الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الثالثة فجرا، غاب الدفء المعهود عن سماء أسوان، الصقيع يحيط بنا من كل ناحية، أربعة أيام بدون نوم، وسبقها شهر تجهيز استعدادا لخوض المنافسة، الجميع يستعد، يضع نصب عينيه حلم الوصول للمراكز الأولى، القادة كلماتهم مازالت تطمئن قلوبنا حتى بعد أن مر أكثر من عام، نزداد إصرارا وعزيمة، كان أول الحضور قائد الكتيبة كان وقتها يحمل رتبة رائد، بدا صوته كأنه سكينة على القلوب:" الرجالة فين" لم ينته من كلمته حتى حضرنا جميعا، في صوت واحد:" نحن على العهد ياقائد" أخبرنا أن قيادة الفرقة تعول علينا أن نحمل راية النصر ونفوز بالمسابقة بين كتائب الدفاع الجوي، بدأنا في ترديد نشيد الجيش الذي كان يجعل قلوبنا تنتقل يمينا ويسارا من شدة الحماسة، كل ذلك ربما يكون شيئا عاديا، بدأ سباق الجري الذي تتعدى مسافته 10 كيلو مترات، وقبل السباق أصيب زميل لنا في قدمه، ورفض أن يتم استبعاده، وبعد إلحاح على القادة بأنه قادر على خوض السباق وافقوا بعد إصراره الشديد كانت كل الأنظار تتجه إليه ربما لن يكمل خمسة أمتار ويعود إلى صوابه، ولكنه كان يمتلك عزيمة تخر منها الجبال! كسر حجز اليأس ونسى ما أصابه في قدمه وحدثت المفاجأة بأنه كان أولنا وصولا، وعندما وصل إلى النهاية سقط مغشيا عليه! 
بعد أن آفاق قال كنت أقول كيف لهؤلاء في سيناء يواجهون الموت وأنا لا استطيع أن انتصر على إصابة في قدمي! وقتها تحول الألم إلى أمل، وقال بلكنته الجنوبية المميزة:" يافندم إحنا نحارب ولو ب "رجل" واحدة محدش يخاف على مصر طول ما فيها جندي شايف حياة بلده أهم من حياته".
هؤلاء الذين تربوا في قلعة الوطنية، وهم يروا أصدقائهم على شاشات التلفاز يناضلون أمام قلة خسيسة، يهرولون الشبان إلى الموت وكأنهم يذهبون إلى حفلات زفافهم، أمة زأرت وهزت الدنيا ضد إرهاب خونة، تنبهت بعدما كانت في غفلة، صورة هؤلاء الشبان قبل استشهادهم على أيادي الغدر منظر لشعب يبعث من جديد، دعوات أهلهم وصبرهم يدعوا بلد بأكمله أن يهب من نومه ليؤدي صلاة الجهاد، لا تخافوا على بلد تتحول فيها النساء إلى أبطال وهن يودعن أبناءهن الشهداء بالزغاريد ويقدمن كل ما يمتلكن من أجل الوطن فلذة أكبداهن، لا تخافوا على بلد يستشهد شبابها على صوت الرصاص وهم يهتفون " تحيا مصر" ستحيا مصر برجالها الذين صدقوا وأبطالها الذين ضحوا.