديًا، وربما كان لصًا خطيرًا ذكيًا، لكن الظروف وخيانة الأحباء والأصدقاء، هى التى حولته إلى مجرم خطير يبحث عن الانتقام.
أما الصحافة فهى التى ـ بالتأكيد ـ أشعلت نار حمى المطاردة والاهتمام. والصحافة أيضًا هى التى أطلقت عليه اللقب الذى لازمه حتى النهاية.. لقب السفاح!



فى الوقت الذى كان رجال مباحث الإسكندرية لا ينامون بحثًا عن السفاح الهارب محمود أمين سليمان، والذى بعث لهم مع سائق تاكسى رسالة قال فيها إنه لن يهدأ قبل أن يقتل زوجته نوال ومحاميه بدر الدين لاعتقاده بوجود علاقة عاطفية بينهما.
فى نفس الوقت أسرع الصحفيون إلى بيت المحامى بدرالدين أيوب، الذى قال لهم كيف تعرف على السفاح، وكيف اعترف له بأنه لص منذ سنوات طويلة، وأنه تعب من كونه خارجًا على القانون، وسأله ماذا يفعل فى حياته؟
وأكمل المحامى القصة، قائلًا: 
طلب منى محمود أمين سليمان إرشادى إلى طريقة لكسب العيش الحلال، وأفهمنى أن معه ثروة جمعها من السرقة، فنصحته بطرق باب التجارة، وفعلًا نفذ نصيحتى، وافتتح محلًا للبقالة سنة ١٩٥٩ فى شارع صبرى أبوعلم فى حى عابدين بالقاهرة، وأسماه باسم ابنته إيمان. 
وانقطعت صلتى به حوالى ثلاثة شهور، ثم فوجئت به يزورنى فى مكتبى فى الإسكندرية، وكان وجهه ينطق بالفرح، وقال لى إن مشروعه التجارى فى نجاح مستمر، وأن مبيعاته اليومية تصل إلى ٢٥ جنيهًا، يخصه منها ربحًا صافيًا خمسة جنيهات. 
وفى اليوم التالى جاء إلى مكتبى لكنه كان متجهم الوجه، وأبلغنى أنه قرر قتل زوجته نوال وشقيقه أحمد معها، وفى غرفة أخرى ضبط والدته مع بائع لبن، وفى غرفة ثالثة ضبط والده مع ابنته إيمان!
وقال لى محمود إن له أخًا غير شقيق اسمه محمد أكبر منه سنًا، كان قد حاول اغتصابه وهو طفل، فاعتقدت أنه مصاب بجنون الجنس، ونصحته بعرض نفسه على أحد أطباء النفس
كما قال لى بعد أيام فى اتصال تليفونى إنه مصمم على قتل شقيقته غادة. وإنه فاجأها مع ابن خالها كامل جودت الذى حضر من بيروت، وكان الاثنان نيامًا فى سرير واحد. ونصحته بأن يهتم بتجارته ويقطع علاقته مع أسرته.

ومضى المحامى بدرالدين أيوب يكمل حكايته مع السفاح، قائلًا: وعمل محمود بنصيحتى وبعد أسبوع اتصل بى من القاهرة، وقال لى إنه سيقتل ابن عمه محمد سليمان الذى كان يعمل مخبرًا بمحافظة القاهرة وفصل من عمله، فعينه مديرًا لمحل البقالة، لكنه ضبطه متلبسًا باختلاس إيراد يوم من المحل، لكنى نصحته بأن يكتفى بطرده.
وكان محمود أمين سليمان عندما يحضر إلى مكتبى يرى السيدات اللاتى لهن قضايا شرعية فى مكتبى، وكان يلاحظ الصلة القوية التى تربطهن بى. فذهب خياله بعيدًا، وتصور وجود علاقة بينى وبين زوجته، ولم أكتشف ذلك إلا عندما حضر إلى الإسكندرية بعد شهور، واتصل تليفونيًا بى. وقال لى إنه فى أزمة شديدة ويريد مقابلتى فورًا.
وذهبت لمقابلته فى حديقة الترياتون الصغير..
