الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"أجراس الميلاد" تدق في "الفاتيكان".. ومن مصر محبة وسلام

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اليوم تدق أجراس الميلاد حول العالم، وتحتفل الكنائس الكاثوليكية، والكنيسة الرومية الأرثوذكسية فى مصر بعيد الميلاد المجيد فى 25 ديسمبر من كل عام، بإقامة القداسات والصلوات داخل الكنائس.
وترأس الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الأقباط الكاثوليك فى مصر، قداس عيد الميلاد مساء أمس الإثنين، بكنيسة السيدة العذراء بمدينة نصر، فيما يترأس البابا ثيودروس الثانى بابا الإسكندرية وسائر أفريقيا للروم الأرثوذكس قداس الميلاد صباح اليوم الثلاثاء، بكاتدرائية القديس نيقولاوس بالحمزاوي.
اختلاف الاحتفال بعيد الميلاد يرجع للقرون الأولى من المسيحية، فبحسب مجمع نيقية، والذى انعقد عام ٣٢٥ ميلادى كان الميلاد يوم 29 كيهك، وكان هذا اليوم يوافق 25 ديسمبر من كل عام حسب التقويم الروماني، حيث يكون عيد ميلاد المسيح فى أطول ليلة وأقصر نهار فلكيًا. 
ولكن فى عام 1582 خلال حبرية البابا جريجورى، بابا روما، لاحظ العلماء أن يوم 25 ديسمبر ليس فى موضعه أى أنه لا يقع فى أطول ليلة وأقصر نهار، بل وجدوا الفرق عشرة أيام.
ولاحظ العلماء أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية أى أقل من طول السنة السابق حسابها حسب التقويم اليولياني، بفارق 11 دقيقة و14 ثانية، ومجموع هذا الفرق منذ مجمع نيقية عام 325م حتى عام 1582 كان حوالى عشرة أيام، فأمر البابا جريجورى بحذف عشرة أيام من التقويم الميلادى (اليولياني) حتى يقع 25 ديسمبر فى موقعه، كما كان أيام مجمع نيقية، وسمى هذا التعديل بالتقويم الغريغوري. 
ولكن لم يعمل بهذا التعديل فى مصر إلا بعد دخول الإنجليز إليها فى أوائل القرن الماضي، وفى تلك السنة أصبح 29 كيهك، والذى يتزامن مع الميلاد يوافق يوم 7 يناير بدلا من 25 ديسمبر كما كان قبل.

«البوابة» تنشر رسائل البطاركة فى عيد الميلاد. 
بطريرك الروم: الميلاد صفحة ناصعة البياض فى حياة الإنسانية
البابا ثيوذورس: أمام مذود المسيح كل شيء يتغير
ثيوذورس الثانى برحمة من الله بابا وبطريرك الإسكندرية وسائر أفريقيا إلى رعايا العرش الرسولى البطريركى فى الإسكندرية، نعمة ورحمة وسلام من المولود فى بيت لحم ربنا ومخلصنا يسوع المسيح.
إن عيد الميلاد ليس فقط صفحة ناصعة البياض فى حياة الإنسانية منذ القدم، وليس أيضًا مجرد احتفال جميل يعطر رونقًا لواقعنا، لكنه حدث يهدف إلى المستقبل والأزلية، حيث حياتنا الموضوعة والتى نحاول أن نجسد السبل لتحسينها والأسباب لتبريرها.
إن هذا الحدث الجليل المتمثل فى ميلاد المسيح الذى تم قبل ألفى عام فى الأراضى المقدسة هو حدث فريد من نوعه وهذا يظهر بوضوح من خلال الإمكانيات والفرص التى منحنا إياها.
فلقد التقت السماء والأرض، الملائكة والتراتيل والنجم أيضًا وعندها اتحد الرب بالإنسان كإله متجسد ليس للدينونة ولكن للمعرفة، ليس للتاريخ ولكن من أجل الخلاص، ليس للرفض ولكن من أجل المصالحة.
أمام مذود المسيح كل شيء يتغير، فالأقوياء ضعفاء، والأغنياء فقراء، والحكماء جهلة، يدرك الجميع ضعف مكانتهم وقلة حيلتهم، ويدركون أيضًا نقصهم وهشاشة قوتهم، حيث إن المسيح نفسه قد تنازل وأصبح فردا منا وشخصا مثلنا، عندها ضاعت قيمة الألقاب وزال مجد المراكز وقوة المناصب.
