رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

"حزب الله" يتسول المساعدات ويفضح أكذوبة الصمود الإيراني.. بعد انهيار اقتصادها.. إيران تُغْلِق خزائنها في وجه ذراعها اللبناني

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأ حزب الله، ذراع إيران في لبنان ومعقل الميليشيات المدعومة من نظام الملالي في الشرق الأوسط، حملة جمع تبرعات بحثًا عن مصدر تمويل جديد؛ تزامنًا مع تهديدات جادة بجفاف منبع تمويله من نظام الملالي الذي يتعرض لعقوبات اقتصادية قاسية من الولايات المتحدة الأمريكية كافية بوقف إمداداته لميليشياته التابعة وأولها حزب الله.
وبعد ٣ أيام فقط من إعلان البيت الأبيض خطة تصفير صادرات النفط الإيراني، بدأ حزب الله، تثبيت صناديق تبرعات في شوارع لبنان وعلى أعمدة الكهرباء؛ حيث تسول حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، التبرعات من مُناصريه في خطاب له قال فيه: «أعلن اليوم الحاجة إلى المساندة والدعم الشعبي.. والتبرعات مطلوبة لدعم أنشطة الحزب»، وتحمل تلك الصناديق عبارة «لتجهيز المجاهدين وشراء الذخائر».


ترامب يفتح النار
وفتحت إدارة ترامب النار على نظام الخميني، وأذرعه الإرهابية المدعومة منه ماليًّا ولوجيستيًّا، وتعمل لتحقيق مطامعه في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان أن: «واشنطن تسعى لقطع تدفق المال الإيراني على حزب الله اللبناني».
وقالت الوزارة إن: « مداخيل حزب الله تصل إلى نحو مليار دولار سنويًّا تتأمن عبر الدعم المالي المباشر الذي تقدمه إيران، والمبادلات والاستثمارات الدولية، وعبر شبكة من المانحين ونشاطات مشبوهة لغسيل أموال».
وقد أوردت وزارة الخارجية أسماء أبرز الممولين المفترضين لحزب الله الذين تسعى «واشنطن» للحصول على معلومات عنهم، ومنهم «أدهم طباجة» و«محمد إبراهيم» و«علي يوسف شرارة»، والثلاثة حاليًّا على اللائحة الأمريكية السوداء للإرهابيين الدوليين.
وفي السياق ذاته شددت الخزانة الأمريكية على أن: «إيران تستخدم الإرهاب كأداة أساسية لتسيير الدولة، بينما حزب الله يحاول التخفي وراء قناع الدفاع عن لبنان»، مؤكدة أنها: «ستواصل الضغط على إيران ووسطائها في المنطقة».


مكافآت العدالة الأمريكية
ولمواجهة تدفق الأموال الإيرانية لحزب الله، رصدت إدارة ترامب، ١٠ ملايين دولار لكل من يدلي بمعلومات تعرقل التمويلات التي تتلقاها الميليشيات بزعامة حسن نصر الله.
وأعلنت كلٌّ من وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين، أن «المكافأة ستُدفع لمن يُدلي بمعلومات مثل أسماء المُتبرعين لحزب الله ومموليه أو سجلات بنكية أو إيصالات جمارك أو دليل على تعاملات عقارية».
وسيقدم المكافأة برنامج «مكافآت العدالة»، الذي يبادل بالنقود أي معلومة تؤدي إلى تحديد مواقع الإرهابيين المطلوبين، وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها البرنامج لاستهداف شبكة مالية، فمنذ بدايته عام ١٩٨٤، قدم برنامج «مكافآت العدالة» ما يزيد على ١٥٠ مليون دولار لأكثر من ١٠٠ شخص قدموا معلومات عن إرهابيين أو منعوا وقوع هجمات إرهابية.
وحزب الله، جماعة شيعيَّة مُسلحة، وحزب سياسي مقره في لبنان، أُسِّس في ١٩٨٢، يتبعه جناح عسكري هو مجلس الجهاد، وجناحه السياسي هو حزب «كتلة الوفاء للمقاومة» في البرلمان اللبناني، يترأسه حسن نصر الله في منصب الأمين العام منذ عام ١٩٩٢، بعد وفاة عباس الموسوي. وبخلاف الفرع اللبناني وهو الأقوى والأكثر حظًّا في الدعم الإيراني، فإن طهران سعت لخلق أذرع مشابهة لحزب الله في عددٍ من الدول، أبرزها دول الخليج مثل البحرين والعراق واليمن والكويت؛ إضافة إلى فروع في أمريكا اللاتينية ووسط وشرق آسيا وأفريقيا، مثل الأرجنتين ونيجيريا وفنزوريلا والبوسنة والهرسك وباكستان وأفغانستان. وتدعم إيران حزب الله بنحو ٧٠٠ مليون دولار سنويًّا، وفقًا لتقديرات وكالة بلومبرج؛ لكن الوكالة أشارت في تقرير الشهر الجاري، إلى أنه مع تطبيق الموجة الجديدة من العقوبات الأمريكية فإن قدرة طهران على الاستمرار بهذا النهج أصبحت تتضاءل تحت ضغط قرارات ترامب.


