رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

نحن نقص عليك| هود.. تجبّر قومه فدعاهم لعبادة الله

 القرآن الكريم
القرآن الكريم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يزخر القرآن الكريم بالقصص التى لم تكن مجرد عرض للتسلية وإنما ليزداد المؤمن ثباتًا على الحق وإصرارًا على مواجهة الباطل، من خلال إطلاعه على مواقف الأنبياء والمرسلين وقصصهم. وكان القصص القرآنى له النصيب الأكبر من قبل علماء المسلمين والباحثين والمفكرين، وخلال شهر رمضان المبارك نستعرض سيرة الرسل والأنبياء حتى تكون عبرة ونهجًا وصراطًا مستقيمًا نسير عليه.
«فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِى الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ، أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ، وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ»
مرت السنوات والأعوام بعد انتهاء عهد نوح، بعد نزوله وأتباعه من المؤمنين على جبل الجودي، عاشوا فترة من الزمن مؤمنين بالله وموحدين له، حتى تفرقوا فى الأرض وتوفى نوح عليه السلام، وتشعبت عنهم القبائل والشعوب، وكان من بين تلك القبائل قبيلة توجهت نحو الجنوب، وأقامت فى جنوب الجزيرة العربية بمنطقة الأحقاف، وأطلق على اسم القبيلة قبيلة «عاد».
فكانت القبيلة فى أيامها الأولى على الإيمان بالله وتوحيده، ذلك لأنهم فى الأصل ذرية مؤمنة من المؤمنين الذين ورثوا عن نوح عليه السلام الايمان ومشوا على طريقه مخلصين، وكانت هذه الجماعات المؤمنة تعيش فى سعادة وهناء تشيد البنايات وتحيا بخير وأمان.
ولا ندرى إلى متى استمر القوم على إيمانهم ولا متى استحوذت على قلوبهم الشياطين؟ ودفعهم إلى الشرك، فأخذ الشيطان يوسوس لضعفاء هذه الجماعة ويقول لهم كذبًا: «يجب ألا تنسوا آباءكم الذين أنجاهم الله من الطوفان، لأنهم كانوا قومًا مؤمنين ويجب عليهم أن تخلدوهم وتمجدوهم وذلك بأن تقيموا لهم التماثيل وتقدموا لهم القرابين، حتى لا تكونوا خائنين لعهودهم».
وسمى قوم «عاد» بهذا الاسم لأن الحياة البشرية عادت بهم من جديد، حيث كان قبلهم الطوفان، الذى أهلك البشر على وجه الأرض، باستثناء المؤمنين «ركاب السفينة»، وكانوا يسكنون ما بين اليمن وعمان فى المنطقة التى تعرف بالأحقاف، ومنحهم الله قوة كبيرة، لم يمنحها لأى من القبائل الأخرى التى كانت حولهم، فكان قوم عاد لهم أجساد قوية وضخمة، وهو ما جعلهم يبنون القصور على رؤوس الجبال، وينشئون المصانع، ويتمتعون بالثروة الضخمة الكبيرة، وكانت أرضهم تتفجر بالينابيع والعيون وتزدهر بالزروع والأشجار.
ولكن قوم عاد لم يستخدموا تلك القوة التى منحها لهم الله عز وجل، فى طاعته والإحسان إلى عباده، ولكنهم استخدموها فى استعباد الآخرين وإيذائهم، فقد غرتهم قوتهم وثروتهم وضخامة أجسادهم، ودائمًا ما كان يقولون من أشد منا قوى، متناسين وغافلين عن قوة المولى سبحانه وتعالى، فأغواهم الشيطان واعمى قلوبهم فأطاعوه، وأقاموا الأصنام والتماثيل، ورفعوا الأوثان فى ديارهم وعبدوها من دون الله، ولم يكتف قوم عاد بالرجوع الى الوثنية فقط، بل ساروا وراء الفساد والطغيان، حتى انتشر بينهم الظلم وانقلبت حياتهم رأسًا على عقب.
وبعث الله إلى قوم «عاد» أخاهم «هود» عليه السلام نبيًا، حتى يردهم إلى طريق النور والإيمان، فقد اختار الله هود ليكون أمينًا على الدعوة نظرًا لقوة إيمانه وكان أكثر قومه حكمةً، وخلقًا، وأرجحهم عقلًا، وأكثرهم علمًا.
وبدأ هود فى دعوته لهم، بمخاطبتهم بغاية التقرب والتحبب، وذلك ليرق قلوبهم، ويفتحوا آذانهم، فكان حريصًا على تقديم الخير لهم ودفع عنهم الضرر، مستخدمًا كل أساليب الدعوة إلى الله، وربط لهم هود بين القيم الإيمانية والسنن الكونية وبَيَّن لهم أثر الإيمان بالله وطاعته واستغفاره، وترك معاصيه، والتوبة والعودة إلى الله.
كما استخدم هودً أيضًا أسلوب التحذير حيث أعلم قومه بأن الله سوف ينزل عليهم العذاب، إن لم يستجيبوا وأصروا على عنادهم وطغيانهم، وبالرغم من كل هذا لم تفلح دعوة هود مع قومه فراحوا يسخرون منه.