لا تحتفل أفريقيا بهذا اللقاء بين الله والإنسان فقط فى الخامس والعشرين من شهر ديسمبر من كل عام، ولكن تحتفل به فى كل دقيقة ولحظة، تتحول كل زاوية بها إلى مغارة متواضعة يولد بها المسيح خادمًا متواضعًا وناقلًا لرسالته المنبثقة منه، وهى رسالة السلام والتعاون المشترك بين الله والإنسان، وبين الإنسان وأخيه الإنسان كعائلة واحدة فى الكنيسة.
يأتى نجم السماء فى تلك الليلة ويسطع بنوره فى قلوب كل هؤلاء الذين يعملون ليلًا ونهارًا فى حقل الأرثوذكسية هنا على أرض هذه القارة الأفريقية ويلهم أرواحًا كثيرة ويحثها على العمل وأن يتعلموا إنجيل الرب بدون تمييز وتفرقة، هؤلاء هم الذين يدعمون العمل التبشيرى والتعليمى والإنسانى والاجتماعى لبطريركيتنا والذى تستفيد منه آلاف النفوس كل يوم، بمعرفتهم وتعبهم يولد المسيح فى قلوب أناس آخرين، وينال عملهم آلاف البركات من الرب المتجسد.
من خلال خبرتى الشخصية كبطريرك لهذا العرش الرسولى المرقصي، ونيابة عن كل كهنتنا من جميع الدرجات الكهنوتية والعلمانيين أيضًا أعلن أن الفرح الذى نشعر به والظاهر فى قلوبنا يجعلنا نشعر بأن ميلاد المسيح هو حقًا اليوم وأتوجه بخالص الشكر والامتنان لكل السلطات الحكومية التى تقدم لنا المساعدة وتفرح لكل ما نقدمه لسكان هذا الجزء الجميل من الكوكب.
نؤمن ونقدم المسيح الذى يلتقى بكل من يرغبون به، ويقوى كل من يتبعونه، ويعلن نفسه لكل من يؤمنون به، أن عيد الميلاد لبطريركيتنا ليس عبارة عن تذكار مقدس لحدث تاريخى أو ساعة لتبادل التهاني، أو فرصة من أجل التذكير بل هو حدث ذو استمرارية وحيوية وتربوية عندها الإرادة تمتلك البراهين وتحافظ على حقها فى استمرارية العمل من أجل تحويل كل مبادرة تبشيرية إلى ميلاد للمسيح، وكل مكان إلى بيت لحم، وكل قلب إلى مغارة.

بطريرك الكاثوليك: البشرية فى حاجة ملحة للسلام
البطريرك إبراهيم إسحق: نتحد مع البابا فرنسيس للصلاة من أجل شرقنا العزيز
من البطريرك إبراهيم إسحق بنعمة الله، بطريرك الإسكندرية وسائر الكرازة المرقسيّة للأقباط الكاثوليك، إلى إخوتنا المطارنة والأساقفة، إلى أبنائنا الأعزّاء القمامصة والقساوس، الرهبان والراهبات والشمامسة، وإلى جميع أبناء الكنيسة القبطيّة الكاثوليكيّة فى مصر وبلاد المهجر. النعمة والبركة والسلام فى المسيح ملك السلام «المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وفى الناس المسرة» ( لوقا 2: 14) بتلك الكلمات استهل البطريرك عظته فى ليلة الميلاد.
وأضاف ما الذى يحتاج إليه الإنسان والأسرة البشرية، حاجة ماسة وملحّة ومتصلة؟ إنها الحاجة إلى السلام، فهو هبة من الله لكل إنسان نقى القلب وهو الدليل الأكيد على حضوره فى قلب الإنسان. السلام هبة الله وعمل البشر «طوبى لصانعى السلام فإنهم أبناء الله يدعون» (متى5: 9)، هو عطش روحى دائم بدونه لا تستقيم حياة الإنسان، وهو غاية الحياة وسبيلها إلى الارتقاء والتنمية، فلا حضارة ولا أمن ولا استقرار دون سلام حقيقي.
أولًا: السلام مهدّد من اللامبالاة
اللامبالاة هى موقف من يُغلق قلبه حتى لا يضع الآخرين فى عين الاعتبار، ويغلق عينيه حتى لا يرى ما يحيط به، فلا تلمسه مشاكل الآخرين، وللأسف فى عصرنا تخطى هذا الموقف الإطار الفردى ليأخذ بعدًا عالميًا.
