رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

"داعش" يستغل انشغال الجيش بتحرير طرابلس لإعادة الانتشار في ليبيا.. حكومة الوفاق أعطت شرعية لميليشيات مسلحة كانت في السجون

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أطلق تنظيم «داعش» الإرهابي في مارس الماضي، تسجيلًا صوتيًّا مختصرًا مدته لا تتجاوز الدقيقة والنصف، دعا فيه أنصاره حول العالم إلى شنِّ هجمات واسعة ومتعددة ضد أهداف في الدول التي يقيمون بها؛ ما دفع أجهزة أمنية في دول سبق لعناصر التنظيم أن مرّوا منها أن تعيد تقييم عدة خطط أمنية؛ بهدف منع الدواعش من تنفيذ عمليات إرهابية.
لم يخص التسجيل الصوتي دولًا معينة، لكن الأنظار سرعان ما اتجهت إلى ليبيا خشية شنِّ هجمات إرهابية؛ استغلالًا لحالة الصراع السياسي، وازدادت الأمور تعقيدًا، مع إعلان المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، عن عملية «طوفان الكرامة» في الرابع من أبريل الحالي؛ لإعادة السيطرة على العاصمة طرابلس، وتحريرها من قبضة الجماعات المسيطرة عليها.
وفي بيان منسوب للتنظيم، أعلن «داعش» السيطرة على بلدة الفقهاء، التي تبعد نحو ٦٠٠ كيلومترًا إلى الجنوب الشرقي للعاصمة الليبية، طرابلس لعدة ساعات، زاعمًا عبر حساباته على «تليجرام» (١٠ أبريل الجاري) أنه شنَّ هجومًا على البلدة، وقتل عددًا من الأشخاص، وخطف آخرين في هذه العملية دون تقديم دلائل على هذه المزاعم. ونشر تليفزيون الأحرار الليبي في تقرير، أن ميليشيات يُعتقد أنها تنتمي لـ«داعش» هاجمت بلدة الفقهاء، وقتلت شخصين أحدهما رئيس مجلس المدينة، بما يؤكد أن التنظيم يستغل أزمة «الوفاق» والجيش الليبي ويحاول العودة إلى المشهد مجددًا.

بيت مال الإرهابيين
اتهم اللواء خيري التميمي، مدير مكتب قائد الجيش الوطني الليبي، حكومة الوفاق الليبية بأنها أعطت شرعية لميليشيات مسلحة مجرمة كانت في السجون، مؤكدًا أن هناك دولًا أخرى استغلت العبث المنتشر في ليبيا لضرب الأمن القومي، مضيفًا أن من مصالح بعض الدول التي تدعم الميليشيات وحكومة الوفاق الوطني التي يقودها فايز السراج أن «تبقى ليبيا بيت المال للحركات الإسلامية المتطرفة».
وقال في حوار تلفزيوني أجراه خلال زيارته إلى روسيا، الأربعاء ٢٤ أبريل، إن الجيش الوطني الليبي يخوض حربًا ضد التنظيمات الإرهابية منذ أكثر من ٥ سنوات، وتمكنت القوات المسلحة من تحرير مدينة بنغازي، والمناطق النفطية، ودرنة، وهي تسعى لتحرير المناطق الغربية.
وبيّن أن حكومة الوفاق المنبثقة عن اتفاق سياسي في نهاية العام ٢٠١٥، كانت تسيطر على غرب ليبيا، لكنها فشلت في إعادة الأمن والاستقرار في مناطق سيطرتها، وجعلت طرابلس رهينة لميليشيات متطرفة من القاعدة وجماعة الإخوان.
وأضاف «التميمي» للقناة الروسية، أن كل يوم يشهد التحاق وحدات عسكرية جديدة بالقوات التي يقودها المشير «حفتر» لتحرير العاصمة طرابلس، وأن قوات الجيش تُجري اتصالات بمدينة الزاوية المجاورة للعاصمة لدخولها دون قتال، مؤكدًا أن عملية تحرير العاصمة من الإرهاب تَحظى بدعم دولي، لاسيما أن المشير درس جيدًا الخيار العسكري قبل بدء معركة طرابلس.
بالموازاة، ظهرت أعلام التنظيم معلقة على أحد الجسور فى العاصمة، إذ تواردت أنباء من داخل «طرابلس» عودة بعض عناصر «داعش» وتدفقهم منذ الإعلان عن معركة طرابلس فى تأييد سافر، وصمت مستمر من حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، إذ زعمت الحكومة أنها ألقت القبض على أحد عناصر التنظيم في منطقة «تاجوراء»؛ في محاولة لغسل سمعتها.

عودة «داعش» والاستقرار السياسي
في نفس الإطار، رسم موقع بلومبيرج الأمريكي خريطة شارحة، قال إنها دول يُرجّح عودة تنظيم داعش إليها؛ فظهر اسم ليبيا من بين الدول التي يمكن للتنظيم أن يعود إليها في أي وقت، فيما يربط التقرير الذي بدا لافتًا بين غياب الاستقرار السياسي في الدول التي وردت في التقرير والعودة التدريجية للتنظيم الذي يؤكد التقرير أنه فَقَدَ العديد من قدراته وإمكانياته التي تتيح له العودة بالصورة التي عرفها العالم قبل سنوات.
وبحسب التقرير فإن الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر قد ألحق هزيمة بتنظيم داعش ومجموعات إرهابية أخرى في عدة مدن ليبية، لكنه يعتقد أن هذه الهزيمة لم تكن تامة وكاملة، بالنظر إلى غياب الاستقرار السياسي، وضعف الأوضاع الأمنية التي يمكن أن تُشكّل لعناصر تنظيم داعش الفارة من مصر وتونس والعراق وسوريا نقطة جذب إلى ليبيا مجددًا.
في السياق نفسه، روى ماتيو باكستون، المتخصص في قضايا الدفاع ومراقب للمنظمة الإرهابية، كيف أن التنظيم الجهادي قد عاد بالقوة من خلال اللعب على التنافس بين أطراف الصراع في البلاد، وتجلى ذلك في أعقاب الإعلان عن عملية «طوفان الكرامة». وعن كيفية العودة، فإن التنظيم يسيطر بدعم من القبائل العربية المحلية على نقاط وصول المهاجرين، الذين يمرون بليبيا في طريقهم إلى أوروبا؛ ما يسهل تجنيد المقاتلين الأجانب، وهو الأمر الذي ساهم في بقاء «داعش» في فزان، والصحراء المحيطة بسرت، نحو بني وليد، ووادي زمزم. وتمكن «داعش» من تسريب الانغماسيين والسيارات المفخخة بمساعدة قواعد التنظيم، في جنوب ليبيا وجنوب سرت وحول بني وليد إلى طرابلس؛ من أجل تنفيذ هجمات إرهابية، وشن غارات على مراكز الشرطة الصغيرة على هوامش المناطق التي يسيطر عليها، وإقامة نقاط تفتيش على الطرق، ولاسيما على الطريق الساحلي شرق سرت وجنوب أجدابيا، إضافة إلى التمكن من تنفيذ عمليات عن بعد.
وعن دوافع التنظيم للبقاء في ليبيا، فيعتقد أن داعش يريد الانتقام من الليبيين الذين كانت بلادهم أول دولة تلفظ التنظيم خارج أراضيها قبل نحو عامين حينما طُرِدوا من سرت أولًا التي أقاموا فيها دولة لهم، ثم بنغازي التي لم يجد فيها التنظيم أي حاضنة أو مظلة له.