أكذُوبة الصمود والتاج المحطم
وفي تصريح لـ"البوابة"، قال أسامة الهتيمي، الباحث في الشأن الإيراني: إن العقوبات الأمريكية على إيران سيكون لها تأثيرها وانعكاسها السلبي على الدعم الإيراني المالي واللوجستي لأذرعها وميليشاتها في دول المنطقة؛ خاصة حزب الله اللبناني، الذي يُعد إحدى أقدم هذه الأذرع وأهمها حتى أن البعض يحلو له أن يسميه «درة التاج الإيراني».
وأضاف أن «حجم التمويل الإيراني للحزب كبيرٌ إذ ما تم النظر إلى تردي الأوضاع الاقتصادية ومعاناة الشعب الإيراني، الذي عاش لسنوات طويلة في ظل العقوبات الأمريكية والدولية، التي بدأت أولى موجاتها في السنوات الأولى من ثمانينيات القرن الميلادي الماضي».
أضاف الهتيمي، أن أثر العقوبات الأمريكية على إيران فيما يخص علاقتها بحزب الله اللبناني قد ظهرت بوادره حتى من قبل بدء تطبيق إلغاء الإعفاء؛ حيث اضطر الحزب إلى اتخاذ عددٍ من الإجراءات التقشفية التي تستهدف بالأساس تقليل النفقات، منها مثلًا تخفيض الرواتب للعاملين لدى الحزب والتشجيع على التقاعد، وإلغاء بعض المهمات والنشاطات ذات التكلفة المالية العالية؛ فضلًا عن دعوة الأمين العام للحزب حسن نصر إلى الجمعيات الخيرية بجمع تبرعات للحزب، التي وبحسب إحصائيات غير رسمية لن يتجاوز مردودها توفير نحو ٤٠٪ من احتياجات الحزب.
ومن المتوقع أن تزداد صرامة العقوبات الأمريكية على نظام الملالي، بما يجعلها أزمة أكثر تحديًّا في الداخل في ظل اضطرابات متقطعة لمدة ١٨ شهرًا؛ حيث تدهورت مستويات المعيشة مع انهيار العملة.
ويقول روبرت فورد، السفير السابق للولايات المتحدة في سوريا وهو الآن أستاذ بجامعة ييل: إن ترامب يعتقد «أن أوباما كان لينًا للغاية.. لا تتوقع ضغوطًا أمريكية أقل، توقع المزيد».
ويقول محللون: إن الإجراءات الأمريكية الأخيرة من غير المُرجح أن تُجبر إيران على تقليص أثرها في النزاعات الإقليمية على الفور؛ لكن الخطوات ستزيد من التحديات الهائلة التي تواجه حكام البلاد في الوقت الذي يسعون فيه إلى استقرار اقتصادي والحفاظ على دعم الحلفاء. من هنا كان قلق «حسن نصر الله».
وذكرت بلومبرج في تقرير نشرته ٢٥ أبريل تحت عنوان « صناديق التبرعات التابعة لحزب الله تُظهر أن عقوبات ترامب تؤذي إيران» أن العقوبات الأمريكية قلصت بالفعل عائدات إيران من النفط، وساعدت على انخفاض قيمة الريال بنسبة ٦٠٪ على مدار عام.


بحر من الركود
ويقول صندوق النقد الدولي: إن إيران تغرق في بحر عميق من الكساد والركود لها منذ عام ٢٠١٢، عندما بلغت العقوبات الأمريكية التي فرضها باراك أوباما ذروتها. فيما وصف ماثيو بك، كبير المحللين العالميين في شركة ستراتفور انتربرايزس الاستشارية ومقرها تكساس، مستوى «الألم» المالي الذي سيواجهونه مع هذا المستوى من العقوبات بأنه «لم يسبق له مثيل».
وأشار الهتيمي، إلى أن ميليشيات حزب الله لديها مصادر بديلة؛ حيث نجح إلى حدٍّ كبيرٍ في أن يتجاوز في أنشطته المالية حدود لبنان الجغرافية فأسس له شركات في أمريكا اللاتينية وأفريقيا والعديد من دول العالم لم يلتزم خلالها بأي معايير قيمية أو قانونية فاشتملت أنشطته المالية على غسيل أموال وتجارة مخدرات وسلاح وغير ذلك مما بدأ تتنبه إليه بعض الدول التي تمارس فيها هذه الأنشطة.
وتبرز ورقة الميليشيات الموالية لإيران كواحدة من أهم أوراق الضغط إذ لا تنحصر علاقة إيران بهذه الميليشيات في جانبها الاقتصادي أو السياسي فحسب؛ بل ثمة بعد أيدلوجي يربط بينها وبين إيران، ما يعني أن يلتزم قادتها بخط الولاء الفقيه الذي ينظرون إليه باعتباره نائبًا عن الإمام الغائب ولا يمكن مخالفته، بل وتقديم الغالي والنفيس من أجل تنفيذ أوامره.