إنَّ أول مظاهر اللامبالاة هى تجاه الله، والتى منها تنبع اللامبالاة تجاه القريب والخليقة. يمر عالمنا المعاصر بموجات تحاول أن تطفئ نور الله فى أعماق الإنسان، فهناك دعوة إلى الحياة من أجل الحياة فقط، فلا دينونة ولا مكافأة للصالحين، إذ يعتقد الإنسان أنه صانع ذاته وحياته والمجتمعَ، وبالتالى بأنه مكتف ولا يدين لأحد بشىء إلا لنفسه، ويدّعى أنه يملك حقوقًا فقط، وهناك من لا يرى فى الإنسان إلا حزمة غرائز تنهش وجدانه وتزلزل كيانه، ناسيًا أنه مخلوق على صورة الله ومثاله، خلقه الله عن محبة وأحبه لذاته ومصيره اليه.
أمَّا اللامبالاة تجاه القريب فلها وجوه متعددة، هناك من هو مطلع بشكل جيد، يستمع ويقرأ ويشاهد البرامج، لكنه يقوم بذلك بطريقة فاترة، وكأنه فى حالة إدمان؛ بمعنى أنه يعرف ما يصيب البشر من مآس، ولكنه لا يشعر بها، ويبقى نظره وعمله موجهان إلى نفسه فقط. إن نمو المعرفة والمعلومات فى زمننا لا يعنى بحد ذاته الاهتمام بالمشاكل، ما لم يرافقه انفتاح الضمير، أى أن يتحول إلى تضامن حقيقيّ.
وجه آخر من اللامبالاة من يفضل عدم البحث وعدم الاستعلام، عائشًا فى رفاهيته وراحته غير مبال لصرخة ألم البشرية المعذبة، كما لو كان كل شىء هو مسئولية غريبة ليست من اختصاصه كيف يمكن للإنسانيّة أن تمتلك سلامًا حقيقيًّا، وغالبية البشر فى فقر وألم وعوز، وربما فى جهل. يقول الوحي: «العدل والسلام تلاثما» (مز 85: 10) فلا سلام دون حياة صالحة، ولا حياة صالحة بارة دون تضامن حقيقيّ.
أما اللامبالاة تجاه الطبيعة، فإن تلوث الماء والهواء والاستغلال العشوائى للخيرات ودمار البيئة هى غالبا ثمرة لا مبالاة الإنسان تجاه الآخرين. فكل شئ مرتبط ببعضه البعض.
هناك ارتباط وثيق بين تمجيد الله وسلام البشر على الأرض، لأن اللامبالاة تجاه الله والقريب تسبب انغلاقًا وتهربًا من الالتزام، وبالتالى غياب السلام مع الله والقريب والخليقة.
ثانيًا: طوبى لصانعى السلام فإنهم أبناء الله يدعون
إنَّ قيم الحرّيّة والاحترام المتبادل والتضامن، يمكن نقلها منذ سنوات الطفولة الأولى، فإن كل بيئة تربوية يمكن أن تكون مكانًا للحوار والإصغاء، يشعر فيه الشباب بقيمة قدراته وغناه الداخلي، يتعلم كيف يتذوق الفرح النابع من العيش اليومى للمحبة للقريب، ومن المشاركة فى بناء مجتمع أكثر إنسانية وأخوة. 
تشّكل العائلة المكان الأول لزرع ثقافة السلام والتضامن؛ حيث تعاش وتنقل قيم المحبة والأخوة والتعايش والاهتمام بالآخر، إن العائلة كما يشير سينودس العائلة وسينودس الشباب هى البيئة المميزة لنقل الإيمان، بداية من أولى بودار التقوى البسيطة التى تعلمها الأمهات لأبنائهن.
يتعلق الأمر بعد ذلك بالمربين والمكونين فى المدارس ومراكز التجمعات للأطفال والشباب، وعلى هؤلاء أن يدركوا أنّ مسئوليتهم تتعلق بالأبعاد الروحية والخلقية والاجتماعية للشخص.
أما العاملون فى الحقل الثقافى والإعلامى ووسائل الاتصالات الاجتماعية، فإن مسئوليتهم كبيرة فى مجال التربية والتنشئة نظرًا إلى اتساع إمكانية الدخول الى هذه الوسائل، ويقوم واجبهم فى أن يضعوا أنفسهم فى خدمة الحقيقة لا المصالح الخاصة، فالتربية تؤثّر إيجابا أو سلبّا على تنشئة الأجيال كلها.
