رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

كاهن بالبطريركية اللاتينية بفلسطين يتحدث حول حكمة الصوم المقدس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الأب لويس إبراهيم كاهن بالبطريركية اللاتينية بفلسطين، لاشك أن بداية فترة الصوم المقدس بالكنائس تدفع البعض لطرح تساؤلات عديدة عن حكمة الصيام ولماذا الصوم؟.. وكيف يتم تحديد الأصوام؟ ومَنْ وضع أصولها؟، وهل هى إلزامية أم لا؟، ولما لما ترد بالكتاب المقدس؟، وهى أسئلة يبذل الكهنة والخدام جهودًا للإجابة عليها ليمكن للصائم أن يحقق الفائدة الروحية القصوى من الأمر.
وأضاف ابراهيم بان القديس باسيليوس الكبير يؤكد علي أن الصوم شريعة إلهية إذ هى الوصية الأولى فى الكتاب المقدس: «وأَمَّا شَجَرَةُ مَعرِفَةِ الخَيرِ والشَّرّ فلا تَأكُلْ مِنها، فإنَّكَ يَومَ تأكُلُ مِنها تَموتُ مَوتًا» (تكوين ٢: ١٧)، وثبت السيد المسيح وصية الصوم بقوله: «سَتَأتى أَيَّامٌ فيها يُرفَعْ العَريسُ مِن بَيْنِهم، فَحينَئذٍ يَصومون» (متى ٩/١٤)، والصوم هو شكل من أشكال التوبة الذى يعبر عن الارتداد فى علاقة الإنسان مع الذات والله والآخرين.
ويؤكد الأب لويس، أن للصوم وجهين، جسدى وروحي، الجسدى هو أن يعرض الإنسان ذاته عن العواطف المنحرفة، ويكبح الرذائل، وسيما كبرياءه، ويمكنه من السيطرة على غرائزه من حرية القلب ومغريات العالم كى تجدد روحًا ونفسًا، ويتعلق قلبه بالله، لذا فالصوم لا يقوم على الفم فحسب، وإنما العين والأذن والقدمين واليدين وكل أعضاء الجسم، ولا يقوم على التبدل الذى طرأ على طعامنا فقط بل على قلبنا. فمن يستطيع أن يسيطر على الأشياء المسموحة، يستطيع أن يسيطر على الأشياء الممنوعة، فالصوم يتطلب جهدًا يقوم بقهر الإنسان لذاته، بغية التقرب من الله ومن البشر، إذ أن «الرُّوحُ مُندَفع وأَمَّا الجَسدُ فضَعيف» (متى ٢٦: ٤١).
أما الوجه الروحى للصوم فهو الامتناع عن الخطيئة، هو موقف القلب المتواضع التائب، الرحيم، الشفيق، الذى يسعى لتجديد علاقة مع الله، كما يقول يوئيل النبى «مَزِّقوا قُلوَبَكم لا ثِيابَكم وأرجِعوا إِلى الرَّبِّ إِلهكم فإِنَّه حَنونٌ رَحيم طَويلُ الأَناة كَثيرُ الرَّحمَة ونادِمٌ على الشَّرّ» (يوئيل ٢/١٣)، الصوم هو عدم تفكير الإنسان بالشر فى قلبه. (زكريا ٧/١ - ١٤)، الصوم هو فتح القلب وتحرره من كل شيء يمكن أن يعرقل علاقته بالسيد المسيح.
وأوضح الأب، أن الصوم ليس هدفًا بحد ذاته، وإنما وسيلة للوصول إلى الهدف إلى الله، لذا لا يمكن أن ينفصل الصوم عن ذكر الرب المحرك الأساسى له، إننا بصومنا نتجه نحو الرب بانفتاح جذرى الذى ننتظر منه كل شيء (دانيال ٩/٣)، فمقومات الصوم الكبير هى الرجوع إلى الله، وطلب رحمته بكل لجاجة من خلال أعمال التوبة والصلاة والصدقة، وبالطبع هناك أعمال روحية ذات صلة بهذا المثلث وهى الاهتداء، المصالحة الغفران، محبة القريب، والابتعاد عن الكراهية والحقد والانتقام، فنحن بالصيام نعبر أن الله هو مصدر الحياة والعيش وليس الخبز واللحم، «مَكتوبٌ، لَيَس بِالخُبزِ وَحدَه يَحيا الإِنسان». 
وأشار الأب، إلى أن الصوم هو زمن العودة إلى بعضنا البعض بأفعال المحبة والصدقة والرحمة وبالمصالحة، فالصدقة هو موقف القلب الرحيم الشفيق، الذى يسعى لتجديد علاقة مع الآخرين، فلا حب بلا تضحية، والتضحية بلا حب أمر خارجي، فالصيام وحده لا يوصلك إلى السماء، بل يلزمك لتصعد إليها على أجنحة المحبة، وبالصوم يشعر الإنسان بالجوع وبالتالى مع الجائع، ما نصوم عنه ليس من حقنا، وإنما هو من حق الفقير، ما تحرم نفسك منه، قدّمه إلى شخص آخر، الصوم المقبول عند الرب يقول اشعياء النبى «أَلَيسَ هو أَن تَكسِرَ للجائِعِ خُبزَكَ وأَن تُدخِلَ البائسينَ المَطْرودينَ بَيتَكَ وإذا رَأَيتَ العُرْيانَ أن تَكسُوَه وأَن لا تَتَوارى عن لَحمِكَ؟» (اشعياء ٥٨/٦)، الصوم كالطير لا يطير إلا بجناحين الصلاة والصدقة، هذا هو الصوم الذى يفضّله الربّ: الصوم الذى يظهر له أيادٍ مليئة بالحسنات وقلبًا ممتلئًا بحبّ الآخرين؛ صوم مليء بالطيبة.