وكان معى صديق العمر المهندس محمود أمين، الذى كان السفاح يعرفه بحكم تردده على المكتب 
وبدأ محمود أمين سليمان حديثه معنا قائلًا: سأطلق زوجتى نوال!
وقلت له: لكنى ألاحظ أنكما تحبان بعضكما، ولا يوجد أى مبرر للطلاق.
رد قائلًا: إنها تخوننى!
ودهشت كثيرًا..
لأننى كنت أعلم أن نوال تحب محمود حب العبادة، فقد كان ينفق عليها ببذخ، وجعلها تعيش كأميرة، عكس المعيشة التى كانت تعيشها مع أسرتها الفقيرة للغاية، وكان يدفع ٤٠ جنيهًا للكوافير واستبعدت أن تكون خانته لضعفه جنسيًا، لأننى أعلم أنه يتعاطى الأفيون والحشيش.
وقلت له: لا أعتقد أن نوال تخونك.
قال محمود أمين سليمان: أنا متأكد.. لأنها اعترفت لى ولأنى تأكدت أنها لا تمانع فى تقديم جسدها لأى مخلوق.. وحدث ذات مرة أن قفزت إلى حجرتها من النافذة وتظاهرت بأننى لص. ووضعت يدى على فمها، فقالت لى «خذ أى شىء واتركنى، ثم سلمت نفسها لى».
سألته من هو شريك زوجتك فى الخيانة إذن؟
فوجئت به يرد قائلًا: مركزه أكبر منى..
وهنا ضحكت..
فسألنى محمود أمين سليمان: لماذا تضحك؟!
قلت له: ولا حاجة!
وكنت فى الحقيقة أضحك لأنه فى نظرى أن مركز أقل الناس أكبر من مركز اللص، ولم أشأ أن أقول له ما دار فى خاطرى حتى لا أحرجه.
وفوجئت به يقول: سعادتك!
ثم التفت إلى صديقى المهندس..
وقال: وكمان الاستاذ محمود.. ومراتى قالت كده!
وفى ثورة طلبت منه أن يواجهنى بزوجته.. 
وقلت له: يا محمود مش معقول إنى أخون.. إننى لم أكن يومًا خائنًا لزوجتى، وليس من المعقول أن أخونك.. وزوجتك لا تثيرنى، وإن كانت قد تمنتنى يكون ذلك دون أن أشعر بها 
واتفقنا أن تتم المواجهة فى بيت أخته علية بالإبراهيمية.

وفى اليوم التالى..
ذهبنا إلى منزل أخته واختبأ محمود داخل الدولاب وحضرت نوال 
وما إن شاهدتنى حتى اصفر لونها، ومدت يدها لتصافحنى لكنى تجاهلتها.
وقلت لها: يا نوال أنت تعرفينى من قد إيه؟
قالت: من حوالى سنة.
- قلت لها: وهل خلال هذه السنة رأيت منى خروجًا على المألوف فى العلاقة بينى وبينك؟
قالت نوال: أنت كنت فوق الكمال!
سألتها: لماذا قلت لزوجك إننى على علاقة بك!
قالت: ضربنى وعذبنى.. وكان لازم أقول أى حاجة!
فأسرعت أخلع حذائى وضربتها به على وجهها، وبصقت عليها 
- وقلت لها: الساقطة التى تدور على الكورنيش بحثًا عن الصيد اشرف منك مائة مرة!
وانهمرت الدموع من عينيها 
وفى تلك اللحظة خرج محمود من الدولاب وانهال عليها بالضرب.
- ومن يومها قطعت صلتى بمحمود أمين سليمان، حتى فوجئت به عندما قبض عليه فى القاهرة، يتهمنى بأننى شريك له فى سرقاته لكن ثبت كذبه.

فى صباح اليوم التالى 
قالت الصحف الصادرة فى الصباح أن محمود أمين سليمان سفاح الإسكندرية لم يعد معه سوى ثلاث رصاصات، هى كل ثروته، ويريد أن تصيب كل رصاصة هدفها. 
الرصاصة الثانية لقتل غريمه المحامى بدرالدين أيوب، والرصاصة الثالثة لينتحر بها!