ثالثًا: المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السّلام وفى الناس الفرح والمسرة 
«لا تضطرب قلوبكم ولا تجزع، سلامى أعطيكم، ليس كما يعطى العالم أعطيكم...» (يوحنَّا 27:14) هذه كلمات السيد المسيح إلى تلاميذه؛ وكذلك بعد القيامة بادرهم بقوله «السلام لكم» فى كل مرة يظهر لهم (يوحنَّا 20:19-21). وفى بشارته لمريم بادرها الملاك بقوله «السلام لك يا مريم» وبالتالى افرحى يا مريم، لأن السلام يولد الفرح، كما يقول القديس أغسطينوس: «لا توجد كلمة تبعث فينا السرور وتهزنا من الأعماق عند سماعها أكثر من كلمة السلام».
والقديس بولس فى أغلب رسائله يبدأها «النعمة والسلام من الله الآب ومن ربنا يسوع المسيح «1كورنثوس 3:1؛ غلاطية3:1» فسلام الله يفوق كل عقل (فيلبى 7:4).
ولكنّ السلام مسيرة حياة، تبدأ من قلب الإنسان التائب عندما يكتشف المتناقضات فى داخله؛ بين الرغبة فى النمو الذاتى والغيرة من الآخرين، بين فهم الوداعة والاعتقاد بأهمية القوة والسلطة، يبدأ السلام عندما يعترف الإنسان بوجود عدم قبول لبعض الأشخاص لاختلافهم عنه، وعندما يكتشف مشاعر عنف تجاههم ورغبة فى رد الضربة بأشّد منها، خاصة تجاه مَن أساءوا إليه وجرحوه.
إنّ طريق السلام يبدأ حين يقبل الإنسان ذاته ويثق بأنّ الله يحبه كما هو، ويدعوه إلى التصالح مع غضبه وتاريخه وصعوباته، وإلى خلق جسور تفاهم وتقابل بين الناس فلا يتحول الاختلاف إلى صراع ونزاع، ولا يصبح العنف حلًا للخلافات، فإنّ الإنسان الآخر أهم من موضوع الخلاف، لن يسعنا أن نكون صانعى سلام إلا بالتأمل فى شخص الرب يسوع صاحب هذا العيد وفى كلماته وأفعاله، وبفضل صلاة صادقة حارة وملحة لننال نعمة السلام فى قلوبنا.
هذا هو عيد الميلاد الذى نحتفل به، فالمجد لله بتجسد الكلمة الأزلي، وعلى الأرض السلام بشريعة المحبة، وللإنسان الفرح والمسرة لمحبة الله له.
نرفع صلاتنا متحدين مع قداسة البابا فرنسيس الذى يصلى من أجل شرقنا العزيز، وبدأ زيارته لمنطقتنا العربية مصر وقريبًا الإمارات.... ليؤكد وحدة الجنس البشري، فليبارك الرب خطوات المحبّة والسّلام. نتحد مع الآباء المطارنة وكُلّ بطاركة وأساقفة كُلّ الكنائس فى الصّلاة والفرحة. من هذه الكنيسة نصلى من أجل وطننا الغالى مصر، ومن أجل سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى ونبعث إليه برسالة محبّة وتقدير على جهوده من أجل نهضة مصر وازدهارها وبناء السلام فى العالم. تحية إلى قواتنا المسلحة ورجال الشرطة وإلى كل شرفاء هذا الوطن، ولا ننسى شهداءنا فهم إكليل مجد للحاضر والمستقبل. نصلى من أجل الأمهات والآباء الذين يسهرون على تربية أبنائهم ويبذلون حياتهم لبناء مستقبلهم، ونبعث رسالة المحبة والسلام الى أبنائنا فى بلاد المهجر ونقول لهم إنّ مصر بخير وفى طريق التقدم والبناء. تهنئة وبركة إلى كل الشباب الذى كان موضوع صلاة وتفكير ودراسة سينودس الأساقفة الكاثوليك فى أكتوبر الماضى بروما، وستواصل الكنيسة الكاثوليكية فى مصر بتكريس عام ٢٠١٩ للصلاة والعمل مع الشباب ومن أجله. فباسم الكنيسة نؤكد لهم أنهم جزء أساسى وحيوى منها وكما أنّ لهم حقوقًا فعليهم مسئولية، تحية لكل الشباب الذى يتحد للقيام بأعمال تضامن وبناء لفائدة القريب المحتاج، لأنهم كفاعلى سلام سيدعون أبناء الله (متى9:5). فى الختام أجدد الدعوة لعدم فقدان الرجاء بنعمة الله وقدرة الإنسان على تخطى الشر وعدم الاستسلام، فهيّا نتغلب على اللامبالاة ونكسب السلام.