الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الأب ألبير نعوم يكتب: هل تنتظر الرحمةُ من يستحقّها؟

الأب ألبير نعوم
الأب ألبير نعوم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تأملتُ كثيرًا هذه الأيام في الباخرة التي حملت اسم البابا فرنسيس وهي تتّجه إلى الامازون لتزوّد، بمساعدة طبية وبكلام الإنجيل، أكثر من 700 ألف إنسان يصعب عليهم الوصول إلى المستشفيات في المدن بسبب تواجدهم على الأطراف، فتصل المستشفى لتساعدهم من موقعها النهري. فلم تغدو الباخرة مجرّد مستشفى بل كنيسة توصل المسيح إلى من لم يستطع أن يسمع نداءه "تعالوا إليّ جميعًا أيها المرهقون المثقلون، وأنا أريحكم" (متى 11/28).
لمثل هذا الحدث أبعاد واسعة تستحق التفكير والتأمّل من المؤمنين وحتّى غير المؤمنين، لأنّه يعبّر عن الكنيسة التي يريدها المسيح في عالمنا المعاصر: إنها كنيسة تمشي على نهر متحرك، تخاطر بحياتها وسط هيجان العالم وشروره المرعبة، في سبيل أن توصل الرحمة للإنسان، لأنّها تحبّ هذا الإنسان وتجد المسيح فيه وفي الطريق إليه. وهي تثق ثقةً كبيرة أنه كما أخرس المسيح الأمواج التي لطمت السفينة ليواصل تلاميذه إلى ضفة الخلاص، هكذا يعين كنيسته اليوم (راجع متى 8/23-27).
والأهمّ من كلّ ما سبق، تذهب الباخرة إلى تلك الضفاف، حيث ستعالج الكنيسة آلاف الناس وهي لا تفكّر من يستحقّ هذه الرحمة التي حملتها معها بعناء. فبالنسبة للكنيسة ليس مهمًّا أن تفكّر بمن يستحقّ ومن لا يستحقّ رحمة الله، بل ليس من شأنها أن تفكّر بذلك. فهي تبقى مجرّد واسطة، وهذا مصدر فخرها الوحيد، تنقل رحمة الله وخلاصه لمن يحتاجها.
إنه مفعول الثقة في الكنيسة: الثقة بالمسيح الذي أسسها، والثقة بالناس على أساس الثقة الأولى بيسوع. من دون هذين النوعين من الثقة لن تصل الرسالة المسيحية ولن تحقق مبتغاها الأصيل. فمن يثق بيسوع دون أن يثق بمفعول رسالته بين الناس، غدا إيمانه مثاليًا لا يمسّ الواقع. ومن وثق بعمله بين الناس دون الثقة بالمسيح، لن يكون للإيمان مكانًا في قلبه. إنها الثقة المكلفة التي علّمنا إياها المسيح، إذ جعلته يستوعب نكران بطرس وخيانة يهوذا وكل خطايانا الأخرى.