وقالت هذه الصحف: إن نشاط السفاح توقف منذ ٩٦ ساعة، ولم يرتكب أية جريمة، وتردد أنه ترك الإسكندرية، ويقول رجال المباحث إنه أفلس ونفدت نقوده!
ولكن المفاجأة حملتها صحف اليوم التالى التى ظهرت، وهى تحمل مانشيت مثير يقول: «ظهور زوجة ثانية للسفاح». 
وقالت الصحف إنه ظهرت زوجة ثانية لمحمود أمين اسمها «بيلا» كان قد تزوجها على أنه مليونير، ودفع لها المهر ٥٠٠ جنيه بشيك بدون رصيد، وهربت منه فى اليوم الرابع للزفاف!
ثم بدأ يحدث شىء طريف فى الإسكندرية 
فقد أخذ رجال المباحث يلقون القبض على كل شخص تتشابه ملامحه مع ملامح محمود أمين سليمان، ويظل مقبوضًا عليه لساعات، حتى يثبت شخصيته!
وفى نفس الوقت بدأت موجة السينما إلى المحامى بدرالدين أيوب وطلبوا منه كتابة قصة السفاح لتحويلها إلى فيلم سينمائى!
وروت: «بيلا الزوجة الثانية لمحمود أمين واسمها الحقيقى حميدة أحمد حكاية زواجه منها»، قائلة: «كنت متزوجة من تاجر فى القاهرة وعشت معه ٧ سنوات، لم أنجب خلالها أطفالًا، وكان زوجى صعيديًا وطلقنى وتزوج من أخرى، وحدث أن كلفت محاميًا بمباشرة القضايا التى رفعتها ضد مطلقى، وكان هذا المحامى يقيم فى حجرة بشقة بميدان التحرير، أما بقية الحجرات فقد كان يسكنها محمود أمين سليمان، الذى لم يثر أى شىء فى نفسى، وكان يتظاهر أمامى بالرقة والظرف وأنه ابن ناس، ولم أسأل عنه أو عن سر وجوده بالمكتب. وفى أحد الأيام حضر المحامى إلى بيتى، وهمس لى بأن عنده عريس ممتاز لى، شاهدنى وأعجب بى ويريد الزواج منى، وعندما سالته عن هذا العريس قال إنه صديقه محمود أمين سليمان، وقال لى أنه يعمل مقاولًا، ويكسب ألف جنيه فى الشهر.
واعتقدت أن السماء ابتسمت لى، فها أنا سوف أصبح زوجة رجل مليونير، لكنى طلبت من المحامى أن يمنحنى مهلة عشرة أيام للتفكير، وبعدها أعلنت موافقتى واتفق محمود على أن يدفع لى مهرًا خمسمائة جنيه، وحدد موعد القرآن بعد يومين.
واجتمع أفراد أهلى فى الموعد 
وجاء المأذون ثم حضر محمود وتم عقد القرآن، وعندما سألت عن المهر أعطانى شيكًا بالمبلغ، اكتشفت فى الصباحية أنه بدون رصيد، لكنه اعتذر لى ووعدنى بأنه سوف يدفع لى المبلغ بعد أن تنتهى الأزمة المالية التى يمر بها.
وفى اليوم التالى للزواج دعانى للذهاب معه إلى السينما، وطلب منى أن أمر عليه فى المكتب، وقبل أن أدخل عليه سمعت بعض زبائن المحامى يتهامسون عن زوجى، وكدت أصعق، فقد سمعت أحدهم يقول إنه لص وإنه الذى سرق فيلا أم كلثوم. 
وانتظرت حتى عدنا إلى المنزل وأبلغته بما سمعته عنه 
فقال لى: أبدًا.. دول نسايبى القدام وبيكيدوا لى!
لكن فى اليوم التالى حضر شقيقه الأصغر أحمد، ولم يكن زوجى موجودًا، فاستدرجته فى الحديث، وفوجئت به يقول لى إن زوجى متزوج من أخرى اسمها نوال منذ أسبوع فقط. 
ولم أصدقه لأول وهلة 
وسألته عن عنوان نوال هذه، فعرض على أن يصطحبنى إليها، وبالفعل اسرعت بارتداء ملابسى وذهبت معه إلى نوال. 
وسألتها: محمود حقيقى يبقى جوزك؟
قالت لى: أيوه يا أختى.. ده إحنا عرسان بقى لنا أسبوع. 
وصعقت ولاحظت نوال دهشتى. 
فسألتنى: وإنت مين؟
وقلت لها والدموع فى عينى: عروسته منذ ثلاثة أيام بس. وأسرعت بالنزول وذهبت إلى بيت أهلى، ورفضت أن أعود إليه، وطلبت منه أن يطلقنى، فأقام ضدى دعوى يطلبنى فيها إلى بيت الطاعة، ما اضطرنى إلى أن أقيم ضده دعوى أخرى أطالبه فيها بالطلاق والنفقة.
■ ■ ■
ويبدو أن قصة «بيلا» الزوجة الثانية لمحمود أمين سليمان بعد أن نشرت فى الجرائد قد جعلت زوجته الأولى «نوال» تنفتح شهيتها لإعادة الحديث مرة أخرى عن زواجهما، بعد أن روت تجاربها السابقة فى الزواج قبله، وقالت ذات يوم: طرقت باب البيت إحدى قريباتى، وجلست وعلى فمها ابتسامة عريضة، ثم فجأة أطلقت زغرودة، ثم وضعت يدها فى صدرها وأخرجت صورة صغيرة.
سألتها: إيه ده؟
قالت: عريس!
سألتها عريس إيه؟
قالت لى: اسمه محمود أمين سليمان.
سألتها: بيشتغل إيه؟
قالت: راجل قد الدنيا.. صاحب دار للنشر والطباعة فى ميدان التحرير فى إسكندرية. وعنده عربية فخمة.
سألتها: وعرفنى إزاى؟
- قالت لى: شاف صورتك اتجنن، اتعلق بيك وقال لازم أتجوزها.. ده رجل تاجر كبير.. ربنا يتمم بخير!
وحضر محمود لزيارتنا 
ونزل أمام البيت بسيارة فخمة، واعترف أنه أعجبنى من أول لحظة، شاب أنيق شخصيته جذابة ومؤدب للغاية 
وتصورت السعادة التى جاءت لى بعد شقاء ونظرت إلى وجهه النحيل، وأعجبتنى ثقته فى نفسه، وهو يحدد موعد القرآن من أول جلسة معنا. وانصرف محمود بعد أن ودعه أهلى بالتكريم اللائق 
انصرف.. وأخذ قلبى معه!
وفى اليوم التالى جاء..
وهو يرتدى بذلة أنيقة.. ودعانى للنزهة، فخرجت معه ومعنا زوج أختى. وقال محمود إن سيارته تعطلت، وهى تحت التصليح الآن وركبنا تاكسى وذهبنا إلى التريانون.
وفى طريق الكورنيش..
وأنا جالسة فى التاكسى سرحت مع خيالاتى التى أخذت ترسم لى حياة المستقبل الجميل السعيد مع محمود.
وقضينا ساعة فى التريانون 
وتحدثنا فى أشياء كثيرة، وسحرنى حديثه، وتمنيت لو أنه يظل يتكلم إلى الأبد!
وغادرنا المكان بعد أن ترك محمود بقشيشًا كبيرًا أصابنى بالذهول!
وتأكدت من أنه يحبنى..
وتعجلت يوم زواجنا 
ومضت نوال تكمل حكايتها قائلة: 
«وعشت فى حلم جميل تمنيت إلا أفيق منه.. كان محمود يأتى لزيارتى كل يوم 
ومعه الهدايا! 
وجاء يوم عقد القران..
كانت فرحتى لا تسعها الدنيا.. ووزعنا بطاقات دعوة حفل الزواج على الأقارب والأصدقاء.
وامتلأ البيت بالأضواء والزغاريد..
وامتلأ الشارع كله بالزينات..
وارتديت فستان العروس وجلست أتلقى التهانى والقبلات. وأخذ الوقت يمر ببطء..
وتأخر محمود ولم يظهر..
وفجأة.. امتلأ المكان برجال الشرطة!